قضايا وآراء

الطريق الصعب إلى صفقة تبادل الأسرى!!

1300x600
شكل الإصدار الأخير لكتائب القسام، الفيديو الغنائي باللغة العبرية، اعترافا رسميا من كتائب القسام بأن الجنود الأسرى لديها هم أحياء. ففحوى هذا الإصدار يخالف الموقف المعلن من كتائب القسام برفض إعطاء معلومات عن مصير الجود دون ثمن. هذا الموقف الجديد يشكل نقلة نوعية في تعاطي القسام مع هذا الملف.

طوال هذه الفترة الماضية التي رفضت فيها كتائب القسام إصدار أي توضيح عن مصير هؤلاء الجنود، استغلت إسرائيل هذا الموقف في إقناع عائلات الجنود بقبول موقف الدولة الرسمي بأن جنودها لدى حماس قتلى، وأن ما لدى حماس ما هي إلا جثث، وبذلك أغلقت الحكومة الإسرائيلية الملف أمام الإعلام، وأسدلت ستارا من التكتم الإعلامي حول هذه القضية. وعليه، فإن إسرائيل أعلنت أنها غير متعجلة للدخول في صفقة مع حماس على جنود قتلى مقابل أسرى فلسطينيين أحياء، وحاولت فرض معادلتها" "جثث مقابل جثث".

لكن مع مضي ثلاث سنوات على انتهاء الحرب، صاحبتها حملة إعلامية مستمرة من كتائب القسام باتجاه عائلات الجنود والحكومة الإسرائيلية لاختراق جدار الصمت الإسرائيلي، بدأ ذوو الجنود يطالبون الحكومة بخطوات تجاه حركة حماس من أجل معرفة مصير أبنائهم، كان آخرها المواجهة الحادة بين والدة الجندي هدار غولدن ورئيس الوزراء نتانياهو في إحدى قاعات الكنيست، خلال جلسة استماع، رد فيها رئيس الوزراء على تقرير مراقب الدولة حول الحرب في غزة 2014.

في ظل هذه الأزمة المتصاعدة بين الحكومة الإسرائيلية وعائلات الجنود الأسرى، أصدرت كتائب القسام الفيديو الغنائي الأخير باللغة العبرية، بعنوان "حكومتكم تكذب عليكم". وقد جاءت كلمات الأغنية لتكذب الرواية الرسمية بأنهم قتلوا، وأنهم أحياء، وتطالب عائلاتهم بعمل من أجل أن تظهر الحقيقة التي تخفيها الحكومة، التي تجاهلتهم وأهملت شأنهم بعد أن أرسلتهم للحرب.

هذه هي المضامين العامة للفيديو، لكن لا أحد يعرف ما إذا كان الفيديو قد حمل إشارات خاصة يفهمها ذوو الجنود عن أبنائهم، وتعطيهم إشارات فعلا بأنهم أحياء، هذا الأمر متروك لكتائب القسام وعائلات الجنود. لكن المهم الآن هو ما أوردته المصادر المتتبعة لمواقع التواصل الاجتماعي داخل الكيان الصهيوني؛ بأن الأغنية قد نجحت في الوصول إلى قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي، الذي أبدى اهتماما كبيرا في هذا الفيديو على غير العادة هذه المرة، خاصة بعد أن شاهد الجمهور الإسرائيلي المواجهة الساخنة بين والدة الجندي هدار غولدن، وهي من عائلية يمينية متشددة، ورئيس الوزراء.

بشكل عام، "المفقود مهما كانت المؤشرات على موته، فإن الأمل بوجوده حيا يبقى قائما لا يمكن تجاهله، ويبقى مدفونا في وجدان عائلات المفقودين، ويزداد مع بروز أي مؤشر على الحياة". وعليه، من الواضح بعد هذه الجولة أن موقف الحكومة الإسرائيلية أصبح مكشوفا بعدما كسرت عائلات الجنود الأسرى صمتها، وخرجت على الجمهور تكذب الرواية الرسمية، وتطالب بكشف الحقائق عن مصير أبنائها، وبذلك تكون كتائب القسام قد نجحت في إحداث اختراق مهم، وهو كسر قناعات ذوي الجنود عن مصير أبنائهم كمرحلة أولى، ثم خروج هذه العائلات للمطالبة بالتحرك من أجل الإفراج عن أبنائهم، وهذا الأمر سيدفع عائلات الجنود للتحرك على مستوى الشارع الإسرائيلي من أجل الضغط على الحكومة، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لكن كل المؤشرات تدل على ذلك، خاصة أن عائلات الجنود أصبح لديها الأمل بأن يكون أبناؤها على قيد الحياة. ومع بروز هذه المؤشرات، فإن هذا سيدفع العائلات للتحرك؛ مستغلة كل الساحات، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الانطلاق في أوساط الجمهور الإسرائيلي للضغط على الحكومة.

 وقد بدأت ملامح هذه المرحلة تظهر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عبر انتشار الفيديو الغنائي عن مصير الجنود. لكن بانتظار التفاوض على الصفقة، فإن هناك حاجة للتفاوض أولا لتتأكد الحكومة الإسرائيلية من مصير الجنود والحصول على معلومات حولهم، كما حدث في مراحل التوصل إلى صفقة شاليط "وفاء الأحرار" في تشرين الثامي نوفمبر 2011. وعليه، فإنه يمكننا القول إننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة في ملف الجنود الأسرى لدى حماس، تبدأ بالتفاوض حول مصير الجنود، وليس للوصول إلى صفقة التبادل. ومن المتوقع أن يكون التفاوض عليها صعبا على الطرفين، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تأخير الوصول إلى الصفقة، ويرجع ذلك لسببين رئيسيين، وهما أن التفاوض قد يبدأ متأخرا مقارنة بصفقة الإفراج عن شاليط، وأن المفاوضات القادمة ستتأثر بشكل سلبي بنتائج الصفقة السابقة.