بورتريه

يحلم بوراثة عباس في مواجهة دحلان والرجوب (بورتريه)

ماجد فرج
ماجد فرج
يحمل لقب "جنرال التنسيق الأمني" مع الاحتلال بامتياز ودن منافس، ويقود جهازا أمنيا يعيد إنتاج دور جيش إنطوان لحد في جنوب لبنان، وفقا لبعض الفلسطينيين.

قلّما يتردد اسمه على الساحة الإعلامية الفلسطينية، مقارنة بأسماء قادة أمنيين آخرين في الضفة، أمثال وزير الداخلية سعيد أبو علي، وعدنان الضميري، ومدير جهاز الأمن الوقائي زياد هب الريح.

وتعزو مصادر أمنية من الضفة المحتلة احتجابه، إلى هالة السرية التي تحيط بعمل جهاز المخابرات واللواء نفسه، فهو يحيط نفسه بحراسة مشددة، وكذلك يفعل مع أبنائه وزوجته.

ولا يحتاج رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني إلى تحقيق استقصائي لمعرفة طبيعة عمله في هذا الجهاز الذي يعمل على جمع المعلومات عن الفلسطينيين، وتقديمها على طبق من ألماس للاحتلال الإسرائيلي.

اعتاد على تكليفه بالكثير من الملفات الخارجية التي طغت عليها من السرية، وحامت حولها الشبهات.

يلاحق المقاومين بالضفة الغربية، فضلا عن ملاحقة واعتقال أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ومهاجمتهم بلا هوادة.

ماجد علي فرج، المولود عام 1962 في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، وينحدر من قرية "رأس أبو عمار" المحتلة عام 1948 قضاء القدس والحاصل على شهادة البكالوريس في الإدارة من جامعة القدس المفتوحة، لعائلة عانت من الاحتلال أشد معاناة.

كان والده علي فرج، عاملا بسيطا استشهد أثناء اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة بيت لحم عام 2002، ورحل شقيقه أمجد وهو في أواسط الثلاثينيات من العمر بعد أن كابد مرضا عضالا وكان أحد كوادر "الجبهة الشعبية" في بيت لحم، كما أن معظم أشقاء فرج دخلوا المعتقلات والسجون الإسرائيلية.

واعتقل هو في بداية المرحلة الثانوية لمدة عام ونصف، وتوالت الاعتقالات بعد ذلك وتنقل في عدة سجون، من بينها الفارعة والظاهرية والمسكوبية والخليل ونابلس وعتليت والنقب، ووصل مجموع عمليات اعتقاله لأكثر من 15 مرة بمجموع حوالي 6 سنوات في السجون والمعتقلات الإسرائيلية.

كان فرج من قيادات الأراضي الفلسطينية، ومن مؤسسي "لجان الشبيبة" الذراع النقابية والجماهيرية لـ"حركة فتح" والتي حظرت سابقا في عام 1987، وتمت تسميته في اللجان السياسية قبيل أوسلو.

التحق مع قدوم السلطة بجهاز الأمن الوقائي كمدير لأكثر من محافظة، مثل دورا وبيت لحم، إلى أن تم تعيينه مديرا لجهاز الاستخبارات العامة في عام 2009، وذلك خلفا لرئيس الجهاز السابق اللواء محمد منصور أبو عاصم، ليكون بذلك فرج رابع مدير للجهاز منذ نشأة السلطة الفلسطينية بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي ومحمد منصور.

عباس أدخل فرج إلى جهاز المخابرات قادما من الاستخبارات العسكرية، ولم يكن ولاء ضباط المخابرات يوما للرئيس عباس، لذلك ارتأى الأخير إدخال عنصر من خارج الجهاز؛ من أجل تطويعه وكسب الولاء.

كان فرج إلى جانب موقعه في إدارة المخابرات الفلسطينية، يعمل عضوا في وفد المفاوضات برفقة صائب عريقات، والتقى "الرعاة" الأمريكيين أكثر من مرة في هذا الإطار العام الماضي، وكان أيضا ضمن الوفد الفلسطيني الذي فاوض في مصر على التهدئة في غزة مع الاحتلال بعد العدوان الأخير.

لا يحظى بثقة أحد في فلسطين المحتلة، بسبب الدور الذي يقوم به في خدمة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية والغربية.

حركة حماس كشفت عن وثائق تؤكد وجود مؤامرة تستهدف الحركة، ويقف خلفها فرج نفسه، وقالت "حماس" إن بعضا من هذه الوثائق تحاول إذكاء الخصومة بين القيادة المصرية والحركة، وتقديم المواد للإعلام المصري التي من شأنها الإساءة لسمعة الحركة.

فرج ترأس وفد "فتح" الأمني في لجان المصالحة مع " حماس"، وكانت له مواقف "متشنجة ومتصلبة" إزاء الملفات الأمنية، علما بأن الملف الأمني من أكثر الملفات حساسية وتعقيدا، ومن أخطر القضايا التي يمكن أن تنفجر وتقضي على الأمل بالوحدة والمصالحة.

اعترافات خطيرة أدلى بها لصحيفة "دفنس نيوز" الأمريكية، أبرزها كانت تلك عن منع السلطة 200 عملية ضدّ الاحتلال واعتقال 100 فلسطيني، منذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وجرى الكشف عن أعمال تجسس كانت تقوم بها المخابرات الفلسطينية على عدد من الدول العربية، وإعداد تقارير سلّمت لجهات كثيرة من ضمنها إيران.

واشتهرت قصة اعتقال أبي أنس الليبي بمعاونة جهاز المخابرات الفلسطيني، وأكدت مصادر أمريكية وليبية متطابقة أن ماجد فرج حظي بتكريم من واشنطن لمساهمته بشكل كبير في توفير معلومات قيمة لوكالة "سي آي إيه"، ساعدت في تحديد تحركات أبي أنس الليبي واختطافه بعد أدائه صلاة الفجر في أحد مساجد العاصمة الليبية طرابلس من قوة كوماندوز أمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013.

يسوّقه الإعلام الإسرائيلي بوصفه بديلا لمحمود عباس الذي  أتم أعوامه الثمانين، وبعد أسابيع طويلة من البحث والتمحيص في الأسماء المطروحة لخلافة عباس، لم تجد "إسرائيل" أفضل لها من ماجد فرج لخلافة "أبي مازن".

موقع "المصدر" للدراسات البحثية الإسرائيلية نشر تقريرا له حول السلطة جاء فيه: "إن الأوساط السياسية في تل أبيب، باتت ترشح وبقوة، اللواء ماجد فرج، ليكون خليفة للرئيس محمود عباس".

وبحسب الموقع؛ فإن هذه الأوساط أكدت أن "فرج أعاد إلى جهاز المخابرات مكانته، وهي المكانة التي لم تكن فقط على الصعيد الفلسطيني الداخلي فحسب، وإنما كذلك على صعيد أجهزة المخابرات العالمية، كجهاز يمكن الاعتماد عليه والتعاون معه، في الكثير من الملفات الشائكة والحساسة".

وتعقيبا على تقارير الاحتلال حول مصير عباس، يقول شريف قاسم من حركة فتح: "بدأ الاحتلال حملته لتلميع صورة فرج بهدف وضعه مكان الرئيس عباس، لكنه غفل عن أن تاريخه الأسود لا يؤهله لشغل هذا المنصب، وأنه بمجرد رحيل عباس فسيقبع فرج في السجون، أو سيهرب إلى خارج فلسطين، جراء ما فعله بالفلسطينيين، وليس الفلسطينيين وحدهم بل العرب"، على حد قوله.

وأطلق اسم "جهاز المخابرات العامة" بعد إقامة السلطة سنة 1994، بقرار من الرئيس ياسر عرفات؛ على أثر توحد جهازي الأمن الموحد والأمن المركزي. وهو وفق القانون الأساسي تابع لمؤسسة الرئاسة، ويعيَّن رئيس الجهاز بقرار من الرئيس، وهو بدرجة وزير، ومدة تعيينه ثلاث سنوات ويجوز تمديدها لمدة سنة فقط.

ورغم أنه "الفتى المدلل" لمحمود عباس إلا أن تسريبات أمنية من داخل المخابرات العامة، كشفت أن عباس وبخ ماجد فرج بلغة عنيفة على خلفية الفضائح المتتالية للوثائق المسربة من داخل الجهاز.

 وأفادت المصادر بأن التوبيخ جاء على خلفية تسريبات إعلامية وفضائح منشورة في ما يخص أداء المخابرات، حيث خاطب عباس فرج: "جهازك مخترق تماما، نصفه لمحمد دحلان والنصف الآخر للطيراوي، ووثائقك في الشارع وبمتناول العامة".

وفي السياق ذاته، جرى الكشف عن أعمال تجسس كانت تقوم بها المخابرات الفلسطينية على عدد من الدول العربية، وإعداد تقارير سلّمت لجهات كثيرة من ضمنها إيران.

بدوره، هاجم اللواء فرج هاجم بشدة كبار مستشاري محمود عباس واصفا إياهم بـ"العواجيز الخرفانة".

وكشف فرج في اجتماع مع ضباط المخابرات الفلسطينية عن أن "الكثير من عملاء أجهزة المخابرات الدولية أو المتعاونين معهم أو الخاضعين لحمايتهم يلجأون إلينا لتزويدهم بوثائق السفر والتنقل"، معتبرا أن ذلك بحد ذاته إنجاز كبير. وإذا صحت هذه المعلومات فإن الكشف عنها سيسبب أزمة للمخابرات الفلسطينية مع بعض دول العالم لسماحها لعملاء أجهزة استخبارات باستخدام جواز السفر الفلسطيني للتنقل.

الدور الذي يقوم به ضمن "التنسيق الأمني" مع الاحتلال لم يترك له بقعة ضوء ليدخل منها إلى المستقبل الفلسطيني، رغم أن بعض الحكومات العربية ومن بينها مصر تفضل أن يكون رجل أمن في موقع رئيس السلطة.

ولا تبدو الطريق معبدة أمام فرج في مواجهة المتوثب دائما محمد دحلان، الذي يتوقع له وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين، أن يكون الرئيس الفلسطيني القادم وأن يكون الأمر بأسرع مما يتخيل البعض.

فهو بالنسبة لبيلين شخص براغماتي، ذكي، متهكم، يغير التحالفات كما يغير "جراباته" ورجل متحدث ولطيف وذو حجرة ملابس فاخرة على نحو خاص.. يجد دحلان نفسه في موقف انطلاق جيد للغاية لخلافة عباس.

ولا يبدو جبريل الرجوب بعيدا عن المشهد؛ فهو الآخر يراقب عن كثب كيف يقود محمود عباس نفسه إلى المزيد من العجز والضعف وهو يواجه صراعا  داخل حركة فتح.

ووفقا لصحيفة "لوموند" الفرنسية فإن تطلعات الفلسطينيين تجاوزت محمود عباس "العاجز".
التعليقات (0)