سياسة دولية

هل العقوبات الأمريكية الجديدة مقدمة لحرب ضد حزب الله؟

حسن نصر الله أقر بتأثير العقوبات الاقتصادية على حزبه- أرشيفية

يحبس الاقتصاديون في لبنان أنفاسهم، بانتظار إصدار النسخة المحدثّة من العقوبات الأمريكية، التي تطال مسؤولين وشخصيات وجمعيات محسوبة على حزب الله، والتي تخشى المصارف اللبنانية أن تترك آثارها السلبية عليهم.

يشار إلى أن القطاع المصرفي اللبناني فتح قنوات اتصالات مع الإدارة الأمريكية منذ القانون الأول الصادر عام 2016 ، وتواصلت بعد ذلك المحادثات؛ بهدف تحصين المصارف اللبنانية من التداعيات السلبية للإجراءات الأمريكية.

ويتدارس مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون جديد؛ لتضييق الخناق على حزب الله وإيران ماليا، كما من المتوقع أن يتخذ سلسلة إجراءات بهذا الصدد.

وحول الآثار المحتملة للعقوبات الجديدة، يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، في حديث لـ"عربي21": "لا بد أن يكون لأي إجراء عقابي له صلة جزئية بلبنان تأثيرات، لكن الاحتواء متاح، على غرار القانون الماضي".

وعن مدى تأثر حزب الله بالعقوبات الأمريكية، قال: "كل عمليات الحزب المالية تتم خارج النظام المالي الكلاسيكي، فالأموال تصله نقدا، ويقوم باستثمارها وصرفها نقدا، وهي لا تمرّ عبر وسائط المصارف اللبنانية"، وفق قوله.

وتطرق يشوعي إلى قدرة حزب الله المالية، مشيرا بقوله: "يضم حزب الله شبكة مكونة من استثمارات متنوعة، تقوم على الأرجح على قاعدة الاكتفاء الذاتي".

ونفى يشوعي وجود أي علاقة اقتصادية بين المصارف وحزب الله، معتبرا أن "كل المصارف تنأى بنفسها عن شبهة التعامل مع جهات لها صلة مع الحزب، إلى جانب أن الأخير نفسه يعمل على حماية كل الجهات الاقتصادية والتجارية التي يتعامل معها".

ووسط ما يحكى عن حالة تململ تسود رجال أعمال شيعة في بلاد الاغتراب، رأى يشوعي أن "الأمر طبيعي، فالعقوبات مدوّلة، وتطال كل من تحوم حوله شبهة"، متحدثا عن أن "اللبنانيين في الاغتراب من الطائفة الشيعية يتعرضون لتضييقات، بفعل ما يتم تداوله عن تقديم مجموعات منهم تبرعات لحزب الله"، كما قال.

وعلى المستوى السياسي، يبدو أن الدولة اللبنانية غير مجهزة بشكل موحد لمواجهة التحدي الجديد الذي يطال ركنا أساسيا يشارك في الحكومة والبرلمان. وفي هذا السياق، يرى يشوعي أن "الحكومة اللبنانية معنيّة بأن تعالج الملف على مستويين؛ الأول تحصين الوضع السياسي من أي هزّات، والثاني ضمان الاستقرار المصرفي".

وتشير المواقف السياسية من الأطراف كافة إلى أن حكومة الحريري معرضة للاهتزاز بقوة فور إصدار العقوبات الأمريكية الجديدة، في ظل التباينات الموجودة داخلها، ومن المتوقع أن تطالب الأقطاب السياسية المتحالفة مع حزب الله بموقف متضامن مع الحزب تجاه العقوبات، بينما يرفض الحريري ومعه وزراء القوات اللبنانية أي دعم للحزب على قاعدة "الحياد" و"النأي بالنفس".

يشار إلى أن وسائل إعلام لبنانية تتحدث عن احتمالية استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة؛ نتيجة سياسة الهيمنة على القرار اللبناني التي يفرضها حزب الله.

يشار إلى أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أقرّ مؤخرا بتأثير العقوبات الاقتصادية على حزبه، لكنها لم تؤدّ غرضها بإضعاف الحزب، على حد قوله.

 

من جهته، يرى الكاتب والمحلل، قاسم صغير، أن "مسلسل العقوبات متواصل من قبل الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية، من دون أن يحقق أهدافه السياسية"، معتبرا أن "حزب الله والمصارف اللبنانية تمكنوا من احتواء الموجة الأولى من العقوبات، وحدّوا من تأثيراتها"، على حد قوله.

وحذر في حديث لـ"عربي21"، من أن "هناك محاولة لزيادة هذه العقوبات، وتوسعة دائرة الشخصيات والجهات التي تطالهم على المستوى اللبناني والعربي".

وتتعدد التكهنات حول الأهداف الاستراتيجية من العقوبات المنتظرة، وسط بروز معطيات عن نيّة الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، شن حرب على حزب الله، ويتوافق قصير مع هذا الرأي، وقال: "هناك معلومات مؤكدة أن الكيان الصهيوني يفكر جديّا بتوجيه عمل عسكري يطال حزب الله منفردا، أو عدوان يستهدفه في أماكن تواجده في سوريا أيضا"، مستدركا: "لكن الظروف الميدانية لم تنضج بعد لهذا عدوان"، وفق تقديره.

وقلّل قصير من قدرة الجيش الإسرائيلي في حسم المعركة المقبلة المتوقعة مع حزب الله، معربا عن اعتقاد بأن "أي عدوان لن يحقق نتائج حاسمة بالقضاء على الحزب أو توجيه ضربة قاسمة له، كما يطمح الإسرائيليون لذلك، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة متخوفة من اشتعال الصراع في المنطقة في حال توجيه أي ضربة لحزب الله".

ورأى أن "الأشهر المقبلة قد تشهد عدوانا على لبنان في حال عدم التقدم في الملفات الإقليمية التي يتم تداولها حاليا".

وعلى عكس رؤية قصير، يرى النائب عن تيار المستقبل، مصطفى علوش، أن "تأثير حزب الله، ومنذ العقود الماضية، شديد الوطأة، على الرغم من الإنجازات التي حققها، ومنها تحرير الجنوب عام 2000".

ولفت علوش إلى أن "الحزب تورط في العديد من القضايا الداخلية اللبنانية، منها قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري"، وذهب علوش إلى القول بأن الحزب "مليشيا عابرة للحدود، وجزء من الحرس الثوري الإيراني في لبنان"، كما قال.

وأكد علوش أن "العقوبات الجديدة ستؤثر على لبنان؛ لكون اقتصاد حزب الله متداخل مع الاقتصاد الداخلي اللبناني، كما أن جمهوره هو جزء من النسيج اللبناني"، على حد قوله.

ودعا علوش حزب الله للاختيار بين "البقاء في العباءة الإيرانية، أو أن يكون حزبا لبنانيا محترما"، مضيفا: "ما يمكن اتخاذه بحق لبنان لا يمكن للحكومة تجاوزه، وربما تتبنى فكرة الحياد أو الذهاب إلى مربع الحديث عن لبنانية حزب الله.