مقالات مختارة

ترامب "ازدرى" السعوديّة في حملته الانتخابيّة!

سركيس نعوم
1300x600
1300x600
العالم العربي ومعه الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة متلهّفان لمعرفة ليس فقط النتائج الفعليّة لزيارة وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الولايات المتحدة، بل أيضا ما دار في المحادثات التي أجراها مع الرئيس دونالد ترامب والمسؤولين الأمريكيّين الكبار.

لكن هذه المعرفة متعذّرة لأن الزيارة لم تنتهِ بعد، ولأن المُتابعين الجديّين في واشنطن يحتاجون إلى بعض الوقت كي يحصلوا على مُعطيات جدّية، ولأن معلوماتهم تُشير إلى استمرار غياب الاستراتيجيات الشاملة عند الرئيس الجديد والدليل السياسي في ما يتعلّق بالشرق الأوسط.

وما فهمه هؤلاء أن الزيارة كانت ناجحة مبدئيّا؛ لأنّها أتاحت للرئيس ووليّ وليّ العهد التعرّف إلى بعضهما البعض. وما فهموه أيضا أن السعوديّين خرجوا من لقاءاتهم باقتناع بأن الإدارة الجديدة تخطّط لمواجهة إيران إذا تابعت تنفيذ خططها العدائيّة في المنطقة والعالم.

وإلى أن تصبح فرصة معرفة المزيد مُتاحة يحاول باحث أمريكي جدّي شرح العلاقة القائمة من زمان بين بلاده ودول الخليج العربيّة، وتحديدا المملكة العربيّة السعوديّة التي يصفها بالسُنّية بعدما انقسم العالم العربي والإسلامي سُنّة وشيعة مُتصارعين بالسياسة وبالحروب غير المباشرة حتى الآن، فقال إن التعاون العسكري والأمني بين الدول العربيّة المُشار إليها وأمريكا كان متبادلا منذ إعلان الرئيس الأسبق جيمي كارتر عام 1979 "الخليج الفارسي" مصلحة حيويّة لبلاده. وذلك كان عام اندلاع الثورة الإسلاميّة في إيران وانتصارها وعام الاشتباك أو الحرب التي لم تنتهِ بعد بينها وبين أمريكا.

في تلك الفترة قدّمت هذه الدول تسهيلات عسكريّة ودعما ماديّا لأمريكا كي تستمر في دفاعها عن الخليج ضد أي غزو سوفياتي، وفي دعم الثوّار الأفغان الذين كانوا يُسمّون "مقاتلين من أجل الحريّة" ضد الاحتلال السوفياتي لبلادهم.

قال أيضا إن الدول نفسها ساعدت البحرية الحربيّة الأمريكيّة في حماية سفن الشحن في مياه الخليج، ومنعت إيران من إلحاق الهزيمة بالعراق في حرب الـ8 سنوات بين 1980 و1988. وساعدت في إنهاء الغزو العراقي للكويت، ودعمت القوات الأمريكيّة في حرب العراق وعمليّاتها العسكريّة في أفغانستان، وأخيرا الحملة العسكريّة ضد "داعش" أو الدولة الإسلاميّة.

كما أن البحرين استضافت خلال معظم حقبة التعاون هذه الأسطول الأمريكي الخامس. أما واشنطن، تابع الباحث نفسه، فتبادلت مع الدول نفسها كميّات من المعلومات الاستخباريّة المهمّة حول الإرهاب.

ورغم وجود تباينات وأحيانا خلافات بين أمريكا وهذه الدول السُنيّة وخصوصا حول غزو الأولى العراق وحول إسرائيل كما حول ممارسات حكوماتها في الداخل، كان الخليجيّون العرب شركاء يُعتمد عليهم لحماية المصالح الحيويّة الأمريكيّة مثل حماية حريّة الوصول إلى النفط، ومواجهة الإرهاب، ومنع دولة معادية من السيطرة على المنطقة.

هل كان دونالد ترامب قبل انتخابه رئيسا يعرف ذلك كلّه؟ وهل يعرفه الآن رغم أنه لم يدخل البيت الأبيض إلّا منذ شهرين وبضعة أيّام؟

أجاب الباحث الأمريكي الجدّي نفسه أن آراء ترامب عن دول الخليج العربيّة تتطوّر وبوضوح. فهو كان "مزدريا" للعربيّة السعوديّة في أثناء حملته الانتخابيّة معتبرا العلاقة معها أحادية، أي لم تستفِد منها أمريكا إلّا قليلا بخلاف الرياض.

وربما لم يكن ترامب يمتلك سوى فكرة بسيطة عن تاريخ العلاقات الأمنيّة بين أمريكا ودول الخليج. وربّما اختار أن لا يركّز على مليارات الدولارات التي دفعتها لـ"مقاولي الدفاع" ثمنا لأسلحة ومعدّات عسكريّة متنوّعة. لكنّه على ما يبدو عازم على دفع الحلفاء والشركاء الأمنيّين للقيام بالمزيد على هذا الصعيد في اجتماعاته معهم.

ولا بدّ أن يساعده في ذلك الثلاثي المعاون له وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجيّة ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي ماكماستر جرّاء معرفتهم الجيّدة بالخليج. وهم ربّما يريدون البحث معه استكشاف ما يمكن أن يُعمل مع دوله العربيّة، وذلك من أجل إعادة تصميم دعمها ووضعه في خدمة المصالح الأمريكيّة.

في اختصار لترامب عناوين قضايا ثلاث يريد أن يعمّق علاقة بلاده بالدول العربيّة في الخليج، وفي مقدّمها المملكة العربيّة السعوديّة؛ من أجل تأمين معالجة جدّية وناجعة لها. الأولى مواجهة واحتواء النفوذ الإيراني في الخليج، بل في العالمين العربي والإسلامي. والثانية "تجنيد" هذه الدول لمحاربة "داعش" أي الدولة الإسلاميّة. أمّا الثالثة، فهي التفاوض حول السلام بين إسرائيل والفلسطينيّين.

(النهار اللبنانية)
0
التعليقات (0)