صحافة دولية

الغارديان: انتخاب دونالد ترامب يوم مظلم للعالم

الغارديان: فوز ترامب نكبة جلبتها أمريكا على نفسها- رويترز
الغارديان: فوز ترامب نكبة جلبتها أمريكا على نفسها- رويترز
وصفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحيتها انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة بالزلزال السياسي، مشيرة إلى أن لفوز ترامب صدى مقلقا، توجهه العام نحو اليمين في السياسة في الديمقراطيات الغربية.

وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "غير الوارد، يبقى غير وارد حتى يقع، فبعدها، كما كان الحال بالنسبة لاحتلال روما، يصبح الأمر حتمية تاريخية، وهو الحال ذاته بالنسبة للزلزال السياسي الذي وقع بانتخاب ترامب رئيسا قادما للولايات المتحدة، وإن صدق في وعوده خلال الحملة، التي كانت كثيرة ومتهورة، فإن أمريكا ستكون في طريقها إلى عكس التوجهات الاقتصادية والسياسية منذ (الصفقة الجديدة) في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن بهدف وأثر معاكسين، ويوقف السرد حول أمريكا المعاصرة والقرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى أنها إشارة إلى تمزق زلزالي للنظام الاقتصادي والسياسي الليبرالي العالمي، الذي تقوده أمريكا، والذي بدا وكأنه السائد في القرن الحادي والعشرين بعد انهيار الشيوعية وصعود اقتصاد الصين بشكل كبير". 

وتضيف الصحيفة أنه "بهذه المعاني، فإن لفوز ترامب صدى مقلقا، توجهه العام نحو اليمين في السياسة في الديمقراطيات الغربية ما بعد الثورة الصناعية، التي حصلت فيها التقدمية على ردود فعل غير ملائمة، والتشابه مع التصويت على بريكسيت في بريطانيا واضح وحقيقي، ولذلك ربما يعطي فوز ترامب دفعة إضافية للقوميين في أنحاء مختلفة من أوروبا – وقد فقزت مارين لوبان بسرعة على عربة السيرك، وسيحزن الليبراليون بسبب تلك النتائج في أمريكا وما بعدها، وستفرح موسكو ودمشق وتزيد جرأتهما، وهذا ليس أسبوعا جيدا لتكون معارضا من لاتفيا أو أوكرانيا ولا سوريا، كما تشكل النتيجة تحدي أجيال للسياسة التقدمية، لإيجاد رسالة راديكالية وذات مصداقية تراوغهم في بلدان كثيرة، وليس في أمريكا فقط". 

لا يؤخذ على محمل الجد

وترى الافتتاحية أن "هذه نكبة جلبتها أمريكا على نفسها، فعندما جد الجد لم تجد أمريكا طريقة ذات مصداقية لتجميع الناس ضد ترامب وما يمثله، وفشلت هيلاري كلينتون في ذلك الاختبار على المستوى الشخصي، وعلى مستوى ما عرضته؛ وبالنسبة لها فإن هذه نهاية المطاف، لكنها كانت العرض وليس السبب، ولم يؤخذ ترامب على محمل الجد، ولم يتوقع بشكل عام أنه يستطيع هزيمة كلينتون خلال الحملة الطويلة المرة، وكان يتوقع في كل مرحلة أن يسقط ترشحه ويحترق، ولم تكن الاستطلاعات ولا الاحتمالات المتبجحة تشير باتجاهه، وكلاهما فقد مصداقيته الآن، ولم يكن هناك تخيل بأن الرياح ستجري لصالح ترامب إلا بعد تدخل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل الانتخابات بأقل من أسبوعين، ومع ذلك كان ترامب هو الغريب عشية الانتخابات".  

وتستدرك الصحيفة بأن "ترامب فاز فوزا كبيرا في الانتخابات، وإن كانت استطلاعات الخروج من محطات الاقتراع صحيحة، فإن كثيرا من الناس كانوا قد قرروا قبل ضجة جيمس كومي، وكان فوز ترامب كاملا، وقام أكثر من أي شيء آخر على الصوت الأبيض، بغض النظر عن الجنس والعمر والتعليم، فقد صوت له البيض في الغالب، لقد كان أكبر اضطراب في تاريخ أمريكا الحديث، حيث فاز في أكثر الولايات غير المحسومة، التي أنفقت فيها حملة كلينتون مبالغ طائلة -أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا ونورث كارولاينا وويسكونسين- في الطريق إلى تجمع انتخابي كامل يتجاوز 300، وتعيش الأكثرية في ما يسمى بالولايات التي تطير فوقها، التي لا يراها من يعيشون في معاقل الديمقراطيين الكبيرة على الشواطئ إلا من ارتفاع 35 ألف قدم، لكن المد الأحمر دفع نحو الشمال أيضا في عمق حزام الصدأ (المناطق الصناعية القديمة)، وتركز في الجنوب –مع أن نظام التجمع الانتخابي كبر فوز ترامب، حيث يتوقع أن تكسب كلينتون أكثر الأصوات، كما فعل الديمقراطيون في كل انتخابات، ما عدا انتخابات 1988". 

تحطم الديمقراطيين

وتشير الافتتاحية إلى أن "الجمهوريين، الذين سارعوا للنأي بأنفسهم عن ترامب، بعد المناظرات التلفزيونية البشعة، وجدوا أنفسهم يفوزون بفضل ترامب، وحافظ الجمهوريون على معظم مقاعدهم في مجلس الشيوخ، وسيتطلعون إلى فرصة زيادة الأغلبية التي يتمتعون بها عام 2018، عندما يواجه المستفيدون من إعادة انتخاب أوباما عام 2012 الناخبين مرة ثانية، وكما كان متوقعا، بقي مجلس النواب في أيدي الجمهوريين؛ وربما ما يخيف الرئيس بول ريان ومساعده يأتي من قواعد الحزب، وربما من الرئيس المنتخب، الذي يميل للانتقام أكثر من خوفه من الديمقراطيين المحطمين".

وتلفت الصحيفة إلى أن "الرئيس ترامب هو الصدمة التي تسمعها في العالم كله، والآن، كونه فاز، فإن التفسيرات المباشرة بدأت بالتدفق: تحشيد (أو عدمه) لهذا المكون الديمغرافي، أو ذاك كان حاسما، أو أن ترامب استغل المزاج الغاضب المعادي للمؤسسة، أو أنه تحدث باسم الملايين الذين يشعرون بأنهم مهملون من الأثرياء والتقدميين، وأن عداء الهجرة بين الأمريكان كان دائما أكبر مما أراد الليبراليون الاعتقاد به، وأنه كان مرشحا مشهورا في زمن كان فيه هوس بالمشاهير، وأنه ركب نمر سياسة ما بعد الحقيقة، وأنه جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى هي رسالة سريعة في بلد عسكري وامبريالي، وأن الرجال البيض (وبعض النساء البيض) أرهقتهم اللياقة السياسية، وأن كراهية النساء رجحت الكفة، وأن التيار الإعلامي الرئيسي فشل في فضح ادعاءاته، وأن الانتخاب حكم على سنوات أوباما، وأن كلينتون كانت دائما المرشح الخطأ، وأنه كان هناك فعل عنصري قذر في نظام التصويت، وأن الروس أكسبوه الانتخابات".   

وتجد الافتتاحية أنه "ليس أي من هذه العبارات غير ذي صلة، وكلها فيها بعض الحقيقة، لكن يجب علينا الحذر من التأكيدات السريعة، فكما كان في بريكسيت، نحتاج بعدها إلى فترة نقوم فيها بجمع الأدلة بشكل حذر والتفكير فيما حصل، وهذا ليس تقليلا من شأن ما حصل يوم الثلاثاء، ولا للتقليل من المخاوف بخصوص ما ينتظرنا عندما ينسحب أوباما ويتسلم ترامب الرئاسة".

وتبين الصحيفة أن "هناك أربعة مخاوف تبرز الآن؛ الأول إطلاق أجندة محافظة دون قيود في واشنطن، حيث يسيطر الجمهوريون الآن على الرئاسة وعلى الكونغرس، وقليل ما حدث هذا على مدى المئة سنة الماضية، وكانت هيلاري كلينتون محقة عندما شددت على أهمية الدفاع عن القيم الديمقراطية في خطابها الذي قبلت فيه الهزيمة، وكان من المناسب أيضا لو أشارت إلى إرث الرئيس أوباما في مجال العناية الصحية والبيئية، ويختلف ترامب عن الجمهوريين في الكونغرس، فهو أكثر استعدادا لاستخدام سلطة الحكومة أكثر منهم، لكن أمامهم الآن طريقا مفتوحا نحو تغيير شكل المحكمة العليا والمحاكم الأقل درجة لتعكس رؤيتهم، والآثار على العرق والجنس والمساوة الجنسية ستبقى قائمة حتى بعد خروج ترامب من الرئاسة، وستعود الحروب الثقافية، وهناك تهديد لقانون حق الإجهاض".

الأثر العنصري

وتنوه الافتتاحية إلى أن "الأمر الثاني هو أثر هذه النتيجة في موضوع العرق في أمريكا على نطاق أوسع، ووقوف ترامب في حملته ضد المسلمين، وشتم السود واللاتينيين، ونشر إعلانات رأى البعض فيها عداء للسامية، وأنه وقف معه العنصريون كلهم في أمريكا ليفوز، ويريد من صوتوا له – كما حصل في بريكسيت – يريدون منه الوفاء بوعوده، وكل خطوة يمكن أن يتخذها في هذا المجال تهدد بالانقسام وتأجيج المشاعر، وبعد حوالي نصف قرن من التقدم في مجال حقوق الإثنيات في أمريكا، فإن تداعيات أي محاولة لإرجاع عقارب الساعة للوراء ستكون أليمة".   

وتذكر الصحيفة أن "الخوف الثالث هو إن كانت لدى ترامب أي خطة اقتصادية للوفاء بوعوده للمجتمعات الفقيرة التي صوتت له، وكان ترامب قد شعر بغضب هؤلاء الفقراء والناخبين البيض، لكن ماذا يمكن له أن يفعل تجاه ذلك؟ وماذا يهم معظم أعضاء الكونغرس الجمهوريين بهذا الخصوص؟ يمكنه أن يبني الجدران كلها، التي يريد بناءها ليرضي ناخبيه، لكن من الصعب رؤية كيف سيتمكن من إعادة المناجم القديمة والمصانع للحياة مرة أخرى، ويشعر كثير من الأمريكيين بأنهم تركوا خلف القافلة أو أنهم خذلوا، إلا أن ترامب يلعب بالنار إذا تبين في النهاية أنه استغل مخاوفهم، ليحسن من وضعه وغيره من طبقة الأثرياء التي ينتمي إليها".

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن "الخوف الأخير والأهم هو للعالم، فإن فوز ترامب يعني عدم معرفة استراتيجية أمريكا المستقبلية، في عالم اعتمد لفترة طويلة على أمريكا للحفاظ على الاستقرار فيه، لكن إمكانيات ترامب في القلقلة غير محدودة، فسياساته الأمنية والبيئية والتجارية كلها قابلة لتغيير العالم نحو الأسوأ، لقد قام الأمريكيون بفعل شيء خطير هذا الأسبوع، وبسبب ما فعلوه كلنا نواجه أوقاتا مظلمة وغامضة ومخيفة".
التعليقات (1)
مصري
الجمعة، 11-11-2016 02:41 م
ومن يكون هذا الترامب أو غيره من مجانين أخرين جاءوا ورحلوا فهل بيدة مقاليد الأمور ؟ إن الأمر كله بيد الله مالك الملك الذي يقول للشئ كن فيكون ، فلا تبتئسوا ولا تيأسوا إن الله هو الدايم .