ملفات وتقارير

وزراء السيسي يحاربون الفقر بعقاب المصريين.. كيف؟

حاولت والي ربط الفقر بزيادة السكان - أرشيفية
حاولت والي ربط الفقر بزيادة السكان - أرشيفية
انتقد خبراء ومحللون في مصر؛ تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، حول ضرورة وجود عقوبة قانونية لمن ينجب من المصريين أكثر من طفل واحد، مستنكرين عقاب النظام للفقراء وتحميلهم مسؤولية تدهور الاقتصاد.

واعتبر خبراء تحدثوا لـ"عربي21"؛ تصريحات الوزيرة حول وجود 9 ملايين طفل تحت خط الفقر؛ ترويجا لسياسة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بشأن تحديد النسل، والقول إن زيادة عدد السكان سبب ما وصل إليه المصريون من أزمات، وليست بسبب السياسات الحكومية.

عقاب الفقراء على فقرهم

وانتقد وزير التضامن والتموين، سابقا، جودة عبد الخالق، تصريح غادة والي، ورفض الربط بين زيادة نسب الفقر في مصر والزيادة السكانية وحدها.

وأشار الخبير الاقتصادي، في حديث لـ"عربي21"، إلى أن "السياسات الخاطئة هي التي أفقرت المصريين، ومنعت عنهم الخدمات، وقللت مستوى التعليم، وحرمت الفقراء من مظلة التأمين الاجتماعي الذي يحميهم في حالة العجز والشيخوخة"، مؤكدا أن "تلك العوامل وغيرها هي التي تدفع المصريين للإنجاب"، وفق تقدير.

وقال عبد الخالق: "التجربة الصينية تخالف رؤية الوزيرة في أن الزيادة السكانية هي سبب الفقر". وأشار إلى أن "نسبة سكان الصين إلى مصر تبلغ 20 نسمة لكل مصري"، مضيفا: "مع ذلك حققت الصين مجتمعا منتجا، ووصلت بسكانها لمرحلة أكبر اقتصاد عالمي".

وأوضح عبد الخالق، وهو عضو المكتب السياسي بـحزب التجمع، أن "تعاقب الوزيرة الفقراء على فقرهم"، معتبرا أن عقاب المصريين على الإنجاب "قسوة شديدة"، مطالبا بـ"نظام تأميني محترم يغني كبار السن عن الحاجة للأبناء، وبنظام تعليمي ناجح وبتحسن وضع الأسرة والمرأة ست البيت"، على حد وصفه.

ليست نقمة

كما علّق أستاذ الاقتصاد، أشرف دوابه، على تصريحات الوزيرة والي، قائلا عبر حسابه على "تويتر"؛ إن "عدد السكان نعمة وليس نقمة"، كما استنكر مطالبة والي بإصدار تشريع يفرض عقوبات على زيادة الإنجاب، معتبرا أن "أمثال هؤلاء عندهم عقم أخلاقي"، وفق تعبيره.

خطأ كارثي

ورأى المحلل الاقتصادي ممدوح الولي، أن رؤية وزيرة التضامن باتباع سياسة "الطفل الواحد" المطبقة في الصين؛ يمكن أن تمثل "خطأ كارثيا" من الناحية الاقتصادية، ناهيك عن خطر حدوث رد فعل عنيف بالمجتمع.

وأضاف عبر صفحته على "فيسبوك": "النسبة السكانية الكبيرة صغيرة السن هي ذات قيمة ويجب إدارتها بشكل جيد".

وقال: "ما يقلقنا في هذا الطرح هو أن ازدياد نسبة الشيخوخة ضمن الكثافة السكانية إلى جانب انخفاض النمو السكاني؛ قد يعني أنه لن يكون هناك جيل من الشباب الذي سيتعين عليه رعاية النسبة الكبيرة من كبار السن".

رغبات وإملاءات وسياسات قديمة

ومن وجهة نظر سياسية، أكد الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "تصريح غادة والي إساءة استخدام للأدوات التشريعية في فرض منظور السيسي للحياة الاجتماعية"، وفق قوله.

وربط، في حديث لـ"عربي21"، رؤية والي بـ"منظور لا ينبع من حاجة وطنية، وإنما رغبات خارجية أو من إملاءات أخرى تخشى الزيادة السكانية وتأثيراتها على الخريطة الديموغرافية بالمنطقة، أو حتى على احتمالات تزايد الهجرة إلى أوروبا والغرب عموما".

وأشار العربي في هذا السياق أيضا؛ لمحاولة السيسي "التدخل في تقنين الطلاق، رغم أنه شأن اجتماعي خاص تنظمه قواعد فقهية مستقرة، لولا تصدي الأزهر للأمر".

وأضاف أن "تقنين الإنجاب هو سياسة قديمة سعت لها الأنظمة العسكرية المتعاقبة؛ التي لم تحسن توظيف الطاقة البشرية، ولم تحسن إدارة الاقتصاد بما يوفر لهذه القوة البشرية الحد الأدنى لحياة كريمة، وذلك على عكس ما حدث في دول كبيرة العدد".

عند الأنظمة الديكتاتورية

وانتقدت الناشطة المصرية منال خضر؛ تصريح الوزيرة والي، وتساءلت: "منذ متى كانت القوة البشرية عائقا في سبيل التقدم والتطور؟"، لتجيب بقولها: "فقط القوة البشرية عائق عند الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية الفاشية"، وفق تعبيرها.

وأضافت لـ"عربي21" أن "هناك دولا حققت المعادلة الصعبة وتقدمت بقوتها البشرية؛ مثل ماليزيا واليابان والصين في آسيا، وألمانيا والنمسا وليتوانيا في أوروبا؛ التي تشجع مواطنيها على الزواج وزيادة النسل؛ وتعطي راتبا شهريا لكل مولود"، وفق قولها.

وترى خضر في المقابل؛ أن "أكبر خطر يواجه المصريين؛ هو الأنظمة العسكرية التي لا تملك خطة ولا رؤية ولا هدفا، وترى أن شعوبها هي العائق في التنمية وأنها العدو الوحيد لها".

وقالت إن "النظام العسكري في مصر يطبق أجندة الأمم المتحدة بحق الدول النامية بحذافيرها"، مشيرة إلى أن "أنظمة سابقة حاولت من قبل تطبيق هذه القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن شعب مصر تجاوزهم وسيتجاوز هذه المرحلة الصعبة والفاشية".

ويبلغ عدد سكان مصر 92 مليونا، في حين يرتفع حجم السكان بمعدل مليوني نسمة كل سنة. وارتفعت نسبة الفقر إلى 27 في المئة من السكان في 2016، حيث يقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر، وهم يعيشون بأقل من 1.5 دولار في اليوم، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
التعليقات (0)