مقابلات

قروري: الدولة العميقة عرقلت بنكيران.. ولسنا من "الإخوان"

رئيس الوزراء الحالي سعد الدين العثماني رجح مصلحة الوطن على مصلحة الحزب- تويتر
رئيس الوزراء الحالي سعد الدين العثماني رجح مصلحة الوطن على مصلحة الحزب- تويتر
قالت النائبة عن حزب العدالة والتنمية المغربي، بثينة قروري، إن "الدولة العميقة" هي التي أفشلت محاولات رئيس الوزراء السابق بنكيران في تشكيل الحكومة، حتى لا تترسخ زعامة سياسية في البلاد.

وأضافت أستاذة العلوم السياسية والقانون الدولي بجامعة مراكش، في مقابلة أجرتها معها "عربي21" في الاول من نيسان/ أبريل الجاري، أن رئيس الوزراء الجديد، سعد الدين العثماني، شخصية قوية، ولكنها هادئة ورصينة، وتكمن قوته في هدوئه، مشيرة إلى أنه "استطاع إنجاز تشكيل الحكومة خلال أسبوعين من تكليفه؛ نظرا لأنه اتبع استراتيجية ترجيح المصلحة الوطنية على مصلحة الحزب".

وأشادت قروري بتعامل العاهل المغربي محمد السادس مع موجة الربيع العربي "بذكاء شديد"، لافتة إلى أنه "أعلن خطابا في 9 آذار/ مارس 2011 فاق فيه سقف مطالب وطموحات الشباب المغربي عقب خروجهم في تظاهرات 20 فبراير، وحدد فيه أنه سيتم تعديل الدستور، واستجاب لجميع المطالب الجماهيرية بتطوير الديمقراطية".

وإلى نص الحوار..

هل من نبذة حول مسيرة انتقال حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى الحكم في المغرب؟

خطّ حزب العدالة والتنمية خطا تصاعديا في تواجده بالحياة السياسية المغربية منذ دخوله المشهد السياسي في انتخابات عام 1997، حيث استطاع أن ينتقل من تسعة مقاعد برلمانية إلى 42 مقعدا ثم 46 مقعدا، فـ107 مقاعد في 2011، إلى أن حصل في انتخابات 2016 على 125 مقعدا بالمجلس التشريعي.

وبعد خمس سنوات من وجوده في الحكم لم تتراجع شعبيته، وإنما اكتسح انتخابات البلديات في 2015، واستحوذ على رئاسة أغلب مجالس كبرى المدن المغربية، كالدار البيضاء، والرباط، وبراقش، وطنجة، وتطوان، وفاس، وسلا، من بين 200 مدينة ومحافظة فاز بها، على الرغم من اتخاذ الحزب عددا من القرارات الاقتصادية القاسية على المستوى الشعبي، مثل صندوق المقاصة والتقاعد.

هنا تحركت الدولة العميقة "التماسيح والعفاريت" بحسب وصف رئيس الوزراء السابق عبدالإله بنكيران، لعرقلة الحزب ووقف تقدمه في المرحلة الفاصلة بين عامي 2015 و2016، فقامت هذه العفاريت بممارسة ضغوط لتعديل قانون الانتخابات، بحيث يتم تقليص العتبة (نسبة إجمالي الأصوات المؤهلة للأحزاب بدخول البرلمان) من 6 بالمئة إلى 3 بالمئة، لإفساح المجال امام أكبر عدد من الأحزاب السياسية في البرلمان، ومن ثم تقليص مقاعد حزب العدالة والتنمية.

وهل حصل ما كانوا يخططون له وتراجعت مقاعد حزب العدالة والتنمية؟

العكس هو ما حصل، حيث استفاد الحزب من هذا الإجراء في مقاعد الصحراء المغربية، وفاز عدد كبير من مرشحي الحزب هناك بعد انخفاض العتبة إلى 3 بالمئة، وفي هذا السياق نظمت التماسيح والعفاريت مسيرة ضخمة في الدار البيضاء، وتم تجييش المواطنين لها قبيل الانتخابات، وفوجئ المشاركون برفع شعارات "لا لأخونة الدولة" و"بنكيران.. ارحل"، واستلهام شعارات تم استحضارها من الانقلاب في مصر وإسقاطها على السياق المغربي، وهو ما استفز قطاعا كبيرا من المشاركين في المسيرة، ورفضوا خداعهم، وكان ذلك من حسن طالع "العدالة والتنمية"، إذ أتت هذه المسيرات برد فعل عكسي، ورفضها البعض وقالوا إننا خرجنا نرفض الإرهاب وليس بنكيران، وشعروا بأنهم خدعوا، فقررت مجموعة كبيرة من الليبراليبن واليسار المحترمين وكثير من الجماهير التصويت لنا، بسبب محاولة خداعهم، مما أدى إلى زيادة نسبة التصويت لصالح حزب بنكيران.

إذن؛ ما هو تفسيركم لعرقلة حكومة بنكيران، طالما أنه حقق كل هذه النجاحات، ويتمتع بهذه الشعبية؟

المشهد السياسي المغربي عبر التاريخ لا يقبل زعامة سياسية تنافسه. وشخصية بنكيران تتمتع بكاريزما قوية، فمثلا طريقة خطابه بوضوح وشفافية في أي قرار يتخذه أثناء رئاسته الحكومة، حيث إنه كان يخرج للمواطنين ليشرح لهم أسباب القرار، ويبسط لهم السياسة، فأصبح جميع المغاربة يتابعون الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، مما أكسبه شعبية كبيرة، وهذا ما جعل شخص بنكيران يتعرض لـ"بلوكاج" بالفرنسية، أي العرقلة أو الفرملة، وهو ما تجلى في عرقلة تشكيله للحكومة.

وهناك من يقول إن جزءا من النظام المحيط بالديوان الملكي للدولة؛ كان غير راض عن استمرار بنكيران حتى لا يشكل زعامة عند الناس، والبعض قال إن بنكيران ليس المقصود، بل المقصود هو حزب العدالة والتنمية بشكل عام.

ما هو موقف الديوان الملكي من حزب العدالة والتنمية بعد فشل بنكيران في تشكيل الحكومة؟ 

ظل الملك منسجما مع الإطار الدستوري، ولأول مرة يصدر الديوان الملكي بلاغا يشرح فيه أسباب إعادة تكليف شخصية ثانية من نفس الحزب الأول بتشكيل الحكومة، ولم يعلن عن اسمه، وبعد نشر بيان الملك بيوم؛ اجتمعت الأمانة العامة للحزب، وبعد مشاورات تم الاتفاق على بديل لبنكيران؛ ما دام الملك بقي منسجما مع المقتضيات الدستورية، رغم أن من الممكن تكليف رئيس الحزب الثاني لتشكيل الحكومة.

ما تفسيركم لنجاح سعد الدين العثماني في الانتهاء من تشكيل حكومة في بضعة أسابيع، بينما فشل بنكيران في ذلك خلال ستة أشهر؟

كان اختيار الملك محمد السادس للدكتور سعد الدين العثماني وتكليفه بتشكيل الحكومة اختيارا موفقا، إذ استطاع أن يشكل حكومة من طرف الأحزاب الستة التي رفض بنكيران ضم بعضها لحكومته.. أما الأسباب والتحليلات فهذا موضوع آخر.

ما حقيقة ما نسب للشيخ أحمد الريسوني من قوله بأن العثماني شخصية ضعيفة بالنسبة لتولي منصب رئيس الحكومة؟

الشيخ الريسوني لم يقل ذلك أبدا.. كما أن العثماني ليس ضعيفا، ولكنه من النوع الهادئ الذي يستوعب الجميع، وفي النهاية نحن رجحنا بين مصلحة الوطن ومصلحة الحزب، وقلنا إن مصلحة الوطن تقتضي أن نقدم هذه التنازلات، فيتقدم العثماني ويتأخر بنكيران، وتعلمنا الدرس مما حدث في مصر وتونس، فقدمنا مصلحة الوطن على مصلحة الحزب والحركة.

ما هي انعكاسات أحداث الربيع العربي عليكم بخاصة، وعلى الوضع السياسي في المغرب بعامة؟

تعامل المغرب بشكل استثنائي مع موجة الربيع العربي، وكان الملك ذكيا في التعامل مع استيعاب مطالب الشعب المغربي، إذ أعلن خطابا في 9 مارس 2011 فاق فيه سقف مطالب وطموحات الشباب المغربي عقب خروجهم في تظاهرات 20 فبراير، وحدد فيه أنه سيتم تعديل الدستور، واستجاب لجميع المطالب الجماهيرية بتطوير الديمقراطية، وكان خطابا تاريخيا. 

ما هي جهودكم في ملف حقوق المرأة؟

نجحت الحركة النسائية الإسلامية بالتنسيق مع كافة الناشطات من مختلف الاتجاهات في عهد حكومة "العدالة والتنمية" في إنجاز مجموعة من القوانين التي عجزت الحكومات السابقة عن إخراجها للعلن، إذ نجحت وزيرة المرأة عن "العدالة والتنمية" بسيمة حقاوي، في إصدار قوانين "العنف ضد النساء"، وقانون "تجريم الاتجار بالبشر"، وقانون "حقوق العاملين والعاملات بالمنازل"، وصرف معاش اجتماعي للأرامل لأول مرة، وكذلك توفير نفقة المرأة المطلقة باستحداث الحكومة صندوق التكافل العائلي، كما تمت المصادقة على البروتوكول الملحق باتفاقية التمييز ضد المرأة.

هل حزبكم امتداد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر؟

إطلاقا؛ فلا وجود لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب، ونحن لسنا فرعا للإخوان، فالتجربة المغربية متفردة، وليس لها علاقة بالإخوان المسلمين، سواء تنظيميا، أو فكريا، وإن كنا نتقاطع في بعض القضايا، فـ"العدالة والتنمية" و"حركة التوحيد والاصلاح" المغربيين؛ شقا نموذجا ومنهجا خاصا بهما؛ يختلف تماما في قراءته للواقع وأدبياته الفكرية، وعلاقته بالمرأة وبالسياسة وبالديمقراطية والاقتصاد.

وأنا شخصيا أجدني في بعض الملتقيات الدولية عاجزة عن التواصل مع بعض الأخوات المصريات؛ لا فكريا، ولا حركيا؛ لأنهن عاطفيات ومغرقات في الرؤية التقليدية. لذلك؛ يضحكنني بعض اليساريات عندما يقلن لنا: أنتم امتداد لإخوان مصر.

ما تقييمكم لتجربة الإسلاميين بتونس في أعقاب الربيع العربي؟

أعتقد أن إخوان تونس يتحلون بالحكمة أكثر من غيرهم، ومن خلال لقاءاتنا معهم كبرلمانيات وعضوات في حركة إسلامية؛ نجد أنهم يحرصون على الاستفادة من التجربة المغربية، حيث إنهم يضعون نصب أعينهم المصلحة العليا لوطنهم على حساب أي شيء آخر، ولذلك تتطور الديمقراطية في البلاد.

وأعتقد أن إخوان تونس يدركون -مثلنا في المغرب- أن المنهج السليم هو التدرج الديمقراطي، حيث إنه لا يمكن لمجتمعات ظلت على قطيعة مع الديمقراطية وتحاربها؛ أن تصبح ديمقراطية بين عشية وضحاها، وأمامنا مثال الدول الأوروبية وكيف أنها أخذت جولات ما بين ثورات وثورات مضادة وتدافُع لسنوات طويلة؛ من أجل إقرار الديمقراطية.

ما هي طبيعة علاقتكم بالإعلام في المغرب؟

هناك نوعان من الإعلاميين؛ أحدهما يقوم بالنقد اليومي لأداء حزب العدالة والتنمية من منطلق موضوعي، ونحن نرحب بالإعلام الجاد، ولكن هناك منابر إعلامية صفراء تم تجييشها لإضعاف حزب العدالة وتشويه تجربته الحكومية، بل وصل الأمر إلى أنه قبل الانتخابات تم الافتراء على مجموعة من قيادات الحزب في قضايا أخلاقية مفبركة، وذلك حينما عجزوا عن إثبات أية قضية فساد مالي أو جنائي.

وبالرغم مما تمتع به رئيس الحكومة السابق بنكيران من علاقة وطيدة بمختلف أطياف الإعلاميين في إطار الشفافية؛ إلا أن العالم العربي بشكل عام يفتقر لوجود صحافة حرة مستقلة.
التعليقات (2)
أبوبكر إمام
الإثنين، 17-04-2017 10:26 م
كأن السائل قد وضع على عنق السيدة النائبة سيفا باتر إذا ما هي انتسبت إلى جماعة الإخوان المسلمين قطع رأسها به، فلا وجود لجماعة الإخوان بالمغرب ، ولا ، أي حزب النائبة ، هم فرع من فروعها ، وليس لتجاربهم علاقة بهده الجماعة ، وإن كانت تجرب الإخوان في ساحة الدعوة قد شرقت وغربت ، لا تنظيميا ، وهذه لاغبار عليها ، ولا فكريا ، وهذه التي تؤاخذ عنها ، لأن فكر الإخوان ليس فكرا ماسونيا أو كفريا حتى تتبرأ منه بهذه الشدة والحدة ، ففكر الجماعة مستمد من منهج الإسلام العظيم يغرف ويقتبس منه كل مسلم يريد العودة لحكم الله تعالى ، بغض النظر عن قربه من هذه الجماعة أو بعده عنها ، ولا يوجد في ذلك مذمة ولا خطر ولا حضر ، ولكن للسيدة النائبة مآرب في تصريحها يعلمها الله ..الإخوان يا سيدتي النائبة لهم فضل لا يجحده مؤمن ، وجهادهم مسطر في كل ميادين الحياة ، وقد كانوا يوم أن لم يكن من هؤلاء من لا يحسن الوقوف بين يدي ربه في الصلاة ،وإنما الذي تركني أكتب هذا التعليق كون أحد من الناس قد يقرأ تبرأها من جماعة الإخوان فيظن أن في الإخوان والانتماء إليهم عيب وعار ، وقد أصيب وأخطأ ، والله ولى التوفيق والسداد .
ابن الجبل
الإثنين، 17-04-2017 03:17 م
لا يجب مقارنة الوضع في المغرب بالوضع في مصر،ففي كلاهما يوجد دولة عميقة ولكن في المغرب يوجد دولة عميقة وناجحة يغلب عليها الاحترام وديمقراطية معقولة ،أما في مصر فالدولة العميقة دكتاتورية وعقيمة وفاسدة وحقيرة.