صحافة عربية

"لوموند" تكشف كيف سمحت أمريكا بصعود تنظيم الدولة بسوريا

قدمت المعارضة معلومات منذ بداية نشأة تنظيم الدولة في حلب لكن واشنطن تجاهلت هذه المعلومات - أرشيفية
قدمت المعارضة معلومات منذ بداية نشأة تنظيم الدولة في حلب لكن واشنطن تجاهلت هذه المعلومات - أرشيفية
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تحقيقا تضمن شهادات أحد عناصر الجيش السوري الحر ووثائق، تؤكد أن الاستخبارات الأمريكية كانت على علم بتحركات تنظيم الدولة في سوريا، وكانت قادرة على استهدافه في عدة مناسبات، ولكنها امتنعت عن ذلك بشكل غير مبرر. ويطرح التحقيق تساؤلات حول "العلاقة الخفية" بينها وبين هذا التنظيم.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المعلومات الجديدة التي ظهرت؛ تبرز القصة المأساوية للثورة السورية خلال السنوات الخمس الماضية، حيث إن الشعب السوري الذي ثار ضد حكم بشار الأسد في سنة 2011، شاهد ثورته وهي تضيع بين مطرقة النظام وسندان "المنظمات الإرهابية"، على غرار تنظيم الدولة وجبهة النصرة.

واعتبرت الصحيفة أن الأسباب التي أدت لهذ التحول غير المرغوب لمسار الثورة السورية، وانتشار التشدد والعنف، هي بالأساس وحشية قوات الأسد والقمع الدموي الذي مارسته ضد الشعب، وتعمدها نشر الفوضى لتمهيد الطريق للمجموعات المتطرفة، بالإضافة إلى الأدوار المعقدة التي أدتها القوى الخارجية المتدخلة، وضعف المعارضة المعتدلة التي ارتكبت عدة أخطاء.

وأضافت الصحيفة أن هذه العوامل الثلاثة يجب أن يضاف إليها عامل رابع على ضوء المعلومات التي تم كشفها مؤخرا، حيث إن معارضين سوريين أكدوا أن الاستخبارات الأمريكية كانت تتلقى معلومات دقيقة حول تحركات تنظيم الدولة، إلا أنها كانت في كل مرة تقوم بتجاهلها.

وذكرت الصحيفة أن التحقيقات التي قامت بها لعدة أسابيع في تركيا، وخاصة في غازي عنتاب التي تمثل معقل المعارضة السورية في الخارج، مكنتها من جمع عدة وثائق وشهادات في هذا السياق، وهي تكشف أمرين مهمين، أولهما أنه منذ منتصف سنة 2013 كانت الأجهزة الاستخبارات الأمريكية تجلس متفرجة على صعود تنظيم الدولة شيئا فشيئا، حيث كانت تحصل على المعلومات من داخل المعارضة السورية. والأمر الثاني هو أن واشنطن لم تستعمل هذه المعلومات للتحرك بشكل إيجابي حتى بعد انطلاق حربها ضد تنظيم الدولة في سوريا في أيلول/ سبتمبر 2014، وهو ما مثّل خيبة أمل لقوى المعارضة المعتدلة التي كانت تأمل أن تستفيد من التدخل الدولي ضد الإرهاب.

ونقلت الصحيفة شهادة أحد أبرز رجال "مخابرات" الجيش السوري الحر، الذي أكد أنه في عدة مناسبات، وعلى امتداد سنتين، أرسل تقارير مفصلة إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"، جمعها عن طريق شبكة من المخبرين في الميدان، وقد تضمنت هذه التقارير منجما من المعلومات والخرائط والصور وإحداثيات "جي بي أس" وأرقام الهواتف.

ونقلت الصحيفة عن هذا الرجل، الذي أشارت إليه بحرف "م"، قوله: "منذ أن كان تنظيم الدولة يضم 20 شخصا إلى أن أصبح يضم 20 ألفا، كنا في كل مرة نحذر الأمريكيين، ولكنهم لم يحركوا ساكنا، وعندما كنا نسألهم عما يفعلونه بهذه المعلومات، كانوا يقدمون لنا إجابات غامضة، ويقولون إن تلك المعلومات كان يتم إيصالها إلى "صناع القرار".

وأكدت لوموند أنها اطلعت على بعض هذه الوثائق، وتضمنت إحداها خريطة بمواقع مكاتب تنظيم الدولة في الرقة، ونقاط التفتيش التي أقامها ومركز عملياته. كما تضمنت هذه الوثائق خطة سرية تم تجهيزها في صيف سنة 2014 بالتشاور مع واشنطن، كانت ستمكن من دحر تنظيم الدولة من مواقعه في محافظة حلب، إلا أن الأمريكيين قاموا بتأجيل هذه العملية مرارا وتكرارا ثم تمّ إلغاؤها نهائيا، وتركوا الجيش السوري الحر يواجه مصيره في هذه المحافظة.

وذكرت الصحيفة أن واحدا من أهم المخبرين الذين عملوا ضمن هذه الشبكة، كان موظفا في مكتب الشؤون المالية لتنظيم الدولة في منبج في ريف حلب الشرق، غير بعيد عن الحدود التركية. وقد كشف هذا المخبر عن وثائق تثبت أن عضو مجلس الشعب السوري وحزب البعث، رضوان حبيب، كان يرسل مبالغ مالية ضخمة لشقيقه علي، وهو أمير تنظيم الدولة في بلدة مسكنة في ريف حلب.

كما نقلت الصحيفة عن الشاهد "م" قوله إن مخبري الجيش السوري الحر نجحوا في تجهيز ملف كامل حول معسكر لتدريب مقاتلي تنظيم الدولة الأجانب في شمال محافظة اللاذقية، تضمن إحداثيات "جي بي أس" وصورا، بالإضافة إلى أرقام هواتف قياديين في التنظيم والأرقام التسلسلية لأجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية وعناوين الإنترنت التي كانوا يستعملونها، إلا أنه لم يتم قصف هذا الموقع.

وذكرت الصحيفة أنها التقت شخصا آخر عمل أيضا كهمزة وصل بين الجيش السوري الحر وأجهزة المخابرات الغربية، في مدينة غازي عنتاب، تحدث عن كيفية سقوط تدمر في يد تنظيم الدولة في تموز/ يوليو 2015.

ويقول هذا الشاهد: "كنت في ذلك الوقت في ميناء إسكندرون، وقد اتصل بي بعض معارفي الموجودين في منطقة السخنة في شرق تدمر، ليقولوا لي إن رتلا من سيارات الجيب التابعة لتنظيم الدولة كان يتجه نحو تدمر، وقد أخبرت وكالة الاستخبارات الأمريكية والبنتاغون، وقالوا لي إنهم هم أيضا كانوا بصدد مشاهدة هذا الرتل، إلا أنهم برروا عدم قصفهم بالقول إن قائد الطائرة القريبة منهم أشار لوجود بعض الأطفال على متن إحدى الشاحنات، وهو ما أثار استغراب هذا الشاهد الذي قال لهم: وماذا عن بقية السيارات؟".

وتساءل هذا الشاهد حول الأسباب التي دفعت بالولايات المتحدة للامتناع عن قصف رتل سيارات تنظيم الدولة لمنعه من السيطرة على تدمر، رغم أن الجميع كان يعلم مكان هذا الرتل ووجهته، وكان من السهل قصفه في تلك المنطقة الصحراوية المكشوفة. وقد أثارت هذه الحوادث المتكررة شكوك المعارضة السورية، حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدة في سوريا.
التعليقات (9)
فاروق قنديل . النمسا
الأحد، 27-03-2016 12:14 ص
ومنذ متى يتورع الامريكيون عن قتل الأطفال ؟ !!!!!!!!!!!!! ماذا عن قتلهم لأكثر من نصف مليون طفل في العراق وحدها عدا الرجال والنساء قبل الغزو وبعده؟ ....... من حرق أطفال ونساء ورجال وأشجار فيتنام ب(النابالم ) القنابل الحارقة المحرمة دوليا ، في الستينات من القرن الماضي !!!!!!!!؟ قال اطفال قال!!!!! ؟ كلام يُضحك الثكلى!؟
أبو ذر الحموي
الجمعة، 25-03-2016 02:41 م
في هذا المقال يتضح كيف أن النظام العالمي يفضح نفسه ويضع السم بالدسم فالتركيز على أن الجيش الحر له علاقة بالأمريكان هذا ما حرصت المخابرات الأمريكيه للترويج له حتى تعطي مبرراً لتصفية عناصره من قبل تنظيم الدولة أو جبهة النصرة أو أي فصيل إسلامي ومن جهة أخرى الإشاره الملتبسه من إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستهدف تنظم الدوله يعطي مبرراً لبقية الفصائل التي تستهدفها امريكا لمحاربة تنظيم الدولة بسبب عمالتها أيضاً
ياسمين الشام
الثلاثاء، 22-03-2016 06:57 ص
اذا اردت ان تعرف حقيقة اي تنظيم فانظر الى نتائج عمله ماذا نتج عن تنظيم الدولة ومن المستفيد المتضررون اساءة للإسلام اجرام بحق المسلمين تدميرسورية ارضا وشعبا تدميرالعراق تدميرليبيا المستفدون النظام السوري ايران اسرائيل امريكا روسيا القوى الفاسدة الانظمة الفاسدة.
مصطفى محمد
الإثنين، 21-03-2016 04:28 م
من لديه ذرة عقل يتأكد جيدا أن هذا التحقيق دليل على عمالة ما يسمى الجيش الحر وليس معنى عدم إيقاف أمريكا داعش عند دخولها إلى تدمر أنها عميلة بل البادية السورية خطر على طيران التحالف ومن لديه علم بجغرافيا المنطقة يعلم أن القصف الأمريكي هناك شبه معدوم بينما معظم القصف يتركز على الرقة وريف حلب ودير الزور أحيانًا
محمد
الإثنين، 21-03-2016 01:42 م
هذا التقرير دليل على عمالة ما يسمى بالجيش الحر لامريكا وامدادها بالمعلومات عن المجاهدين