صحافة دولية

هكذا جرت المفاوضات السرية لإنهاء الأزمة الروسية التركية

تجنب أردوغان استخدام كلمة اعتذار أو التعهد بدفع تعويضات - أرشيفية
تجنب أردوغان استخدام كلمة اعتذار أو التعهد بدفع تعويضات - أرشيفية
كشف مراد يتكن، الكاتب في صحيفة "حرييت" التركية، عن التفاصيل الماراثونية للجهود السرية التي بُذلت من أجل حل الأزمة في العلاقات بين روسيا وتركيا.

وذكر يتكن في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن رجل الأعمال والسياسي التركي جاويد شاغلار، وكذلك رئيس كازاخستان نزار باييف، لهما دور كبير في تصحيح مسار العلاقات التركية الروسية، وأكد أهمية جهود إبراهيم كالن، الناطق باسم الرئاسة التركية ورئيس الوفد التركي في المفاوضات السرية.

وكشف يتكن عن المحادثات الماراثونية واللحظات الصعبة التي سبقت حل الأزمة، وصولا إلى زيارة أردوغان إلى روسيا.

وذكرت الصحيفة أن رئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، أشار إلى أنّ جاويد شاغلار له علاقات استثمارية واسعة في جمهورية داغستان الروسية، مشيرا إلى أنّ شاغلار يعرف رئيس داغستان رمضان عبد اللطيف منذ تسعينيات القرن الماضي، خلال فترة عمله وزيرا في حكومة سليمان دميرال.

وأضاف الكاتب أن عبد اللطيف كان في تلك الفترة، من مساعدي الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين، بينما كان أكار في تلك الفترة كبير مساعدي رئيس هيئة الأركان إسماعيل حقي.

وذكر الكاتب أن رجل الأعمال، والسياسي شاغلار، شارك في العديد من المهام السرية للدولة التركية في الماضي، بما في ذلك مهمة الطائرة التي توجهت لاستلام زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من جهاز المخابرات المركزية الأمريكية في كينيا عام 1999، وكانت تلك الطائرة خاصة بشاغلار. ومع أنّ شاغلار عرف أزمات مالية مع بداية الألفية الجديدة، إلا أنه كان رجل ثقة في الدولة، وعاد من جديد ليساهم في ترميم العلاقات بين روسيا وتركيا.

وذكر الكاتب أن خلوصي أكار كشف لرئيس الجمهورية أردوغان، ولمساعده إبراهيم كالن، أنّ شاغلار استطاع فتح قناة تواصل مع بوتين بمساعدة عبد اللطيف. وقد أعطى أردوغان الضوء الأخضر لرئيس الأركان الذي جدد ثقته فيه، ثم اجتمع أردوغان بكل من أكار وشاغلار بتاريخ 30 نيسان/ أبريل.

وأكد الكاتب أن الزيارات الدبلوماسية المتكررة التي قام بها شاغلار أعطت الأمل لعودة العلاقات، وتزايدت وتيرة هذه الزيارات في الأسبوع الثالث من شهر أيار/ مايو، وتبادلت أنقرة وموسكو المراسلات بصفة مستمرة.

وأضاف الكاتب أن سفير كازاخستان لدى أنقرة، جان سيد توميباييف، اتصل بإبراهيم كالن، الذي كان يستعد للإفطار بتاريخ 22 حزيران/يونيو، وأشار إلى أنّ نزارباييف التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بطرسبرغ، وأنه إذا أرسلت رسالة من الحكومة التركية، فإنه سيتم إيصالها للرئيس الروسي مباشرة. وعلى الفور، أخبر كالن أردوغان بهذا الأمر، لكن أردوغان لم يكن جاهزا في تلك اللحظة لتوقيع الرسالة، ولم يكن يريد كتابة رسالة فيها اعتذار ودفع؛ لأنّ هذا يعني اعتذار تركيا رسميا ودفعها لتعويضات مقابل طائرة اخترقت الأجواء التركية.

وأشار الكاتب إلى أن أردوغان دعا أكار إلى اجتماع عاجل، حضره كالن برفقة مترجمي اللغة الروسية، وكذلك حضر عاملون في سفارة كازاخستان لدى أنقرة، وكانوا يضعون اللمسات الأخيرة على الرسالة، وفضلوا استخدام كلمة "إزفينيته" بالروسية، بدلا من الاعتذار والتعويضات، وهي تعني "عفوا، اعذرونا"، ولا تعني "نعتذر". بينما تم استخدام جملة مساعدة عائلة الطيارين، بدلا من الحديث عن التعويضات. وقد وقّع أردوغان على هذه الرسالة في صيغتها النهائية قبل إرسالها إلى بوتين.

وأضاف الكاتب أنه تم إعلام سفير كازاخستان بالتطورات، وأقلع كالن بطائرة تابعة للدولة، يوم 24 حزيران/يونيو، ووصل إلى اسطنبول في الفجر ليصطحب معه شاغلار وطاقمه.

وذكر الكاتب أن عملية إقلاع الطائرة تأخرت بسبب تأخر وصول الإذن لمرورها من الدول الحدودية في طريقها إلى طشقند، عاصمة أزبكستان، لكن الوقت كان ينفد، ويجب إيصال الرسالة خلال ساعات قليلة، وإلا ستضيع الفرصة، ولذلك قرر كالن الإقلاع بالطائرة دون الحصول على إذن، وتم الحصول على إذن دخول أجواء جورجيا قبل 20 دقيقة من دخولها أجوائها، ووصل إذن دخول أجواء أذريبجان أثناء التحليق في أجواء جورجيا، وتم الحصول على الإذن بدخول أجواء تركمانستان أثناء تحليق الطائرة في أجواء أذربيجان. فقد كان الوفد التركي في سباق مع الزمن، وكل التصاريح تم الحصول عليها عن طريق التواصل عبر تطبيق "واتساب"، كما تقول الصحيفة.

أثناء تحليق الطائرة في أجواء تركمانستان واجهت البعثة معضلة حقيقية، وهي أنّ أوزبكستان أغلقت أجوائها الجوية لاحتياطات أمنية بسبب استضافتها لقمة يحضر فيها العديد من رؤساء الدول، وحينها اقترح سفير كازاخستان الهبوط في منطقة "تشيمكنت" القريبة من حدود أوزبكستان، واستخدام طائرة مروحية تابعة لكازاخستان للإقلاع والوصول نحو طشقند.

وأضاف الكاتب أن هناك مشكلة أكبر ظهرت حينها، وهي أنّ الطائرة اضطرت للتحليق ساعتين في أجواء تركمانستان، ولم يتبق لديها وقود سوى ما يكفيها للطيران مدة ساعة واحدة، وحينها تدخل رئيس كازاخستان نزارباييف مرة أخرى، وذهب إلى رئيس أوزبكستان إسلام كاريموف، وأخبره بوجود ضيوف من تركيا، وطلب منحهم الإذن لدخول أجواء أوزبكستان، وبالفعل منح الإذن بذلك.

وهكذا هبطت الطائرة بوقودها القليل في طشقند في تمام الساعة 12:15 بالتوقيت المحلي، وتوجه كالن وشاغلار مباشرة إلى مقر القمة، حيث كان ينتظرهم هناك نزارباييف، الذي استلم المكتوب، وعندما قرأه بالروسية، قال: "جيد"، عندها علموا بأنّ الرئيس الروسي يقيم في الغرفة المحاذية لهم، وقام نزارباييف بتسليم الرسالة إلى أوشاكوف، مستشار بوتين، من أجل تسليمها للرئيس الروسي، وقال باييف لأوشاكوف: "أعتقد أنّ هذا مناسب"، وسلمه الرسالة.

وأضاف الكاتب أن أوشاكوف توجه لتسليم المكتوب إلى الرئيس الروسي، وحينها قرر المسؤولون الأتراك الذهاب للسفارة التركية في طشقند والانتظار هناك، لكن قبل أنْ يغادروا المكان، اتصل أوشاكوف بكالن وأخبره "أن الرئيس الروسي تقبل المكتوب بإيجابية، بالرغم من أن صياغته أقرب لأتراك".

وذكر الكاتب أن رسالة وصلت من روسيا في يوم 27 حزيران/ يونيو، في الوقت الذي تواتر فيه حديث حول تطبيع العلاقات التركية مع إسرائيل في روما، وتضمنت هذه الرسالة مسودة التصريح والبيان الصحفي، الذي لم تعترض عليه رئاسة الجمهورية التركية، فقام الروس بالإعلان عن البيان كما وعدوا، وأعلن بوتين يوم 29 حزيران/ يونيو عن بداية مرحلة عودة العلاقات مع تركيا.

وفي الختام، أشار مراد يتكن إلى أنّ الرئيس الروسي كان من أول الأشخاص الذين اتصلوا بأردوغان معلنا دعمه له بعد المحاولة الانقلابية، وأنّ رئيس كازاخستان كان أول رئيس يزور تركيا بعد محاولات الانقلاب في 15 تموز/ يوليو.
التعليقات (1)
مصري
الثلاثاء، 09-08-2016 07:37 م
كل السلامة لشعب تركيا المناضل و لأردوغان ، والموت لأعداء الحياه .