سياسة عربية

أميرة عراقي لـ"عربي21": لا أنتظر تهنئة ممن سجنوا والدي

أثنت "أميرة" على جهود والدتها خلال مسيرتها التعليمية- أرشيفية
أثنت "أميرة" على جهود والدتها خلال مسيرتها التعليمية- أرشيفية
حقق عدد من أبناء المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، بل والكثير من الطلاب المعتقلين المعادلة الصعبة؛ بالتفوق في نتيجة الثانوية العامة، أهم مرحلة دراسية في حياة المصريين.
 
تأتي "أميرة" من مدينة المنصورة (شمال القاهرة) نجلة المعتقل السياسي "إبراهيم عراقي"، أستاذ جراحات مناظير البطن في المسالك البولية ورائدها في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، على رأس هؤلاء المتفوقين؛ حيث حصلت على المركز الأول مكرر.
 
و"عراقي" عضو مجلس شورى "جماعة الإخوان المسلمين"، صدر ضده حكم قضائي غير بات في أيار/ مايو 2015، بالسجن المؤبد (25 عاما) بتهم "التحريض على العنف" و"الانضمام لجماعة محظورة".
 
حملات التحريض والتأييد

وأثارت حالة "أميرة" جدلا كبيرا في الإعلام المصري، وشبكات التواصل الاجتماعي؛ بسبب ما أثير حول مواقفها الرافضة والمناهضة للانقلاب، ورفضها أي تهنئة من أي مسؤول ضمن المنظومة السياسية التي تسجن والدها.
 
وكان المحامي سمير صبري (الموالي لنظام السيسي) قد تقدم قبل ثلاثة أيام ببلاغ عاجل لنيابة أمن الدولة العليا، يطالب فيه بحبس الطالبة، بتهمة التطاول على "رئيس الجمهورية، والتحريض على الدولة، والانتماء لتنظيم إرهابي".
 
أميرة وفي حديثها لـ"عربي21"، قالت: "اعتقال والدي، ومعاناة أسرتي، وشعورنا بالظلم الواقع علينا، لم يمنعوني من استذكار دروسي، بقدر ما كانوا حافزا لتقوية عزيمتي، والمثابرة على الطريق، والتفوق في واحدة من أهم المراحل في حياتي والتي اجتازها أبي بتفوق عندما كان طالبا".
 
طلاب المعتقلات الأفضل
 
وعن تفاصيل لقائها بوالدها في السجن، قالت: "زرت والدي يوم الثلاثاء الماضي، عقب معرفة النتيجة، وكان على علم بها، وكان يتوقع تفوقي، ولكن لا أحد توقع أن أحصل على المركز الأول مكرر"، مشيرة إلى أن نجاحها "عم جميع المعتقلين والسجناء بالفرح والسرور".
 
ورفضت إدارة السجن دخول جميع الحلوى التي جلبتها أسرة أميرة لوالدها وزملائه المعتقلين؛ بالرغم من استثنائية الحدث، كما تقول أميرة، مضيفة أن "الوقت مر سريعا سريعا، ربما كان أقصر من أي زيارة مضت، وعزائي الوحيد أني جعلت أبي فرحا وسعيدا".
 
ورفضت "أميرة" فكرة الاستسلام، في الوقت الذي نجح فيه زملاء لها في السجون، وتفوقوا، وحصلوا على مراكز متقدمة، قائلة: "زملاء لي في الزنازين، وبدون مدرسين، أو دروس خصوصية، أو أجواء ملائمة للحياة، تفوقوا في دراستهم، كما أن هناك من هم في ظروف أكثر صعوبة؛ فبعضهم صدرت أحكام بالإعدام بحق آبائهم، وآخرون يفتقرون للأموال أيضا".
 
وأثنت "أميرة" على جهود والدتها خلال مسيرتها التعليمية، وقالت: "منحتني أمي القوة، والعزيمة، وساعدني إخوتي في استذكار دروسي". وعن المواقف الطريفة التي مرت بها خلال العام الماضي ذكرت "استغلال الوقت الطويل لزيارة والدي بالمذاكرة ومراجعة الدروس".
 
معاندة المعاناة
 
وتصف "أميرة" معاناة أهالي المعتقلين في منطقة سجون وادي النطرون (الذي يقع على الأطراف الشمالية الشرقية للصحراء الغربية المصرية) بـ"القاسية"، مؤكدة أنها "مرهقة لهم، وتستغرق وقتا طويلا ما بين الانتظار والإجراءات الأمنية، والروتينية، والسفر والعودة من المنزل للسجن".
 
وعما أثير من لغط بشأن تفوقها، وما قيل على لسانها، وما قدم من بلاغات ضدها، قالت: "لم أتحدث إلا عن وضعي وحالتي الخاصة، والأمر تم تسييسه برمته"، مشيرة إلى أنها ليست معنية بكل ذلك، "لم أنتظر وساما أو تهنئة من أي مسؤول، كل ما كنت أسعى إليه هو تهنئة من والدي فقط".
 
وأضافت: "لم أغضب، ولم أهتم سواء بتهنئتي من عدمه من قبل أي مسؤول، فأنا لا أنتظر تهنئة ممن سجنوا والدي وألقوا به في السجن، وحرموني وأسرتي، بل وآلاف المرضى منه".
 
كلمة السر في التفوق
 
بدورها، قالت أم "أحمد" والدة أميرة عراقي، لـ"عربي21": "رزقنا الله بثلاث بنات، وثلاثة أولاد، وأميرة ترتيبها الخامس بين إخوتها، وهناك أحمد وعمر طبيبان، وشقيقتها الكبرى آية في السنة الأخيرة بكلية الطب، والأخرى في كلية الهندسة".
 
وأوضحت أن والد أميرة "اعتقل عقب فض اعتصام رابعة في 2013 ومكث شهرين قبل أن يطلق سراحه، ثم أعيد اعتقاله في كانون الثاني/ يناير 2014 بالتهم نفسها، ثم حكم عليه بالمؤبد في آيار/ مايو 2015 بتهمة التحريض على العنف".
 
وعن سر تفوق نجلتها، قالت: "أميرة بطبعها متفوقة، وبرغم المحنة التي نمر بها جميعا، أرادت أن تثبت للجميع أنها قادرة على تخطيها، فلم تستسلم للواقع، فهي إذا عملت عملا تحب أن تتقنه".
 
الإعلام وخلط الأوراق
 
وبشأن الجدل الذي أثارته وسائل الإعلام عقب نجاح ابنتها، قالت: "لم يكن ببال أحد ما حدث، نحن تحدثنا عن حالنا وواقعنا، ولم نتحدث بلسان آخرين، ونحن أبناء هذا البلد الذي قدم زوجي لها الغالي والنفيس".
 
وأضافت: "لو أراد زوجي أموالا لذهب إلى أي دولة في العالم، وجمع الأموال، فهو طبيب مشهور، وعَلَم في مستشفى الكلى بالمنصورة الشهير، وزار جامعات ومستشفيات عالمية، وألقى بها دروسا، ونشر أبحاثه المتخصصة في مجاله في العديد من المجلات العلمية".
 
وروت لـ"عربي21" عن تجربة زوجها بالتعاون مع مستشفى القوات المسلحة بالمعادي (الذي يجلس فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك)، قائلة: "لم يتأخر زوجي عن مساعدة الأطباء هناك في تدريبهم على أجهزة طبية جديدة، لم يكونوا على علم بطرق استخدامها، وأفاد الكثيرين، ولم يحصل على أجر لقاء ذلك سوى تخصيص سيارة لذهابه وعودته من المنصورة للقاهرة، ليس إلا".
 
وكشفت: "كيف يمكن أن نخدع الآخرين ونحن نعيش في ظروف صعبة، ولا نحصل على مرتب زوجي الذي أوقفوه دون مبرر، وضيقوا علينا حياتنا، ومعيشتنا، ثم يريدون منا أن نكذب على أنفسنا وعلى الجميع؟". 
التعليقات (0)