قضايا وآراء

لماذا طرق الأردن باب "إسرائيل"؟

محمد العرسان
1300x600
1300x600
لم تخفِ السفارة الأمريكية في عمان فرحتها بتوقيع المملكة الأردنية ممثلة بشركة الكهرباء اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل، وينقل أحد المقربين من السفارة أن حالة من الفرح والتأييد أبدتها السفيرة الأمريكية أليس ويلز بهذا الاتفاق الذي سيوفر 40% من احتياجات المملكة من الغاز المسال.

الحكومة الأردنية تبرر الاتفاقية، وتؤكد أنها "اقتصادية" ولم "يجبر أحد الحكومة على طرق باب اسرائيل"، كما أقسم رئيس الوزراء السابق عبد الله النسور تحت قبة البرلمان السابع عشر. ويتمسك المسؤولون الأردنيون بأن الاتفاقية "خيار استراتيجي" في محاولة "لوقف نزيف الموازنة" بعد انقطاع الغاز المصري واعتماد محطات الكهرباء على الوقود الثقيل مرتفع الثمن.

إلا أن أرقاما رسمية موثقة وأرقام خبراء في الطاقة؛ تناقض الرواية الحكومية ويصبغ هؤلاء الخبراء الاتفاقية بصبغة سياسية، ومحاولة دمج الكيان الصهيوني في المنطقة من خلال مشاريع كبيرة، كالطاقة ومشاريع المياه.

يتحدث هؤلاء الخبراء بلغة الأرقام في مواجهة التبريرات الحكومية، فعلى صعيد تنويع المصادر أنشأت المملكة ميناء للغاز المسال في مدينة العقبة، واستأجرت باخرة عائمة بكلفة يومية تصل إلى 152 ألف دولار في اليوم، لتلبية احتياجات توليد الكهرباء والتصدير إلى الدول المجاورة ومن بينها مصر.

في المقابل، تبلغ تكلفة اتفاقية الغاز مع "إسرائيل" 15 مليار دولار، لمدة 15 عاما، ستحصل "إسرائيل" منها على 8 مليارات دينار والباقي لشركة جلوبل، نظير تزويد الأردن بـ300 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، اعتبارا من 2019، في وقت نصت فيه استراتيجية الطاقة للأعوام (2007- 2020) التي نشرتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية على موقعها؛ على أن من المتوقع أن ينتج الأردن مع بداية عام 2015 من حقل الريشة، بعد تطويره، 300 مليون متر مكعب يوميا، وهو الرقم نفسه الذي سينفق عليه 15 مليار دولار لاستيراده من "إسرائيل"، إلا أن التطوير لم يحدث وسُحبت الاستراتيجية من موقع الوزارة.

وعلى صعيد المخزون من الثروات، يملك الأردن احتياطيا كبيرا من الصخر الزيتي يتراوح بين 1400 و3800 مليون دولار سنويا، بمخزن يقدره خبراء جيولوجيون بـ40 مليار طن.

وتبين دراسة أعدها خبراء طاقة أردنيون، كشف عنها الموظف السابق في سلطة المصادر الطبيعية زهير صادق، أن "الممكلة تحتوي على ثروات نفطية كبيرة، منها مخزون 61 تريليون متر مكعب من الغاز في حقل السرحان، الذي تقول الدراسة إنه يحتاج فقط إلى 14 مليون دينار لاستخراجه، بالإضافة لحقل الريشة الذي ينتج 150 مليون متر مكعب مليون يوميا في حال توفر الإمكانيات المادية".

وتكشف الدراسة نفسها التي لم تجد اهتماما رسميا؛ أن حقل الأزرق يحتوي على نفط خفيف، بمخزون يصل إلى 430 مليون برميل، بينما يحتوي حقل حمزة على مخزون 22 مليون برميل من النفط، فيما أظهرت التقديرات الأولية لسلطة المصادرالطبيعية (مؤسسة حكومية) عام 1997 أن الاحتياطي لخام أكسيد اليورانيوم في منطقة سواقة (13 كم2) تصل إلى 18000 طن.

وتحتل المملكة المرتبة الرابعة عالمياً في إنتاج الفوسفات، وتحتوي على حوالي 1500 مليون طن، تقدر قيمتها بالأسعار العالمية الحالية بحوالي (225) مليار دينار. وكانت الحكومة تمتلك 66% من أسهم الشركة، وقد طرحت عطاء بيع أكثر من نصف حصتها بما يساوي 37% من مجموع الأسهم، تقدمت 12 شركة عالمية للتنافس، إلا أنه وبضغوط خفية أهملت جميعها، وتم تلزيم جهة واحدة تحت اسم "kamil Holding ltd" وفي النهاية تبين أنها شركة "أوف شور" غير معروف مالكها، ليفشل البرلمان الأردني لاحقا بإحالة ملف الفوسفات إلى مكافحة الفساد.

أما على صعيد الطاقة النظيفة، فتعبتر مدينة معان (جنوب المملكة) من أعلى نسبة إشعاع شمسي في المنطقة وأفضلها لاستثمارات الطاقة. ويؤكد خبراء أن باستطاعة الطاقة النظيفة تزويد الشبكة الكهربائية الأردنية بـ2000 ميجاواط من أصل 3000 ميجاواط سعة شبكة الكهرباء.

يشعر الأردنيون بأن استخراج واستثمار ثروات بلادهم يشكل لغزا كبيرا يرتبط في قرارات سياسية فرضها موقع الأردن في الإقليم، بينما يرى آخرون أن مساعدة "إسرائيل" على تسويق الغاز المسروق من بحر فلسطين يأتي لتحسين علاقة الكيان مع بعض الدول الإقليمية من بوابة الاقتصاد.
التعليقات (0)