سياسة عربية

هل يمهد محمود عباس لحل المجلس التشريعي؟

تسيطر حركة حماس على المجلس التشريعي الحالي- أرشيفية
تسيطر حركة حماس على المجلس التشريعي الحالي- أرشيفية
أثار قرار المحكمة الدستورية؛ الذي يقضي بإعطاء رئيس السلطة الفلسطينية صلاحيات تخوله برفع الحصانة عن نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، العديد من علامات الاستفهام وطرح السيناريوهات القادمة، التي قد يقدم عليها الرئيس في المستقبل بناء على صلاحياته الموكلة إليه، ومن ضمنها حل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حركة حماس بأغلبية 57% من مقاعده.

وكانت المحكمة الدستورية وهي أعلى هيئة قضائية تشريعية في الدستور الفلسطيني قد أقرت في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بأن "لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الحق في رفع الحصانة البرلمانية عن أي عضو في المجلس التشريعي في غير أدوار انعقاد المجلس".

وبناء على هذه الصلاحيات، فقد أصدر عباس مرسوما في اليوم ذاته يقضي برفع الحصانة البرلمانية عن النائب الفتحاوي وغريمه السياسي في الحركة، محمد دحلان، الأمر الذي رفضته الفصائل والقوى السياسية التي رأت أنه "توظيف خطير للقضاء لخدمة أهداف سياسية".

قرارات باطلة


من جانبه، اعتبر رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، محمد فرج الغول، أن "قرارات المحكمة الدستورية باطلة وسياسية بامتياز، وهي محكمة يوظفها عباس لخدمة مشروعه السياسي باغتصابه للسلطة التنفيذية التي انتهت ولايته فيها منذ العام 2009"، على حد وصفه. 

وتابع الغول لـ"عربي21" بأن "المحكمة الدستورية لا تملك أدنى الحق في رفع الحصانة عن أي عضو من أعضاء المجلس التشريعي، كون هذه القرارات تقع ضمن اختصاصات المجلس بما ينص عليه القانون الأساسي".

وعن سؤاله "هل تخشون في كتلة حماس البرلمانية أن يقدم الرئيس على حل المجلس الذي تشكلون الغالبية فيه؟"، أشار الغول إلى أن "هذا القرار في حال اتخاذه لن يكون له وجود على الواقع وسنرفضه بشدة ولن نقف مكتوفي الأيدي ضد أي انتهاك للقانون".

وبحسب القانون الأساسي، فإن رئيس المجلس التشريعي أو أحد نوابه يشغل رئاسة السلطة الفلسطينية في حال عدم قدرة الرئيس على الاستمرار في أداء عمله تحت أي ظرف يمنعه من تأدية مهامه.

ويتولى الدكتور عزيز دويك ونوابه المنتمين لكتلة "حماس" البرلمانية، رئاسة المجلس التشريعي، منذ فوز الحركة في الانتخابات التشريعية في العام 2006.

وطالب الغول بـ"محاكمة أعضاء المحكمة لانتهاكهم للقانون الأساسي وتحميلهم تبعات هذا القرار، كونهم شركاء في هذه الجريمة".

وتخشى حركة فتح من أن تسيطر "حماس" على السلطة التنفيذية برئاستها للسلطة الفلسطينية، كون الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني ليست جيدة، فقد تجاوز الـ82 عاما من العمر، وأجرى مؤخرا عملية "قلب مفتوح" في الأردن قبل شهر من الآن، ما يعني عدم قدرة عباس على الاستمرار طويلا في أداء وظيفته على رأس هرم السلطة التنفيذية.

قرار مصيري


أما النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة، فقد اعتبر توصيات المحكمة للرئيس الفلسطيني مقدمة لحل المجلس التشريعي، بقوله: "لا أستبعد أن يقدم الرئيس على هذه الخطوة في قادم الأيام إذا شعر بأن هنالك خطرا عليه يستدعي اتخاذ قرار مصيري كهذا".

مضيفا لـ"عربي21" أن "الهدف من إنشاء هذه المحكمة هو تعزيز السلطة بيد الرئيس عباس فقط، بوضع كافة الصلاحيات تحت يده بحسب ما يرى أنه يخدم مشروعه وبقاءه على رأس السلطة". 

وحول فصل دحلان من التشريعي، على خلفية القرار، قال خريشة: "بكل أسف، فإن قضية الصراع ما بين دحلان كنائب والرئيس عباس، فرضت علينا كفلسطينيين لنناقشها في كل وقت وحين".

وأوضح خريشة، أن هذه المحكمة تم تشكيلها قبل عام تقريبا، وجلب رئيسها من المغرب العربي ولم يمارس أي عمل قضائي سابقا.

يشار إلى أن الرئيس الفلسطيني كان قد أصدر مرسوما رئاسيا في 3 من نيسان/ أبريل من العام الجاري بتشكيل المحكمة الدستورية العليا، لتكون أعلى سلطة قضائية في فلسطين؛ لتنظر في قرارات الحكومة وتوصيات المجلس التشريعي والبت في قانونيتها، والفصل في نزاع الاختصاص بين سلطات الدولة.

وشُكل المجلس في وقته من تسعة أعضاء ومستشارين، كان أول رئيس لها هو القاضي محمد عبد الغني قاسم، وهو فلسطيني يقيم في المغرب منذ 42 عاما، أتى ليترأس هذه المحكمة، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حوله أهليته لشغر منصب كهذا، "واختيار أعضاء المحكمة الآخرين على أساس فصائلي"، بحسب ما أشار إليه الخبير الدستوري أحمد الخالدي.

وأضاف الخالدي أن "ما تصدره المحكمة من توصيات لا يمكن أن نحكم على قانونيته كونها شكلت في فترة فراغا دستوريا جراء تعطل المجلس التشريعي بفعل أحداث الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس".

وتابع الخالدي لـ"عربي21" بأن "الدلالة الزمنية لإنشاء هذه المحكمة التي تأسست في هذا العام وإصدارها توصيات حساسة في فترة قصيرة، وعدم وجود قضاة برتبة مستشارين في أعضائها يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول توظيف المحكمة لخدمة مصالح فصيل ضد آخر".

وحول قانونية القرارات والتوصيات التي أقرها المجلس، أشار الخالدي إلى أن "البرلمان هو مصدر السلطات التشريعية، لا يمكن أن تكون هنالك سلطة تنافس قراراته بأي شكل كان".

وحذر الخالدي من تبعات حل المجلس التشريعي إذا أصدر الرئيس قرارا بهذا الخصوص، كونه سيدخل الحالة الفلسطينية في مرحلة فراغ تشريعي ستكون نتائجه كارثية وخطيرة على الوضع السياسي العام لدولة فلسطين، ليس أقلها انفراد السلطة التنفيذية والقضائية في تمرير أي قرارات مصيرية دون أن تكون هناك أي رقابة عليهم.
التعليقات (0)