سياسة دولية

تجدد المخاوف من محاولات "تركيع الإعلام" في تونس بعد الثورة

تونس بطاقة صحف

رغم مرور سبع سنوات على سقوط نظام بن علي، ومحاولات الحكومات المتعاقبة إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، لا تزال المخاوف حول تهديد حرية الإعلام والتضييق على عمل الإعلاميين من قبل السلطة قضية تطرحها نقابة الصحفيين في تونس، وتحذر من عواقبها.

 

وكان بيان للنقابة نبه إلى تزايد الانتهاكات والتضييقات ضد الصحفيين المراسلين لمؤسسات إعلامية أجنبية، خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد، مبينا أن تلك الممارسات تمثل عودة لسياسة المخلوع بن علي في تدجين الإعلام، وتوجيهه لخدمة السلطة وتلميع الحاكم.

 

واتهمت النقابة، في بيان لها بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2018، رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، بمحاولة الضغط على الإعلام، والتضييق على الحريات الصحفية، إثر تصريحات له تعليقا على الأداء الإعلامي في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها تونس ضد قانون المالية لسنة 2018 وغلاء المعيشة.


واعتبرت النقابة أن "الخطاب التحريضي ضد مراسلي الصحافة الأجنبية في تونس هو محاولة لتدجينهم والضغط عليهم؛ لمزيد التحكم في الإعلام وتوجيهه".


ودعت "السلطات في تونس، وفي مقدمتها رأسا السلطة التنفيذية، إلى احترام تعهدات الدولة التونسية باحترام حرية الصحافة وعمل الصحفيين المراسلين الأجانب، وتسهيل مهامهم، ومعاملتهم على قدم المساواة مع زملائهم العاملين في مؤسسات الإعلام المحلية".



وكان رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، اتهم خلال اجتماعه بالأحزاب والمنظمات الموقعة على "وثيقة قرطاج" الصحافة الأجنبية في 13 يناير/ كانون الثاني 2018 بـ"التهويل" والمبالغة في نقل ما حدث في تونس من احتجاجات، مثنيا في الآن ذاته على الصحافة المحلية، واصفا أداءها بـ"المعتدل والعادل" خلال تغطيتها للاحتجاجات الشعبية.



 واعتبر عضو المكتب التنفيذي لنقابة للصحفيين التونسيين، المهدي الجلاصي، في حديثه لـ"عربي21"، أن محاولات تركيع الإعلام في تونس لم تتوقف من طرف الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، مشيدا بالوعي الكامن لدى أغلب الصحفيين برفض مثل تلك الممارسات، وعدم الرضوخ للضغوطات أيا كان مأتاها.


مضيفا: "المخطر في الأمر اليوم هو أن السلطة تجاوزت ممارسات بن علي في التضييق على الصحفيين المحليين، إلى الانتقال لمحاولة تركيع الصحافة الأجنبية؛ من خلال تكثيف التضييقات الأمنية على مراسليها".


وفي سياق متصل، تحدث المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة، في تصريحات إذاعية محلية، عن وجود مقترح لإنشاء هيئة إعلامية حكومية توكل لها مهمة الإشراف على السياسة الاتصالية للدولة التونسية، والترويج لصورة تونس في الخارج كبديل عن الوكالة التونسية للاتصال الخارجي، التي أحدثت في عهد بن علي، وتم حلها بعد الثورة؛ إثر انحرافها عن المسار المخصص لها، وتحولها إلى أداة لابتزاز الصحفيين، وشراء ذمم البعض منهم من تونس وخارجها.


وفي هذا الصدد، نبه العضو في نقابة الصحفيين من خطورة إعادة إحياء هذا الهيكل الإعلامي الحكومي، مشددا على أن النقابة ستتصدى بكل الأشكال النضالية السلمية المتاحة لهذا المقترح، الذي يعيد إنتاج منظومة بن علي الدعائية.


وتابع: "وكالة الاتصال الخارجي سيئة الذكر لا تزال تتعلق بها قضايا فساد مالي وأخلاقي، من شراء ذمم صحفيين، إلى إسكات أصوات آخرين؛ من خلال التهديد والقمع والتضييق الأمني، والمضحك أنها لم تلمع صورة تونس بقدر تلميع صورة النظام".


وفي رده على الاتهامات التي وجهتها نقابة الصحفيين لرئاسة الجمهورية، رفض المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة، التعليق على البيان خلال اتصال هاتفي مع "عربي 21"، واكتفى بالقول إن رئاسة الجمهورية حريصة على الدفاع عن مكسب حرية الإعلام وعلى الديمقراطية ما بعد الثورة.


وكان "الكتاب الأسود"، الذي ألفه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، تطرق إلى ممارسات هذه الوكالة، وإلى المنظومة الدعائية السوداء التي كان يمارسها الرئيس المخلوع وزوجته؛ للترويج لصورتهم في الخارج، وكشف بالأسماء عن قائمة بأكثر من 300 صحفي تونسي وأجنبي من الذين انخرطوا في تلميع صورة المخلوع مقابل امتيازات مادية ومعنوية.