مقالات مختارة

إسرائيل في معادلة التدخل الروسي بسوريا

منار الرشواني
1300x600
1300x600
تماماً كما في تبرير مجازر إيران في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن، يصر أنصار نظام بشار الأسد على حق طهران في مساندة هذا النظام -مباشرة وعبر مليشياتها الطائفية متعددة الجنسيات- في قتل الشعب السوري بدعوى "المقاومة والممانعة" وتحرير فلسطين. الآن، هل يبدو ممكنا تبرير حضور روسيا بشكل مباشر عسكريا في سوريا، بأن موسكو قررت أيضا المساهمة في تحرير "الأقصى" وكل فلسطين، ربما؟ لا شيء يبدو مستبعدا أو غريبا على الأسد وأنصاره، طالما أن الهدف هو الدفاع عن قتل مئات آلاف السوريين، وتهجير ملايين آخرين، مع أن أشد مؤيدي الأسد لا يستطيعون إنكار استبداده وفساده على امتداد قرابة نصف قرن.

لكن بعيدا عن الذرائع المهترئة للدفاع عن الأسد؛ باعتباره "مقاومة وممانعة" (كما أنه بشخصه هو الدولة السورية، وصولا إلى أن إرهابه أخف من إرهاب "داعش" أو للدقة أكثر انصياعا للأوامر الغربية)، يظل العامل الإسرائيلي حاسما في تفسير دوافع وأبعاد القرار الروسي بالتدخل مباشرة في سوريا.
فالآن، وبحكم وجود منظومة صواريخ روسية متقدمة مضادة للطائرات، بحسب ما نقلت تقارير إعلامية، فإنه لم يعد بمقدور الطيران الإسرائيلي مواصلة ممارسته التاريخية بقصف مواقع عسكرية في سوريا، على الأقل ليس بالسهولة السابقة. ومن هذه المواقع خصوصا ما تقول تل أبيب إنها تتضمن شحنات أسلحة موجهة لحزب الله عبر الأراضي السورية. وليكون هناك، إزاء ذلك، أحد خيارين رئيسيين لدى إسرائيل.

الأول، ضمانات روسية تم تقديمها أو سيتم تقديمها لإسرائيل بتولي روسيا ذاتها ضبط هذا الأمر، فلا يتم نقل أي سلاح عبر الحدود السورية-اللبنانية، وإلا فضرورة التنسيق مع موسكو لتنفيذ ضربات إسرائيلية. وهذا يعني بالتالي أن روسيا لا تتدخل في سوريا بالتنسيق، أو بالتنسيق الكامل مع إيران، بل على حسابها، ولو إلى حد ما.

أما في حال عدم وجود السيناريو السابق، بمعنى أن التدخل الروسي جاء استكمالا للدور الإيراني، وبتوافق تام بين موسكو وطهران، فيكون الخيار أو السيناريو الثاني أن تلجأ إسرائيل إلى نقل عملياتها العسكرية إلى داخل الحدود اللبنانية، بدعوى نقل سلاح جديد لحزب الله. وقد جربت إسرائيل ذلك مرة على الأقل.

رغم ذلك، يظل ثمة سيناريو ثالث، غير مستبعد أبدا، وهو التنسيق بين الأطراف الثلاثة، روسيا وإسرائيل وإيران/ حزب الله، لمنع أي صدام بينها داخل سوريا أو لبنان. وهنا يمكن استذكار تطمينات الحزب لإسرائيل بعدم رغبته في توسيع المواجهة معها عقب رده المحدود جدا على قتل إسرائيل عددا من قيادات حزب الله، ولواء إيراني في هضبة الجولان السورية. وسبب احتمالية هذا التنسيق أن هذه الأطراف جميعا تلتقي على مصلحة بقاء بشار الأسد؛ باعتباره الغطاء الوحيد للتدخل الروسي والإيراني، فيما هو بالنسبة لإسرائيل، وبعد أن كان الضامن لأمن حدودها، يسمح باستمراره في الحكم بتدمير سوريا واستنزاف الجميع، وبالتالي تمكين إسرائيل من مواصلة سياساتها بالتهويد والاستيطان في فلسطين بهدوء وثبات.



(نقلا عن صحيفة الغد الأردنية)
التعليقات (0)