قضايا وآراء

100 يوم على حظر الحركة الإسلامية

توفيق محمد
1300x600
1300x600
في التاسع عشر من تشرين الثاني الماضي (19-11-2015) أقامت لجنة المتابعة خيمة مناهضة حظر الحركة الإسلامية في مدينة أم الفحم، أي بعد مرور يومين على حظر الحركة الإسلامية وحظر 17 مؤسسة من مؤسسات العمل الأهلي (لاحقا أصبح العدد 23) ومنذ اليوم الأول للخيمة أجمع كل السياسيين الذين زاروا الخيمة على أن الحظر الذي وقع على الحركة الإسلامية إنما هو المرحلة الأولى في سلسلة من مراحل تصعيد القمع بحق المجتمع الفلسطيني في الداخل.

لم يمر ثلاثة اشهر على حظر الحركة الإسلامية واذ بلعاب وشهية قائد جوقة التحريض بنيامين نتنياهو يسيل هذه المرة باتجاه مكون آخر من مكونات شعبنا الفلسطيني في الداخل وهم نواب التجمع الوطني الديموقراطي، لتقوم لجنة الآداب في الكنيست بحظر عملهم البرلماني – مرحليا – بسبب زيارتهم لعائلات الشهداء في الضفة الغربية والوقوف دقيقة حداد على أرواحهم. 

يضاف الى ذلك سلسة التشريعات العنصرية القمعية التي بدأت هذه الحكومة بسنها والتي تستهدف شعبنا وأرضنا وأهلنا بشكل خاص، ومن هنا كانت أهمية إقامة هذه الخيمة وضرورة الإبقاء على جذوتها متقدة وفعالة ونشطة. 

إن الحظر الذي وقع على الحركة الإسلامية وعلى مؤسسات العمل الأهلي التي أصبحت الآن بعد حظر الصدقة الجارية ويوسف الصديق وزهرة الكرمل، هو في واقع الأمر، ليس حظرا لإطار الحركة الإسلامية بقدر ما هو حظر للعمل السياسي والعمل الأهلي المستقل الذي كان ديدن هذه المؤسسات. 

إن الرسالة التي تسعى حكومة نتنياهو اليوم لإيصالها الى الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني مفادها مطالبتهم بالتخلي عن انتماءاتهم الدينية والقومية والوطنية لصالح كما أسماه نتنياهو وغيره من جوقته التحريضية "إسرائيليتهم"، وبمعنى آخر هو يطالبهم بخيانة قضاياهم الوطنية والقومية والدينية والتخلي الكامل والتام عن هذه الإنتماءات وثوابتها المعلومة لنا جميعا لصالح الإخلاص للقضايا التي يعسى هو الى ترسيخها، ولسان حاله ومقاله هو وسائر أعضاء جوقة التحريض إن من لا يعجبه هذا فإن سيف الحظر والعقاب سيكون له بالمرصاد. 

إن سياسة القمع والإرهاب الإسرائيلي التي باتت تمارسها هذه الحكومة بحق أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني هي سياسة غير مسبوقة، فإقدامها على عملية حظر الحركة على هذه الشاكلة هي عملية غير مسبوقة وكذلك إقدامها على حظر مؤسسات العمل الأهلي بالجملة هي عملية غير مسبوقة، وإقدامها على اعتقال السيد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا والشيخ رائد صلاح من مستشفى العفولة هو عمل غير مسبوق وهو تصعيد خطير جدا بحق مجمل أبناء الداخل الفلسطيني فالسيد محمد بركة لا يمثل شخصه الكريم فقط وإنما يمثل مجمل الجماهير العربية كونه رئيسا  للمتابعة وبالتالي فإن الإعتداء عليه على هذه الشاكلة هو اعتداء علينا جميعاً. 

إن حكومة اسرائيل تسعى الى تغيير قوانين اللعبة السياسية وقوانين العمل الأهلي، فهي باتت تصف كل من يدافع عن مقدسات الأمة وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك بالتحريض، وباتت تحظر كل مؤسسات العمل الأهلي التي تقدم الخدمات المختلفة لأبناء شعبنا والتي يستفيد من خدماتها قرابة نصف مليون شخص من أهلنا كما أعلن ذلك الكثير من المختصين الإقتصاديين الذي يتابعون هذه المؤسسات التي حظرت، وبالتالي فإن حكومة نتنياهو التي حصلت على إجماع وتأييد صهيوني لخطوتها تلك ـ لم تكتف فقط بحظر مؤسسات العمل التي حَضَرت بالضبط في الأماكن التي غابت عنها هي إنما قامت بحظر من حضر لمساعدة المعوز والفقير ، فمؤسسات مثل النقب للأرض والإنسان وإقرأ ويافا الخيرية وزهرة الكرمل والصدقة الجارية والإغاثة وغيرها... كانت تقدم المعونات والمساعدات الإنسانية والإغاثية والتعليمية والطرود الإغاثية للمعوزين والفقراء في أماكن عملها، وكان من المستفيدين من هذه المؤسسات على سبيل المثال لا الحصر عائلات يهودية في مدينة يافا. لقد غابت الدولة ومؤسساتها المعنية عن إيجاد الحياة الكريمة لمئات الآلاف من العائلات، فيما حضرت هذه المؤسسات التي قامت بحظرها ووفرت لهذه العائلات عيشا كريما، فجاءت حكومة نتنياهو بتأييد مطلق من كل مركبات الكنيست الصهيونية (المعسكر الصهيوني – حزب العمل (ما رأي اعضائه العرب !!)، ويش عتيد ..) بتأييد حرمان هذه الاسر والعائلات من المخصصات التي كانت توفيرها لها هذه المؤسسات، بمعنى آخر فإن حكومة إسرائيل تسعى لمزيد من إفقار أبناء مجتمعنا في الداخل الفلسطيني عبر عملية الحظر هذه.

أرادت حكومة نتنياهو وبإجماع صهيوني هذه المرة حظر العمل السياسي وحظر العمل الأهلي المستقل لمجتمعنا  في الداخل الفلسطيني وقد أقدمت من أجل ذلك على حظر العمل السياسي البرلماني – مرحليا - لأعضاء الكنيست من التجمع الوطني الديموقراطي قبل أسبوعين  بعد إذ حظرت الحركة الإسلامية والمؤسسات الأهلية في إشارة غير مسبوقة لتغيير قواعد اللعبة السياسية. 

لذلك كانت هذه الخيمة التي ما يزال يرتادها  المئات من أهلنا وما يزال يرتادها المحاضرون من كافة أطيافنا السياسية والأكاديمية والثقافية والأدبية ويؤدون من خلالها رسالة هامة جدا مفادها أنهم وأننا أَثبَتُ ما نكون عند انتماءاتنا الوطنية والقومية والدينية، وعند ثوابتنا المنبثقة عنها، وأننا في هذا الوطن لم نكن طارئين أو عابرين.

• صحفي وإعلامي - سكرتير حملة مناهضة حظر الحركة الإسلامية.
التعليقات (0)