مقالات مختارة

استراتيجية تكبيل أمريكا!

راجح الخوري
1300x600
1300x600
عندما وقف باراك أوباما أول من أمس في قاعدة ماكديل متحدثا في كلمة وداعية عن نهجه في الحرب ضد الإرهاب، كانت نيران المعارك المتداخلة ضد الإرهاب منظمات وأنظمة تتصاعد في مناطق واسعة من الشرق الأوسط .

قاعدة ماكديل تعتبر مقر قيادة القوات الخاصة والقيادة المركزية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، ولطالما شهدت تناقضات واسعة بين من يدعون إلى تدخل أمريكي أكثر حزما وفاعلية في مواجهة تفشي ظاهرة "داعش" الإرهابية، ومن يتبنون شعارات أوباما التي رفعها منذ وصوله إلى البيت الأبيض، أي محاولة الانسحاب من ميادين القتال الخارجية بعدما كان سلفه جورج بوش ذهب بعيدا في حروب الخارج .

مع سقوط حكم "الإخوان المسلمين" في مصر، سقط المشروع الأمريكي، الذي كان يهدف إلى تسليم المنطقة إلى الإسلام السياسي، وكان من نتيجة هذا أن إدارة أوباما التفتت إلى الصين، وتعامت عن جرائم الإرهابيين في العراق وليبيا ثم في سوريا، من موقع الذي لا يريد أن يلعب أي دور ميداني. وحتى بعد ذبح الصحافي جايمس فولي الذي أثار غضب العالم كله، اكتفى أوباما بإصدار بيانات إنشائية، وحتى عندما قصف النظام السوري غوطتي دمشق بالسلاح الكيميائي، وهدد أوباما بتوجيه ضربة عقابية، لم يلبث أن تراجع، مبتلعا خديعة فلاديمير بوتين الذي سيجتاح المنطقة.

المثير أن أوباما لم يتردد في كلمته الوداعية في الحديث عن استراتيجيته لمكافحة الإرهاب وعن نهجه في الحرب، في حين أن من المعروف أن نصف العاملين في إدارته ومعظم وزراء الدفاع الأمريكيين السابقين يوجهون إليه منذ أعوام انتقادات قاسية واتهامات صريحة بأنه لا يملك أي استراتيجيا صالحة لمواجهة الإرهاب، وحتى لوقف المأساة كما يحصل في ليبيا والعراق وسوريا.

الشعار الأبرز في سياق انتقاد سياسة التردد والقعود الأمريكية هو قول سفيره السابق في سوريا روبرت فورد: ما هو أسوأ من الإفراط الأمريكي في التدخل الخارجي الإفراط الأمريكي في الانكفاء عن المسرح الدولي الذي أصبح خاليا أمام بوتين، والذي يضع لمساته العسكرية في القرم ثم أوكرانيا ثم سوريا، ويعيد فتح خطوط موسكو مع القاهرة وأخيرا مع طرابلس الغرب.
نهج أوباما في الحرب على الإرهاب؟

يكفي أن نتذكر قوله في 11 أيلول من عام 2014، بعد الإعلان عن إنشاء التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، إننا أقمنا تحالفا دوليا من 64 دولة لمحاربة "داعش"، ويكفي أن نتذكر بعد مرور عامين ونيف على حرب يفترض أن 64 دولة تخوضها ضد "داعش" أن تحرير الموصل مثلا يحتاج إلى مزيد من الوقت ومزيد من الضغائن المذهبية التي قد تؤسس لما هو أشنع من "داعش"، وعلى رغم كل هذا لا يجد أوباما حرجا في المفاخرة بتحالفاته واستراتيجيته!
0
التعليقات (0)