مقالات مختارة

مجلس الأمن واستشارات عون

راجح الخوري
1300x600
1300x600
وصلت المناشدات قبل أن تبدأ الاستشارات، ليس من المبالغة النظر إلى هذه المناشدات على أنها نوع آخر من الاستشارات الخارجية توازي في أهميتها المعنوية -على الأقل- الاستشارات الداخلية لتشكيل الحكومة، لأنها تتصل بما يريده العالم ويتمناه للبنان والعهد الجديد، بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، وانتهاء سنتين ونصف سنة من الفراغ الذي دفع الوضع في لبنان إلى حافة انهيارات كثيرة .

قبل أن ندخل كواليس حلبة الملاكمة في عملية تشكيل الرئيس سعد الحريري الحكومة الجديدة، ولو كانت هذه العملية قد بدأت قبل الاستشارات على أن تُستكمل بعدها، من الضروري جدا التوقف أمام ما حملته "استشارات" أو مناشدات الخارج، من حرص على أن تكون "الصفحة الجديدة" التي بدأت بانتخاب عون فرصة [لعلها الأخيرة] أمام لبنان للخروج من الأزمة التي تطحنه.

دعونا من التبريكات الإيرانية التي من المفهوم لماذا تريد إلحاق لبنان رسميا بجبهة الممانعة، والتي قفزت فوق المضمون السيادي والحيادي الواضح الذي أدرجه الرئيس الجديد في خطاب القسم، الذي سمعته طهران كما سمعته عواصم العالم، وتعالوا نتأمل في طوفان البرقيات والاتصالات التي انهالت على عون، وكلها تركز على خلاصة واحدة، الوحدة الوطنية كأساس لصون الأمن والاستقرار والنأي بالنفس عن أزمات الخارج، خصوصا الأزمة السورية، التي باتت ميدانا لاشتباكات إقليمية ودولية لن تتوقف غدا!

ليس من عادة مجلس الأمن إصدار البيانات كلما انتُخب رئيس لبلد ما، ولهذا أتمنى على الرئيس عون أن ينظر إلى بيان المجلس الذي صدر مهنئا ومشفوعا بالتمنيات على أنه يشكّل ذخيرة دولية للعهد، خصوصا عندما برز كموقف دولي يدعم الالتزامات التي وردت في خطاب القسم، سواء بالنسبة إلى التمسك بالدستور والميثاق والطائف، أم بالنسبة إلى سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، وبما يتفق و"إعلان بعبدا".

إن البيان الذي صدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن لا ينتشل لبنان من أزماته، لكنه يقدم صورة واضحة عما يريده العالم وحتى المواطن اللبناني العادي لهذا البلد المُتعَب، أي إرساء تفاهم وطني صادق صلب يعي المعنى العميق لقول البيان الدولي "أن صون استقرار لبنان عامل مهم للأمن والاستقرار الإقليميين"، ولهذا كان التذكير بكل القرارات والبيانات الرئاسية لمجلس الأمن والتشديد على الدعم القوي لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي.

وعندما يحثّ مجلس الأمن السياسيين اللبنانيين على البناء من خلال العمل على تعزيز الاستقرار في البلاد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب إلى انتخابات نيابية في أيار المقبل، وعلى إظهار الوحدة والعزم لضمان قدرة لبنان على مواجهة تنامي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، فإنه يتبنى ما ورد في خطاب القسم الذي يفترض أن يشكّل روزنامة أمينة للعهد.

النهار اللبنانية
0
التعليقات (0)