صحافة دولية

لوموند: الأمراء بالسعودية يمتزج مالهم الخاص بالمال العام

الأمير السعودي الوليد بن طلال 18/2/2014 - ا ف ب

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، نقلت من خلاله إجابات مراسل "لوموند" في بيروت، بنجامين بارت، عن أسئلة متابعي الصحيفة حول عملية التطهير الضخمة التي قادتها السعودية ضد شخصيات قيادية بارزة في البلاد.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن لجنة مكافحة الفساد، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، قامت بإلقاء القبض على أحد عشر أميرا وأربعة وزراء حاليين والعشرات من الأعضاء السابقين في الحكومة، وذلك يوم السبت الـ4 من تشرين الثاني/ نوفمبر. وفي الأثناء، تعتزم المملكة ترسيخ "عهد جديد يقوم على سياسة الشفافية والوضوح والمسؤولية"، وذلك وفقا لما ذكره وزير المالية السوري، محمد الجدعان.
 
وتطرقت الصحيفة إلى إجابة بنجامين بارت عن سؤال قارئ مجهول، حول احتمال وجود صلة بين حملة التطهير في السعودية واستقالة الحريري والضغط المفاجئ المسلط على حزب الله وإيران. وفي هذا الصدد، أوضح بارت أن "كل هذه الأحداث تصب في مصلحة تعزيز قوة ولي العهد الطموح، محمد بن سلمان.

 

على الصعيد الداخلي، وبتعلة مكافحة الفساد، قام ابن سلمان بالإطاحة بخصومه المحتملين من الأمراء، على غرار الأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني السعودي السابق، كما قام بتدمير ثلة من الإمبراطوريات الاقتصادية الكبرى، مثل مجموعة بن لادن السعودية، عملاق البناء".
 
وأردف بارت بأنه "على الصعيد الإقليمي، وتحديدا في لبنان، سعى ولي العهد السعودي للتخلص من رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، حيث يراه مفتقرا للحزم فيما يتعلق بمواقفه تجاه حزب الله وإيران. وفي كلتا الحالتين، يعمل ابن سلمان على تهيئة الأرضية المناسبة لفرض سلطته".
 
وفي سؤال "ماري" حول أسباب القبض على هؤلاء القادة، أفاد بنجامين بارت بأن "المملكة لم تصرح بالكثير، في حين أخذت قائمة المعتقلين تنكشف شيئا فشيئا. وفيما يتعلق بالتهم الموجهة إليهم، يعدّ هذا الجانب أكثر غموضا، فباستثناء التهمة العامة، أي "الفساد"، لم تعلن السلطة السعودية عن أي تفاصيل أخرى. وفي الوقت ذاته، لم تؤكد المملكة سوى أنه سيتم مصادرة الأموال المختلسة، وإعادتها إلى خزائن الدولة".
 
 أما بالنسبة لإمكانية إقامة محاكمة علنية في حق المتهمين؛ بهدف تمرير رسالة للعموم، فأوضح بارت أن "بعض المعتقلين قد يتمكنون من الإفلات من العقاب عن طريق دفع غرامة بسيطة، في حين قد يختفي البعض الآخر بشكل قسري داخل السجون السعودية".
 
وفي سؤال "سيباستيان" حول ما إذا كان هذا التطهير يعدّ خطوة فعلية نحو الانفتاح والاعتدال من قبل ولي العهد السعودي، أم مجرد عملية للإطاحة بخصومه الرئيسيين، أورد بنجامين بارت أن "بعض الشخصيات التي تم القبض عليها تورطت بالفعل في عمليات مشبوهة. فعلى سبيل المثال، قد يدفع وزير الاقتصاد السابق وأمين مدينة جدة، عادل فقيه، ثمن الكارثة التي انجرت عن الفيضانات التي ضربت المدينة في سنة 2009، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص".
 
وأضاف بارت أن "الفساد في المملكة العربية السعودية يعدّ آفة حقيقية. لكن المشكلة تتمثل في أن حملة "الأيادي النظيفة" لمكافحة الفساد في السعودية تُتهم بأنها ذات طابع انتقائي، حيث يسعى ابن سلمان ووالده للتخلص من معارضيهم وخصومهم المحتملين".

 

وأردف بارت بأنه "في المملكة العربية السعودية، تمتزج أموال كل الأمراء الخاصة بالمال العام. فخلال السنة الماضية، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ولي العهد السعودي شخصيا اقتنى يختا بقيمة 500 مليون دولار".
 
ونقلت الصحيفة تساؤل قارئ من الرياض حول ما إذا كان الملك سيتنازل عن السلطة لصالح ابنه؟ وفي هذا الشأن، أوضح بنجامين بارت أنه "وفقا لبعض المصادر، من المرجح أن يتخلى الملك سلمان قريبا عن السلطة لصالح ابنه، حيث تقدم به العمر، وأصبحت حالته الصحية متدهورة للغاية. بالنسبة لمؤيدي هذه الفرضية، سيطرأ هذا التحول بمجرد أن يحصل ابن سلمان على الشرعية والقوة الكافية خارج نطاق حماية والده. لكن مصادر أخرى تعتقد أنه من المستبعد أن يوافق الملك سلمان على استبعاده  بهذه الطريقة".
 
وأوردت الصحيفة تساؤل قارئ آخر بشأن إمكانية انبثاق رد فعل محافظ من شأنه أن يطيح بكل مخططات الأمير في ظل حملة "التطهير". وفي هذا الصدد، أورد بنجامين بارت أن "احتمال وقوع ذلك ضعيف جدا. ففي الواقع، يعدّ المجتمع السعودي فتيا جدا، حيث إن 70 بالمئة من السكان تحت سن 30، والغالبية العظمى من هذه الفئة العمرية تؤيد إصلاحات ابن سلمان".
 
أما فيما يتعلق بتزعزع ثقة المستثمرين الأجانب عقب حملة التطهير، فقال بارت موضحا إن "الاضطرابات المصاحبة لحملة التطهير لا تمثل مصدر إزعاج بالنسبة للمستثمرين، وذلك وفقا لبعض رجال الأعمال والاستشاريين والمحللين الماليين، السعوديين والأجانب على حد سواء، الذين تحاورت معهم اليوم".
 
وفي سؤال رفائيل حول ما إذا كانت حملة التطهير في السعودية ستحظى بدعم على المستوى الدولي، صرح بارت بأن "فرنسا أعربت عن "استيائها" من استقالة سعد الحريري، الذي يعدّ حليفا تاريخيا لها، في حين لم تعلن أي ردود فعل أخرى على المستوى الدولي، ولا أعتقد أن أي جهة خارجية قد تبادر بالتنديد بما يحدث، حيث تعدّ هذه المسألة من الشؤون الداخلية السعودية".
 
وفي الختام، تطرقت الصحيفة إلى إجابة بنجامين بارت حول الصلة بين زيارة صهر ترامب، جاريد كوشنر، والأحداث الأخيرة التي جدت في المملكة، حيث أقر بارت بأن "الصحافة الأمريكية لم تتوان عن الربط بين الحدثين. لكننا سنعرف حقيقة في الأيام القادمة إذا ما قام محمد بن سلمان وجاريد كوشنر بمناقشة الأعمال المشتركة بين الدولتين وضرورة محاربة الفساد، أم اتفقا على خطة عمل على نطاق أوسع".