صحافة دولية

فورين بوليسي: برلمان مصر نكسة للديمقراطية

فورين بوليسي: برلمان مصر الجديد يقدم ورقة التين للسيسي وحكمه الشمولي - أرشيفية
فورين بوليسي: برلمان مصر الجديد يقدم ورقة التين للسيسي وحكمه الشمولي - أرشيفية
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للكاتب جهاد خليل، تحت عنوان "خطة الطريق المصرية إلى لا مكان"، عن نهاية ما أطلق عليه الجنرال السابق عبد الفتاح السيسي "خطة الطريق" وافتتاح الجلسة الأولى للبرلمان.
 
ويقول الكاتب: "اجتمع البرلمان المصري أخيرا (تحت القبة)، كما يسمي المصريون مبنى البرلمان، ولكن لم يحدث فيه الكثير من الجدل. ففي الجلسة الأولى يتوقع من النواب البصم على 241 قانونا أعلنت بقرار رئيسي خلال العامين الماضيين".

ويضيف خليل: "هذا هو أول برلمان لمصر منذ أن حلت المحكمة برلمان عام 2012، بناء على أن القانون الذي يحكم الانتخابات لم يكن صحيحا. وعندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان أكبر جنرال في الجيش، عن الإطاحة بالرئيس المنتمي للإخوان المسلمين في تموز/ يوليو 2013، وضع (خطة طريق)، وحدد فيها أهداف التحول نحو الديمقراطية، التي ضمت خططا للانتخابات البرلمانية، والتي عقدت أخيرا في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، وتم فيها انتخاب مؤيدين بالكامل للنظام، ومعظمهم مستقلون، وقلة تمثل الأحزاب السياسية. ولا يشمل البرلمان المصري على معارضة ذات معنى".

وتبين المجلة أنه "بحسب خطة الطريق، التي وضعها السيسي، فإن التحول الديمقراطي اكتمل، وفي الحقيقة  فقد اكتملت الخطة بهذا المعنى، وستكون مصر ديمقراطية بالاسم، فبرلمان مصر الخانع قد يسهل من عملية الحكم على المدى القصير، ولكنه لن يكون ميدانا فاعلا لحل الخلافات السياسية، فغياب الآراء البديلة سيعوق من تطور سياسة صحيحة قادرة على مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية، خاصة أن الضغط على هذين المجالين في تزايد". 

ويشير التقرير إلى أن "البرلمان المصري قبل الإطاحة بنظام حسني مبارك، عبر ثورة شعبية في عام 2011، كان يسيطر عليه الحزب الوطني الديمقراطي، الذي استخدم للبصم على سياسات الزعيم الشمولية، ولم يعبر عن تمثيل حقيقي للشعب. وبعد الثورة، سيطر على أول انتخابات حقيقية في خريف عام 2011 الإخوان المسلمون. وكانت مشاهدة الإسلاميين، الذين شوههم النظام باعتبارهم أعداء مصر، انقلابا مدهشا في الحظوظ، ولكنه لم يعمر طويلا".

ويذكر الكاتب أنه قد تم حل البرلمان، وبعد تموز/ يوليو 2013، حبس كل شخص منهم له علاقة بالإخوان المسلمين. وظهرت صور لخيرت الشاطر، الذي ترأس البرلمان الذي لم يعمر طويلا وهو في حالة هزال. مشيرا إلى أنه في هذه المرة صوت الناخبون لـ 568 نائبا منهم 75 كانوا ضباطا سابقين في الجيش. وكما يسمح الدستور، فقد عين السيسي 28 ممثلا للبرلمان بنفسه. 

وتورد المجلة أن المرشحين في الحملات الانتخابية تباهوا بعدم ولائهم لأي حزب سياسي، وتفاخروا بأنه لا يوجد لديهم أي منبر سياسي، باستثناء دعم سياسات السيسي. وفي الوقت ذاته شجب الرئيس وأجهزة الدولة والإعلام المملوكة من الدولة المعارضة، وبينهم منظمات المجتمع المدني والناشطون السياسيون، باعتبارهم غير وطنيين وخونة.

ويعلق التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن الثورة التي أطاحت بمبارك خلقت نوعا من حالة اللايقين الحقيقية، والنقاط التي ركزت عليها الحكومة بشكل متكرر هي التخويف من عودة الاضطرابات،  لافتا إلى أنه في جو انتخابي كهذا، فقد كان من المستحيل على أي حزب من أحزاب المعارضة الوصول إلى البرلمان. 

وينقل خليل عن باسم كامل، من الحزب المصري الاشتراكي الديمقراطي، قوله: "لا يريد المواطنون المصريون سماع كلمة (يناير) أو (ثورة يناير)"، مشيرا إلى الثورة التي أطاحت بمبارك. ففي عام 2011 كان كامل زعيما جديدا للحزب، وكان من بين الناشطين الذين أطاحوا بمبارك. واليوم ينتقد كامل الوضع، وخشية المصريين من المخاطرة بالتغيير، فهم يريدون الاستقرار الذي وعدهم به السيسي، ويضيف: "سيقولون لا، لا تنتقد السلطات".

ويعلق الكاتب بأن "برلمان مصر الجديد مليء بالنواب الموالين للنظام، فقد تم الفوز بمعظم المقاعد عبر تنافس بين أفراد، فيما تم تخصيص خمس المقاعد للفائزين في التنافسات على قوائم المرشحين. واعتبر الفائزون ضمن قائمة (في حب مصر) أنهم من عدة أحزاب متعددة، لا تجمعهم أيديولوجية معينة. وجاء معظم أفرادها من مسؤولي نظام مبارك السابق،  ودعمت القائمة على ما يبدو نظام السيسي، وحصلت مقابل ذلك على دعم النظام".

وتفيد المجلة بأن أحد أعضاء حملة السيسي الرئاسية سابقا ذكر أن الرئاسة ذاتها والمخابرات ساهمتا في اختيار المرشحين. وتحدث كامل لصحيفة مصرية قائلا إن قوات الأمن ضغطت على المرشحين للانضمام للقائمة.

ويقول المستشار السابق لحملة السيسي محمود نفادي إن الهدف هو "دعم ثورة يونيو ونتائج الثورة، ودعم مشاريع الرئيس السيسي السياسية والاقتصادية"، وهو من داعمي السيسي، ويرفض برلمانا مكونا من أحزاب سياسية معارضة ذات برامج مختلفة، حيث قال إن هذا سيؤدي إلى التحزب، ويقود إلى النزاع، وما هو مهم أن يدعم الجميع الرئيس.

ويكشف التقرير عن أن مسؤولا سابقا في المخابرات، واسمه سامح سيف اليزل، قام بتشكيل قائمة "في حب مصر". وكان اليزل صريحا في رأيه بأن برلمانا مواليا بهذا الشكل يتمتع بسلطات واسعة. 

ويلفت خليل إلى أنه "حتى قبل انعقاد البرلمان، رددت افتتاحيات الصحف المملوكة من الدولة والخاصة كلامه؛ لأن برلمانا ذا صلاحيات سيقف في طريق الرئيس. وفي الحقيقة لا توجد أي معارضة واضحة لسياسات الرئيس من بين النواب. وعلى أي حال فهناك بند في دستور مصر عام 2014، الذي تمت صياغته بعد الإطاحة بمرسي، يسمح للسيسي بحل البرلمان في حالات (الضرورة) التي لم يحددها الدستور".

وتجد المجلة أنه "تم تهميش حلفاء محتملين للنظام من أجل انتخاب برلمان مؤيد للسيسي. فالحركة الوطنية، التي يترأسها أحمد شفيق، وهو جنرال جوي سابق، وآخر مرشح لانتخابات الرئاسة، يؤيد حزبه الحكومة، وكان يمكنه أداء دور في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لكنه وجد صعوبة  بتوصيل رسالته للناخبين بسبب الإعلام المعادي. ولم يستطع الحزب  الحفاظ على دعم الناخبين بسبب تأجيل الانتخابات. كما أن قانون الانتخابات أيد المرشحين المستقلين من ذوي الدعم المحلي، بدلا من المرشحين الذين يتمتعون بالدعم الوطني وينتمون لجماعات كبيرة . هو ما دفع عدد من المرشحين للتخلي عن أحزابهم، ونزلوا مرشحين مستقلين". 

وينوه التقرير إلى أن "حزب النور السلفي، الذي خاطر ونفر قاعدته الإسلامية عندما دعم الإطاحة بمرسي ووقف مع السيسي، لم يكن لديه ما يقدمه. ورغم أنه حصل على نسبة 20%  من برلمان 2011- 2012، ولديه قاعدة تنظيمية صلبة، لكن لم يصل سوى حفنة من مرشحيه إلى البرلمان. وحذر زعيمه يونس مخيون من أن قلة التمثيل الإسلامي في البرلمان ستدفع الشباب نحو العنف".

ويعتقد الكاتب أن النواب المؤيدين للنظام ربما كانوا الخطوة الأولى لولادة الحزب المؤيد للنظام، مثل الحزب الوطني الذي تبع مبارك. ويقول جيسون براونلبي، الذي درس الأحزاب السياسية المصرية، إن هذا السيناريو محتمل؛ لأن السيسي بحاجة لحزب في المستقبل القريب. مبينا أنه مهما يكن فإن البرلمان المصري ليس انتصارا للديمقراطية بقدر ما هو انتكاسة. 

وتورد المجلة أن الباحثة في معهد التحرير مي السندي كتبت تقول إن حقيقة وجود برلمان يتوقع منه تمرير القوانين التي أصدرها السيسي دون أي نقد  "يقدم سابقة بأن البرلمان وجد من أجل تمرير قرار المدير، وهذا بدوره يسهم في بناء عملية ديمقراطية ضعيفة، ويسمح بجعل قوانين مررت لتضييق الحريات والحقوق دائمة". مشيرة إلى ان هذا سيعوق جهود الحكومة بالتصدي لمشكلات مصر الكثيرة، مثل أزمة النقد والسياحة والبنية التحتية المتداعية والفساد المستشري. 

وتختم "فورين بوليسي" بالإشارة إلى أن برلمان مصر الجديد يقدم ورقة التين للرئيس السيسي وحكمه الشمولي.
التعليقات (0)