ملفات وتقارير

هل تغيرت معايير التحالفات داخل الأسرة المالكة السعودية؟

السبايلة: الجيل الجديد لحكم المملكة أقرب لأفكار التغيير من المحافظة على الشكل التقليدي- جيتي

كشفت التحولات والأحداث الأخيرة في السعودية عن تبدل في شكل التكتلات والمجموعات المتحالفة داخل العائلة المالكة السعودية والتي بنيت على أساس الروابط العائلية والقبلية.

وعلى الرغم من أن التجاذبات بين أبناء الملك عبد العزيز منذ النشأة كانت موجودة في ظل العدد الكبير من الأبناء الذي يفوق الثلاثين إلا أن شدة التجاذب أصبحت واضحة مع تسلم الملك فهد لمقاليد السلطة وتعزيز قوة الجناح السديري (أبناء حصة بنت أحمد السديري) مقابل جناح الملك الراحل عبد الله والمقربين منه في العائلة.

السدايرة السبعة تسلموا العديد من المناصب الهامة على مدار السنوات الماضية وعززوا نفوذهم فيها وكان من الصعب على الأمراء الآخرين الاقتراب من هذا النفوذ ولم يكن أمامهم منافس سوى الملك عبد الله الذي سعى بكل قواه وحتى نهايات عهده إلى خلخلة هذا التحالف عبر تقوية جهاز الحرس الوطني وبعض مراكز القوة لجناحه.

 

اقرأ أيضا.. هندرسون: هذا هو فريق محمد بن سلمان والملك الجديد قادم

ولجأ الملك سلمان منذ تسلمه الحكم عام 2015 إلى تغيير كافة الإجراءات التي قام بها سلفه وأضعف تياره إلى درجة كبيرة غير مسبوقة وأزاح شقيقه مقرن المحسوب على عبد الله من ولاية العهد ولم يبق لهم سوى وزارة الحرس الوطني التي يقودها متعب ليعود ويتخلص منه بشكل نهائي بإعفائه من منصبه واحتجازه بتهمة الفساد.

وكان الكاتب البريطاني ديفيد هيرست قال في تقرير ترجمته "عربي21" قبل أشهر إن السعودية "مقبلة على جراحة ضد الصف المعارض بالأسرة لابن سلمان وسيتم الإطاحة برئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله الرجل الثاني داخل شجرة العائلة والذي يمتلك نفوذا كبير"، وهو ما حدث بالفعل منذ أسبوع.

التنافس بين السدايرة وجناح الملك عبد الله كان الأبرز لكنه لم يكن الوحيد وإن كان على نطاق أقل قوة لضعف المنافسين ومحدودية نفوذهم في المراكز الحساسة والمفصلية بالدولة السعودية مثل تيار الأمراء الأحرار "طلال وبدر ونواف" الذي بقي مهمشا وفقا للعديد من التقارير.

 

الإطاحة بالجميع

ويرى مراقبون أن السعودية شهدت في التحولات والأحداث الأخيرة التي قادها ولي العهد تغيرا في التكتلات العائلية وتوجهه للإطاحة بالجميع خاصة بعد إزاحة وزير الداخلية محمد بن نايف الذي يعد أحد أحفاد السدايرة.

الباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور عامر السبايلة قال إن السعودية تمر بمرحلة مفصلية من تاريخها بانتقال الحكم من أبناء المؤسس عبد العزيز إلى أبناء الأبناء وهذا الأمر يفرض نمطا جديدا على شكل التحالفات داخل الأسرة الحاكمة.

وأوضح السبايلة لـ"عربي21" أن المملكة الآن "أمام جيل شاب ينظر إلى شكل تحالفاته من زاوية تختلف عن الطريقة التي تنافس فيها أبناء الملك عبد العزيز على النفوذ في أروقة الحكم"، مشيرا إلى أن "معايير جديدة ستحدد من يكون الأقرب من الملك ممن سيتم إقصاؤه وتهميشه من المشهد".

ولفت إلى أننا "نتحدث اليوم عن مركز قوة رئيسي يتمثل في الملك وولي عهده يدور حولهم كافة الباحثين عن مصالح في الوقت الذي تجري فيه عملية تمهيد وتهيئة للمشهد من أجل المرحلة المقبلة التي يكون فيها محمد بن سلمان الملك المقبل".

وأضاف السبايلة: "تم تجميع كافة السلطات الرئيسية ومراكز القوة بيد ولي العهد فسيطر على الديوان الملكي وأرامكو ووزارة الدفاع كانت بيده بالإضافة للصندوق الاستثماري وهيئة مكافحة الفساد وكوّن شبكة قوة داخلية تتحكم بالمفاصل".

ويرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية أن "هناك جيلا شابا يحمل رؤية تغيرية للساحة الداخلية بعيدة عن البعد القبلي وأقل ارتباطا بفكرة المحافظة على فروع العائلة".

وأكد السبايلة أن رؤية 2030 التي أعلنها ولي العهد السعودي كانت رسالة بأن الوقت حان لخروج الكثيرين من السلطة ودخول آخرين لتطبيقها وأقرب من ناحية العمر لفكرة التغيير عن النمط التقليدي الذي حكم البلاد.

 

مباركة دولية


وعلى صعيد شكل التكتلات الجديدة للعائلة المالكة قال السبايلة: "من الصعب في الوقت الحالي الحديث عن تكتلات في ظل الأحداث المتلاحقة وفي ظل المباركة الدولية لما يجري وخاصة الولايات المتحدة".

ولفت إلى أن الاعتقالات والإقصاء الذي شهدناه بعث بـ"رسالة خطيرة" للآخرين في الداخل ودفعت الآخرين للتكيف معها من أجل المحافظة على مراكزهم ومصالحهم من المساس بها.

وبشأن توقعاته لقدرة ابن سلمان على مواجهة "العداوات" التي خلقت في الآونة الأخيرة قال السبايلة: "أنظمة الحكم الشبيهة بالسعودية مليئة بالعقبات وإرضاء الجميع واحدة من معضلات المملكة لكن في ظل الأجهزة الجديدة التي تشكلت لتقوية ولي العهد سيزج بنماذج جديدة تهيء لضمان الاستقرار".

 

اقرأ أيضا: هيرست يكشف تفاصيل جديدة عن كبار المعتقلين بالسعودية


في المقابل رأى السبايلة أن تعدد الملفات الإقليمية الخطيرة التي انخرطت فيها السعودية وهي أقرب للصراعات وحروب الاستنزاف يضع المملكة في مخاطرة كبيرة تؤدي لارتدادات على الداخل في فترة أكثر ما تحتاج فيها إلى الهدوء.

وتابع: "مرحلة الانتقال السلس للسلطة تستلزم الابتعاد عن صراعات ليست سهلة كما يجري من تصعيد ضد إيران وقبلها سوريا وقطر واليمن واليوم لبنان".

لكنه أشار إلى أن الفريق الداعم في واشنطن لعملية الانتقال السياسي في السعودية "يطلب بعض الاستحقاقات في المقابل وأهمها ما يتعلق بالتصعيد مع إيران".