اقتصاد عربي

السوق اللبناني يشهد تراجعا 15 بالمئة عن العام الماضي

رئيس لجنة تجار مدينة جونيه "روجيه كيروز" أكد أن الوضع التجاري في لبنان سيء هذا العام- جيتي

لم تعش الأسواق التجارية في لبنان هذا العام، الحيوية التي اعتادتها خلال نفس الوقت من السنوات الماضية، بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد.


ودفعت التوترات الجيوسياسية كاستقالة الحريري، والفتور في العلاقة مع عديد دول الخليج، والأوضاع الاقتصادية الداخلية كارتفاع نسب البطالة إلى هبوط القوة الشرائية داخل الأسواق المحلية في هذا الموسم السياحي التقليدي.


وسجلت حركة الأسواق التجارية في البلاد، تراجعا بنحو 15 بالمئة عن العام السابق له، وفق اقتصاديين وتجار، على الرغم من التخفيضات الكبيرة التي أعلنتها المحال التجارية والتي وصلت إلى أكثر من 70 بالمئة.

 

اقرأ أيضا: بعد استقالة الحريري.. ما مصير الليرة والاقتصاد اللبناني؟


وتعد فترة نهاية العام، ذروة الحركة التجارية لدى العديد من القطاعات الاقتصادية خاصة الاستهلاكية والخدماتية منها.


ويستقبل لبنان 35 بالمئة من السياح من البلدان العربية، ثم 33 بالمئة من أوروبا وخصوصا فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بحسب تصريحات سابقة لوزير السياحة اللبناني أفيديس غيدانيان.


وتسعى وزارة السياحة اللبنانية، إلى إعادة البلاد لتكون الوجهة السياحية الأولى في منطقة الشرق الأوسط، بينما ما تزال صورة البلاد ضبابية عند كثيرين في الخارج، بسبب التوترات السياسية والاقتصادية المتلاحقة.


ولبنان من الدول القليلة التي كانت حتى سنوات قليلة ماضية، مقصدا للسياحة الصيفية والشتوية معا، لتنوع البرامج السياحية فيها.


تخفيضات كبيرة


"نقولا شماس"، وهو رئيس جمعية تجار بيروت، قال إن "هناك تراجعا في حركة الأسواق التجارية بنسب وصلت إلى 15 بالمئة، رغم التخفيضات الكبيرة التي كان من المتوقع أن تنعش الأسواق".


وتابع: "رغم التخفيضات ومحاولات التجار لجذب المستهلكين، لكن ما يزال هناك حالة من التراجع الحاد، رغم ازدحام الشوارع بشكل غير معهود".


"شماس" عزا هذا التراجع، إلى انخفاض السيولة المادية في أيادي المواطنين، لاسيما مع تزايد معدلات البطالة، وهو ما يحد من القيمة الشرائية وتهافت المستهلكين على البضائع.


دراسة حديثة لمنظمة الأمم المتحدة بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار في لبنان، أكدت فيها أن الأعياد بالنسبة إلى الطبقة الفقيرة التي تشكّل 61 بالمئة من السكان هو الاكتفاء بسهرة عائلية داخل المنزل ضمن ميزانية لا تتخطى 40 دولارا لجميع أفرادها.


ونوهت الدراسة إلى أنه بالنسبة للطبقة المتوسطة، أي التي ينتمي إليها موظفو الدولة ومصارف وشركات كبيرة، فقسم كبير منهم توجه إلى تركيا ومصر، باعتبار أن تكاليف السفرة أوفر بكثير من السهر في مطعم متوسط المستوى في لبنان.

 

وضع الأسواق كان سيئا بعد أزمة استقالة الحريري، واستمر في وضعه السيء حتى بعد عدوله عن الاستقالة


وزاد "شماس": "وضع الأسواق كان سيئا بعد أزمة استقالة الحريري، واستمر في وضعه السيء حتى بعد عدوله عن الاستقالة.. شهدنا بعض التحسن في الحركة التجارية لكنها ما تزال خجولة".


وفي 4 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، استقالته من منصبه، عبر خطاب متلفز من السعودية.


حينها، أرجع الحريري الحامل للجنسية السعودية، قراره إلى "مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله، من فرض أمر واقع بقوة سلاحه".


لكنه أعلن بعد قرابة أسبوعين من قراره، عن تريثه في تقديم استقالته من منصبه رئيسا للحكومة اللبنانية، تجاوبا مع طلب من رئيس الجمهورية ميشال عون لإعطاء فرصة لمزيد من التشاور.


وأضاف شماس: استمر المنحى الهبوطي في القطاع التجاري للسنة السادسة على التوالي، ونأمل أن يكون 2017 هو النهاية.


مصر وتركيا


صاحب شركة "هوليداي تورز" للسياحة، محمد التل، قال إن عدد الحجوزات للسفر إلى تركيا وتحديدا إسطنبول فاق التصورات، "هنالك إقبال لبناني كثيف لتمضية عطلتي الميلاد ورأس السنة في تركيا، وكذلك شرم الشيخ في مصر".


ورأى التل أنّ تركيا وتليها مصر يحافظان على نسبة الإقبال المرتفعة نظرا لعدم الحاجة إلى تأشيرة، وانخفاض تكلفة الفنادق التي تقع وسط أرقى شوارع إسطنبول مقارنة مع فنادق في بيروت وضواحيها.


وتوقع التل أن يصل عدد المغادرين اللبنانيين نحو تركيا ومصر إلى 800 ألف شخص في بلد يضم 4 ملايين نسمة، مقابل دخول أقل من هذا العدد بكثر من مغتربي لبنان.


موسم الأعياد


الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق، وديع كنعان، قال إن "القطاع السياحي في لبنان يعول على المغتربين".


ويصل مجمل عدد الفنادق في لبنان، 460 فندقا تضم 24 ألف غرفة، "هذه الغرف تنتظر الامتلاء في مواسم الأعياد من قبل المغتربين اللبنانيين الذين يشكّلون 70 بالمئة من عدد الوافدين إلى لبنان" وفق كنعان.


"كنعان" أوضح أن الفنادق اللبنانية تقدّم أسعارا تشجيعية، ولم ترفع رسومها خاصة في موسم الأعياد التي تشهد تراجعا في حركتها.


ومع زيادة إعلانات الحفلات لإحياء رأس السنة، قال كنعان إن أسعار الحفلات الغنائية تتراوح بين 150 إلى 1000 دولار للشخص الواحد، حسب البرنامج الفني الذي سيقدمه الفندق.


ولفت كنعان إلى أن غالبية نجوم الغناء في لبنان والعالم العربي سيتغيبون عن تقديم الحفلات في البلاد، نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية وعدم إقبال السياح العرب كما كان في السابق.


أوضاع سيئة


رئيس لجنة تجار مدينة جونيه "روجيه كيروز"، أكد أن الوضع التجاري في لبنان سيء هذا العام ومنخفضاً بنحو 15 بالمئة عن العام السابق.


وأضاف: التخفيضات تراوحت بين 40 إلى 70 بالمئة في أسواق المدينة التي كانت في السنوات السابقة عاصمة الاقتصاد والسياحة وحفلات الأعياد ولكن دون جدوى.


وتابع: "على الرغم من الخصومات الكبيرة التي أعلنت عنها.. لم تعش معظم الحال التجارية الموسم الحقيقي الذي كان يمر عليهم خلال سنوات خلت".


وزاد: "اليوم معظم المحلات مهددة بالإقفال"، يقول "كيروز"، ويزيد: الفنادق تشهد تراجعا ملحوظا وعدد الحفلات المخصصة لعيد رأس السنة لا يتعدى 25 بالمئة من نسبة الفنادق والمطاعم في المنطقة.