سياسة عربية

هل سيدفع الحريري ما بذمته من أجور المغتربين الفرنسيين؟

سعد الحريري تعتبره السعودية رجلا ينقصه الدهاء السياسي - ا ف ب

نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل يدير شركة "سعودي أوجيه"، المختصة في المقاولات والأشغال العامة، والتي في ذمتها أجور المغتربين الفرنسيين التي تصل إلى قرابة 14 مليون يورو. وقد تم فتح هذا الموضوع خلال اجتماع الحريري بماكرون في باريس.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه "مع اغتيال والده، رفيق الحريري، خلال تفجير يوم 14 شباط/ فبراير سنة 2005 اتهم فيه حزب الله، وجد سعد الحريري نفسه على رأس إدارة شركة والده، وقد كان رفيق الحريري مليارديرا عصاميا خلافا لنجله الذي ورث كل شيء". 
 
وذكرت الصحيفة أن رفيق الحريري، الذي امتهن والده الزراعة، قد استقر في السعودية منذ بلوغه سن 18، وقد شغل منصبا في إدارة الصناعات البترولية. وخلال سنة 1977، عرض على شركة "أوجيه" الفرنسية تحديا ضخما يتمثل في بناء فندق فخم من تسع نجوم في السعودية لصالح العاهل خالد بن عبد العزيز آل سعود.
 
وبعد مضي سنتين، اشترى رفيق الحريري الأصل التجاري للشركة الفرنسية، التي تفرعت منها شركة "أوجيه العالمية"، ومقرها فرنسا، وشركة "سعودي أوجيه" ومقرها السعودية، قبل أن تتحول هذه المجموعة إلى عملاق في المقاولات والأشغال العامة في المملكة، ومن أحد أهم ممولي الحكومة السعودية.
 
وأفادت الصحيفة أن الثروة المالية التي حققها رفيق الحريري في السعودية ساعدته في لعب دور هام في إعادة بناء الملامح الاقتصادية والسياسية في لبنان بعد الحرب الأهلية التي امتدت بين من سنة 1975 إلى سنة 1990. وبحلول سنة 1992، تقلد رفيق الحريري منصب رئيس الوزراء. وبعد مضي سنتين، سلم نجله سعد، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 25 سنة، إدارة شركة "سعودي أوجيه".
 
وأشارت الصحيفة إلى أن رفيق الحريري اختار نجله سعد لإدارة شركته في السعودية علما بأنه لم يكن أكبر إخوته. وبعد اغتيال والده، لم يكن سعد مستعدا لتولي قيادة الطائفة السنية في لبنان. وفي هذا السياق، أكد أحد المصادر الموثوق بها أنه "بعد مقتل رفيق الحريري، حذر السعوديون نجله من خطورة الوضع، لكنه أراد أن يحمل المشعل عن والده، حيث كانت الرياض تعتبر سعد الحريري رجلا ينقصه الدهاء السياسي".
 
في سنة 2005، توفي العاهل السعودي فهد بن عبد العزيز، الذي كان يحمي رفيق الحريري. بعد ذلك، تولى الملك عبد الله سدة الحكم، حيث فضل التعامل مع عائلة بن لادن، وهم أصحاب مجموعة سعودية عملاقة للمقاولات والأشغال العامة. لكن ذلك لم يؤثر على شركة سعودي أوجيه التي حافظت على مركزها كحريف أساسي للحكومة السعودية.
 
وذكرت الصحيفة أنه خلال سنة 2009، قدم سعد الحريري نفسه كمرشح في الانتخابات التشريعية اللبنانية. وحيال هذا الشأن، نوه خبير في تاريخ المملكة أن "التمويلات الضخمة المتأتية من شركة سعودي أوجيه، الناشطة في السعودية، ساهمت في تمويل كل من حملة سعد الحريري الانتخابية وتمويل أصدقاء المملكة في لبنان".
 
وبينت الصحيفة أنه في مطلع سنة 2012، تراجعت الطلبيات التجارية لشركة سعودي أوجيه، لكن عملها تواصل. في المقابل، تراجعت الرقابة على إدارة الأعمال في الشركة لما انتشر فيها من فساد، قبل أن تبدأ في التراجع مع انهيار أسعار النفط خلال منتصف سنة 2014. وخلال هذه الفترة، وقعت الشركة عدة عقود لمشاريع ضخمة في العقارات.
 
ومن جهته، نوه "إيمانويل"، وهو أجير فرنسي سابق في الشركة، بأن "سعودي أوجيه كانت تطالب حرفاءها بقرابة 90 بالمائة من مصاريف الدفعة الأولى للقيام بأشغال البناء، في الوقت الذي لم تضع فيه بعد حجر الأساس للمشروع".
 
وأوردت الصحيفة أنه مع بداية صيف سنة 2015، لم يعد سعد الحريري قادرا على الدفع لمتعهديه، كما عجز عن دفع أجور أغلب موظفيه في الشركة (التي وصلت إلى ما يقارب 600 مليون دولار). في الأثناء، أجبرت الحكومة السعودية على دفع ما يقارب 7 مليارات دولار لمشاريع بناء تم الانتهاء منها لكن لم يتم بعد دفع رواتب الذين عملوا فيها. وقد أضحى توقف تسديد الأجور، الذي سيمتد إلى ما يقارب سنة أخرى، بمثابة الحدث الدرامي لقرابة 40 ألف موظف تشغلهم سعودي أوجيه.  
 
وذكرت الصحيفة أن 240 فرنسيا كانوا من بين موظفي شركة "أوجيه العالمية" لم يتلقوا رواتبهم. وفي هذا الصدد، أفادت المحامية الفرنسية، كارولين واسرمان، التي ترافع عن أغلب هؤلاء العمال أن "نسبة هامة من هؤلاء العمال الفرنسيين لم يعودوا قادرين على دفع إيجارات منازلهم ولا مدارس أطفالهم، حيث عمد أغلبهم إلى التداين نظرا لأنهم مجبرين على المكوث في السعودية إلى حين تسوية حساباتهم".
 
وفي الختام، تحدثت الصحيفة عن تعهد سعد الحريري أمام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بدفع

فوائد في ذمة شركته للموظفين الفرنسيين، حيث يطالب هؤلاء العمال بتسديد أجورهم التي تبلغ مجتمعة 191 725 14 يورو.