صحافة دولية

هكذا حولت غارات التحالف حياة أهالي الرقة السورية إلى جحيم

سقط العديد من المدنيين ضحايا لغارات التحالف على تنظيم الدولة بالرقة- أ ف ب
نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" الناطقة بالألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أوضاع أهالي الرقة في ظل القصف المكثف من قبل قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، حيث فر النساء والأطفال من المدينة، في حين بقي الرجال في بيوتهم لحمايتها من بطش عناصر تنظيم.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن النساء والأطفال غادروا المدينة، قبل انطلاق غارات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، للبحث عن ملجأ آمن. ويبدو أنهم توقعوا أن المدينة قد تتعرض لحصار مشدد وأن الأهالي قد يعيشون في جحيم.
 
وفي هذا الصدد، أورد شخصان لمنظمة العفو الدولية أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة شن بتاريخ 11 أيار/ مايو، سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مزرعة تقع شمال غرب مدينة الرقة، ما أسفر عن مقتل 13 امرأة وطفلا من أسرة واحدة. وعندما زار وفد من المنظمة عين المكان، شاهد حجم الدمار الهائل الذي خلفه القصف. 
 
وأشارت الصحيفة إلى أن وفد المنظمة لم يتثبت من مسألة وجود عدد من عناصر تنظيم الدولة بالقرب من تلك المزرعة، ولكن هذا ليس مبررا لقتل عائلة بأكملها. ومن هذا المنطلق، اتهمت منظمة العفو الدولية قوات التحالف الدولي بعدم الاكتراث لوجود مدنيين في المزرعة أثناء عمليات القصف. ونتيجة لذلك، لقي المئات من المدنيين حتفهم، بينما ازدادت حصيلة الجرحى منذ بداية الهجمات خلال شهر أيار/ مايو الماضي.
 
وذكرت الصحيفة أن الأخبار المتعلقة بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين في مدينة الرقة قد تواترت بشكل مكثف خلال الأسابيع الأخيرة. فيوم الاثنين الماضي، أسفرت غارات جوية قادها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة عن سقوط العشرات من الضحايا. وفي هذا الصدد، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 42 مدنيا من بينهم 19 طفلا و12 امرأة قتلوا جراء سلسلة من الغارات الجوية استهدفت معاقل تنظيم الدولة في الرقة.
 
وأفادت الصحيفة بأن قوات التحالف قد كثفت من نسق الغارات الجوية على مدينة الرقة لتدعيم الهجوم البري الذي تقوده قوات سوريا الديمقراطية. وتجدر الإشارة إلى أن حياة أهالي الرقة قد تحولت إلى جحيم حقيقي، حيث يتخذ تنظيم الدولة بعض المدنيين كدروع بشرية.
 
وبينت الصحيفة أن التحالف الدولي يشن غارات جوية مكثفة على مناطق نفوذ التنظيم المتطرف في المدينة، كما استخدم سلاح المدفعية خلال هجماته، علما بأن مثل هذه الغارات تعتبر غير شرعية نظرا لأنها تهدد المناطق الآهلة بالسكان. وفي هذا الإطار، قال منسق الأمم المتحدة لحالات الطوارئ، جان إيغيلاند، إن "المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في مدينة الرقة تعتبر أسوأ مكان في سوريا التي مزقتها الحرب".
 
وأضافت الصحيفة أن الفرار من المدينة يعتبر أمرا صعبا بالنسبة للآلاف من أهالي الرقة نظرا لأن تنظيم الدولة أغلق كل منافذ المدينة. ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة، بقي قرابة 25 ألف شخص محاصرا في المدينة في ظل غياب المواد الغذائية والماء الصالح للشرب، فضلا عن افتقارهم للأدوية والوقود.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن كثفت من هجماتها على مناطق نفوذ تنظيم الدولة خلال عهد الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، إذ تم تخفيف إجراءات التدخل العسكري، إذ لم يعد القادة العسكريون يتلقون تعليمات من القيادة المركزية بشأن الغارات حتى يتسنى لهم التدخل السريع إن لزم الأمر، لكن ذلك فتح الباب أمام استهداف المدنيين الأبرياء.
 
وذكرت الصحيفة أن ترامب قطع مع إستراتيجية سلفه أوباما، التي تدعو إلى التقليص من الخسائر في صفوف المدنيين عند شن الغارات. وفي هذا السياق، أعلن التحالف الدولي عن مسؤوليته تجاه سقوط أكثر من 600 ضحية في صفوف المدنيين منذ انطلاق عملياته العسكرية في سوريا والعراق سنة 2014. في المقابل، أكدت منظمات حقوقية أن العدد يفوق ذلك بكثير.
 
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة "إير وورز" غير الحكومية، التي توثق الغارات الجوية في سوريا والعراق، أن عدد ضحايا هذه الغارات بلغ قرابة 400 شخص. ووفق مصادر محلية، بلغ عدد ضحايا غارات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في سوريا، خلال شهر آب/ أغسطس الحالي، حوالي 380 مدنيا، مع العلم أن أكبر عدد من الضحايا قد سجل في مدينة الرقة.
 
وأفادت الصحيفة بأن مدينة الرقة تمثل تحديا كبيرا بالنسبة لمنظمات الإغاثة. وعلى الرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية تساعد اللاجئين، إلا أنها غير قادرة على حماية عمال الإغاثة. ونظرا لأن الغارات الجوية لم تنفذ من دمشق، لم تقدر منظمات الإغاثة على التنسيق مع النظام السوري.
 
وقالت الصحيفة إن تركيا لم تتعاون مع منظمات الإغاثة على الرغم من أن معظم العمليات تتم على حدودها، كما قامت بطرد العديد من منظمات الإغاثة نظرا لأنها تعمل في مناطق النفوذ الكردية.