مقالات مختارة

الاحتلال والاستبداد.. يدينان الإرهاب!

منار الرشواني
1300x600
1300x600
كتب منار الرشواني: صار مألوفا تماما أن يتقدم كل من بنيامين نتنياهو وبشار الأسد صفوف من يدينون العمليات الإرهابية التي تطال العالم الغربي تحديدا. وللأمر تبريره الواضح، والذي يكشف فعليا، في الوقت نفسه، عن السعادة، ولا شيء سواها، بسقوط الضحايا المدنيين الأوروبيين والأميركيين؛ وذلك عبر ادعاء الطرفين أنهما الأسبق إلى خوض الحرب على الإرهاب، نيابة عن دول العالم أجمع، وبحيث يجب على هذه الدول الآن الانضمام إليهما، وبشروطهما طبعا، وليس العكس.

إذ كما أن الإرهاب بالنسبة لنتنياهو هو ذاك الذي يمارسه الفلسطينيون فقط دفاعا عما بقي من أرضهم المحتلة، وأي من حقوقهم المهدرة المستباحة، فإن الإرهابيين بالنسبة للأسد هم أيضا كل من يرفضون سياساته الدموية، سواء جاء هذا الرفض بوسائل سلمية أم بحمل السلاح! ومن ثم، يكون مطلوبا من الغرب خصوصا، بفضل وقع الصدمة المتأتية من وصول الإرهاب إلى عقر داره، تبني تعريف نتنياهو والأسد للإرهاب، ومن ثم إطلاق يديهما، من دون اعتراض، للقتل والتهجير في فلسطين وسورية.

وإذا كان مثل هذا الـ"لامنطق" يبدو متوقعا من نتنياهو والأسد ومؤيديهما، فإن العالم يعرف، أقر بذلك صراحة أم لا، بأن هذا هو وصفة الخراب لمزيد من الإرهاب، انتشارا ودموية. فحتى رئيس الوزراء البريطاني إبان غزو العراق، توني بلير، يعترف أن "الاحتلال" كان مسؤولا عن نشوء تنظيم "داعش". فيما لا ينكر أتباع الأسد، أيضا، أن سياسات إيران الطائفية الإقصائية ما بعد الغزو، من خلال رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، قد أمدت التنظيم بأسباب القوة والصعود، ومن ثم التمدد خارج العراق.

وهي طبعا إيران ذاتها التي تُبقي الأسد في كرسيه، من خلال مليشيات طائفية، ومذابح جماعية.

بالتأكيد سيُقال إن قضية احتلال فلسطين، بخلاف احتلال العراق، ليست محركا للجماعات الإرهابية أو إحدى أدواتها في التجنيد والتعبئة، لاسيما تنظيم "داعش"، وعلى ذلك تشهد أدبياته وتصريحاته. لكن من قال إن "داعش" يحمي السُنّة في أي مكان؟ بل إن جرائمه لا تطال فئة قدر السُنّة في العراق وسورية على حد سواء، وهم لذلك أكثر ضحايا التنظيم عددا. المسألة، باختصار، هي توفر "الذرائع" التي يستخدمها "داعش" وأشباهه، تماما على نحو ما استخدمتها في مرحلة سابقة تنظيمات إرهابية مناقضة تماما في الأيديولوجيا المدعاة من قبلها (علمانية خالصة)، وستستخدمها تنظيمات أخرى مختلفة مستقبلا، من كل لون وصنف، طالما بقيت هذه الذرائع متاحة للتوظيف والاستغلال وتحقيق المكاسب، بغض النظر عن الثمن الذي يُدفع من أرواح الأبرياء.

في باريس اليوم، يلتقي الاحتلال والاستبداد على زعم إدانة الإرهاب، لكنهما من يجب أن يكونا أساسا في قفص الاتهام، بل والإدانة الناجزة.

(عن صحيفة الغد الأردنية- 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
التعليقات (0)