قضايا وآراء

سيناريوهات الحل السوري.. وإمكانية الحل

جلال زين الدين
1300x600
1300x600
لا يختلف اثنان على أن تأخر الحل في سوريا يزيد من تعقيداته، ويجعله أبعد نوالاً. فكانت الثورة السورية بداية عبارة عن مطالب شعبية وطنية مشروعة لم يُستَجب لها وقمعت بالحديد والنار، لتدخل الثورة منعطفاً خطراً، وزاد التدخل الخارجي السلبي الأمور سوءاً، فلم ينجح حلفاء النظام بقمع الثورة، ولم يقدم حلفاء المعارضة دعماً حقيقياً يحسم الأمور، فاستمرّ مسلسل التدمير، وتحولت سوريا لساحة صراع بين قوًى إقليمية ودولية على حساب الدم السوري.

وتقف الحالة السورية أمام منعطفات خطيرة إذ أدى تأخر الحل لتشابك الأمور، وجعل سيناريوهات الحل ربما أشد ألماً مما عاناه السوريون خلال السنوات المنصرمة.

ويتمثل السيناريو الأول ببقاء النظام السوري، سواءً ببشار أو من دونه. وتدفع روسيا لبقائه من دون بشار، بينما تستشرس إيران للمحافظة عليه بقيادة بشار. ويرجع الخلاف الروسي الإيراني لاختلاف المنطلقات، فبينما تنطلق روسيا من مصالح جيوسياسة واقتصادية، ينطلق الموقف الإيراني من منطلق طائفي استعماري. ويبدو المقترح الروسي أقرب للموقف الأمريكي الحقيقي، فالولايات المتحدة لا تريد التفريط بأجهزة أمنية وجيش حمى إسرائيل عقوداً ولم يسمح بإطلاق رصاصة.

ويصطدم هذا السيناريو برفض الثوار وجزء بسيط من دول الإقليم، إذ يرى الثوار وأصدقاء الشعب الحقيقيون استحالة هذا، نظراً لتركيبة النظام الأمنية الطائفية المرتبطة برأس الهرم لا القاعدة الشعبية الوطنية التي يشكل السنة الغالبية فيها، كما أن الثوار مؤمنون باستحالة إصلاح النظام ولو قطع الرأس، فقد وصل الفساد حداً لا ينفع معه الترقيع، كما استفاد الثوار من ثورات مصر واليمن ولا يريدون السقوط بالحفرة ذاتها.

ويتأخر تطبيق هذا السيناريو - فيما نعتقد - للأسباب السالفة. فالروس والأمريكان ليس بمقدورهم تنفيذ هذا الحل دون تأمين قوة داخلية تدعم هذا الحل، ولا سيما أن دول الإقليم الفاعلة من الطرفين ترفضه لاعتبارات مختلفة.

ويتجلى السيناريو الثاني بالإطاحة بالأسد عسكرياً، وبالتالي انهيار مؤسستيه الأمنية والعسكرية، واستلام الثوار زمام الأمور. ويرغب في هذا الأمر المعارضة السورية وثلاث دول إقليمية فقط، ويقف بالمقابل الجميع ضده. ويُكَبِلُ هذه الدول الموقف الأمريكي، ويرفض الآخرون هذا السيناريو خشية تشظي سوريا أكثر مما هو الوضع الحالي، وتحولها لإمارات يتزعمها أمراء حرب، وبالتالي تحول سوريا لدولة فاشلة. ويدلل هؤلاء على موقفهم بوجود تنظيم الدولة، وتشتت المعارضتين السياسية والعسكرية رغم مرور أكثر خمس سنوات.

أما السيناريو الثالث فيقوم على تقسيم سوريا إلى فيدراليات أو دويلات طائفية وقومية (عرب، كرد، سنة، علويون وشيعة، دروز). ويدعم هذا التوجه بقوة القوى الكردية الانفصالية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم، ويدعمه الأسد والدائرة الطائفية الضيقة المتحكمة بالأمور، ولا تمانع به روسيا، وتُسر به إسرائيل، فيما يرفضه غالبية السوريين ومعظم دول الإقليم، بما في ذلك إيران، لأن ذلك سيكون بداية لتشظي كل دول المنطقة. وهذا السيناريو لا يعتبر حلّاً إنما تحولاً للصراع وتطويراً له، فستدخل هذه الدول في صراعات لا يُعرف لها نهاية.

ويبقى سيناريو الموت شاخصاً، وهو استمرار الحرب على وضعها الراهن، وحصادها لأرواح السوريين واستمرار التدمير لأجل غير مسمى، ولا يملك طرفٌ معين إيقاف هذا السيناريو إذ يحتاج لإرادة داخلية وإقليمية ودولية، وهو - للأسف - ما لم يتوفّر حتى الآن.

ويعد السيناريو الأول - وفق اعتقادنا - الأنسب للحل، مع تعديلات تشمل الإطاحة ليس ببشار وحسب بل بالصفين الأول والثاني، وحل المؤسسات الأمنية جميعها لأنها جميعاً تلطخت بدماء السوريين، وكانت السبب الرئيس بكل فساد. وكل سيناريو مخالف لذلك يعني استمرار الموت والتدمير، وبقاء المهجرين والنازحين خارجاً.
التعليقات (1)
احمد يوسف
الإثنين، 16-05-2016 10:55 ص
جون كيري يلهث كالكلب الجربان لفرض حل سياسي على الشعب السوري يرضي ايران و النظام قبل رحيله مع اوباما. تنفيذا للوعود ا?مريكية للطعران ببقاء بشار في الحكم للمحافظة على النفوذ ا?يراني