صحافة دولية

صحيفة فرنسية: المؤسسة الدينية في السعودية بدأت بالانهيار

فاتحة درزاي قالت إن الانهيار سيكون تدريجيا- أرشيفية

نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية، حوارا مع المختصة في تاريخ ممالك شبه الجزيرة العربية وصاحبة كتاب "السعودية في 100 سؤال"،  فاتحة دازي - هيني‎، التي تطرقت للحديث عن دعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى تركيز نظام ديني معتدل ومتسامح في المملكة، فضلا عن كسر القيود المفروضة على المجتمع السعودي من قبل المؤسسة الدينية.
 
وقالت الصحيفة، في الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن محمد بن سلمان لم يتوان عن "مهاجمة" بعض الأوساط الدينية المحافظة التي كان لها تأثير كبير على المجتمع السعودي طيلة عقود.

 

وضمن مؤتمر اقتصادي دولي في الرياض، صرح ولي العهد، قائلا: "نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة يجسد فيها ديننا قيم التسامح والخير"، وقد حاول الأمير الشاب، على اعتباره أقوى رجل في المملكة، منذ توليه منصب ولي العهد في حزيران/ يونيو الماضي، التخفيف من وطأة الأغلال التي تكبل المجتمع السعودي والتي فرضت من قبل السلطات الدينية في البلاد.
 
وفي سؤال الصحيفة عن مدى تفاجئها بشأن تصريحات الأمير السعودي فيما يتعلق بجعل بلاده أكثر اعتدالا وانفتاحا، أكدت فتيحة دازي -هيني "أن الأمر ليس وليد اللحظة وأن الأمير الشاب يسير على هذا النهج منذ سنتين.

 

علاوة على ذلك، يدرك بن سلمان أن بلاده تخلت عن منهج الاعتدال منذ سنة 1979 مع ظهور تيارات دينية متطرفة، وفي تلك الفترة تحولت المملكة إلى دولة صارمة، حيث باتت الوهابية تسيطر على المنهج الديني حتى في البرامج المدرسية، في حين فرضت رقابة صارمة على المجتمع، فيحاول بن سلمان استرجاع الفترة التي كانت المملكة تتسم فيه بانفتاح أكبر على المستوى الاجتماعي".

 

اقرأ أيضا: هل تشهد السعودية ثورة على "الوهابية" في ظل حكم ابن سلمان؟


وأضافت المختصة في تاريخ ممالك شبه الجزيرة العربية أن لدى الأمير رغبة في حل مشاكل بلاده الاقتصادية، لكنه ينوي أيضا السماح للشباب بالتنفس وذلك من خلال تحرير الوسط الاجتماعي، ويعد هذا الجانب نقطة قوة ولي العهد، حيث تعتبر سياسة ولي العهد اليوم موجهة بشكل خاص للشباب السعودي.
 
وتساءلت الصحيفة عن وجهة نظر فاتحة دازي إزاء تصريح الأمير المتعلق برفضه هدر ثلاثين سنة أخرى في التعامل مع الأفكار المتطرفة، وفي هذا الصدد، أكدت دازي أن الشباب السعودي يعتبر من الفئات المهمشة تماما وذلك نتيجة التأثير القوي للمؤسسة الدينية، التي من مهامها مراقبة المجتمع والتحكم فيه، فضلا عن ذلك،"لطالما كانت المؤسسة الدينية الكيان الضامن للشرعية المطلقة لأسرة آل سعود".

 

ولفتت إلى محمد بن سلمان يحاول تغيير ذلك، حيث يتوجه بخطابه إلى النساء والشباب، الذين يعتبرون الركائز الأساسية لتوطيد سلطته وإثبات نفسه على اعتباره مصلحا لنظم المملكة.
 
وفيما يتعلق بدور محمد بن سلمان في إقرار حق المرأة في قيادة السيارة في المملكة، المسألة التي نوقشت طيلة 20 سنة، أكدت الكاتبة أن الملك عبد الله قد حاول العمل على كسر بعض المحظورات فيما يتعلق بمكانة المرأة في المجتمع، إلا أن سياسة محمد بن سلمان الذي عمد إلى تطبيق أجندته الخاصة، تختلف تماما عن سياسته.

 

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن الأمير عن أبرز قراراته: السماح للمرأة السعودية بالقيادة، وبناء على ذلك، بات المجتمع السعودي مستعدا لبعض التغييرات الجذرية، بالإضافة إلى تقويض بعض القيود الدينية التي تمنع الشباب من الانفتاح على العالم.

 

اقرأ أيضا: بعد السماح لهن بالقيادة.. السعودية تزف خبرا سارا لنسائها

وأشارت فاتحة دازي إلى "أن بن سلمان قد ساهم في الحد بشكل كبير من الرقابة الاجتماعية التي تمارسها الشرطة الدينية، حيث  منعها من إلقاء القبض ومعاقبة المواطنين، وذلك في نيسان/ أبريل سنة 2016.

 

والجدير بالذكر أن ولي العهد السابق محمد بن نايف، قد سلط رقابة صارمة على الدعاة سنة 2013، بالتزامن مع وصول الصراع السوري إلى ذروته، وفي الوقت الراهن، تم تعزيز هذه السياسة من قبل محمد بن سلمان".
 
وفي تساؤل الصحيفة عن المغزى من وراء تصريح ولي العهد: "سنعمل على تدمير التطرف"، أوردت دازي "أن هذه المسألة تبقى غامضة، حيث لا يمكن تفسير قصده المباشر من وراء اعتماد مصطلح "التطرف"، ولكن من الواضح أنه يتحدث عن حركة "الصحوة" المتأثرة بفكر الإخوان المسلمين، التي يبدو أنها الهدف الرئيسي بالنسبة له.

 

وفي المقابل، أشار بن سلمان ضمنيا للجماعات الجهادية على غرار "تنظيم الدولة" "والقاعدة" الذين يعتبرون بالتأكيد ضمن مخططاته التي تستهدف المنظمات الإرهابية المتطرفة".
 
وأردفت فاتحة دازي، أن ولي العهد السعودي، يعتبر الإخوان المسلمين بمثابة عدو جيوسياسي للمملكة، تماما مثل إيران، ويرغب بن سلمان بشدة في الإطاحة بالأفكار الوهابية المتعصبة، في حين يطمح إلى جعل المملكة دولة قائمة على أسس الإسلام السني المعتدل، مع الانفتاح على بقية الأديان.
 
وفي سؤال الصحيفة حول مدى إمكانية تحول السعودية إلى دولة "معتدلة" "ومتسامحة"، أشارت الكاتبة إلى أن المملكة لن تتحول إلى اعتماد نهج الديمقراطية التعددية بالتأكيد، ولكن هناك رغبة حقيقية في التطور والانفتاح، ويبدو أن دور المؤسسة الدينية في المجتمع السعودي بدأ ينهار بشكل تدريجي.
 
وفي الختام، أوردت الصحيفة على لسان فاتحة دازي أن "العائلة المالكة السعودية تتمتع بكافة الوسائل الممكنة للحد من دور المؤسسات الدينية، وقد بات هذا الأمر، أي الحد من دور الأوساط الدينية، سهلا نظرا لأن النظام الملكي أصبح بيد الأب وابنه، خلافا لما كان عليه الأمر قبل ذلك، ففي الواقع، كان للعديد من الأمراء دور مؤثر إلى جانب الحضور المميز لبعض الشخصيات الدينية على الساحة السياسية".