ملفات وتقارير

دلائل على تعاظم التنسيق الأمني بالضفة.. أين قرار "المركزي"؟

المجلس المركزي أصدر قرارا بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال- أرشيفية

كثرت الشواهد الدالة على تعاظم التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، لتسجل بذلك تناقضا واضحا مع التصريحات المعلنة لقيادة السلطة الفلسطينية، وتهبط كثيرا بسقف القرار الذي صدر عن المجلس المركزي الفلسطيني الذي اجتمع قبل نحو شهر، وأوصي فيه بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال بكافة أشكاله ردا على قرار ترامب بشأن القدس، وفوض اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بدراسة القرار والعمل على تطبيقه.

وفي شهادة إسرائيلية على تصاعد وتيرة التنسيق الأمني، أشار محلل الشؤون الأمنية في القناة العاشرة الإسرائيلية ألون بن دافيد إلى ما قامت به الأجهزة الأمنية الفلسطينية في جنين قبل أيام، حين أنقذت جنديين دخلا عن طريق الخطأ إلى المدينة من بين أيدي شبان فلسطينيين غاضبين، وسلمتهم إلى الاحتلال.


ولم تقف الأجهزة عند هذا الحد، بل أعادت في اليوم التالي بندقية مجندة كان قد استولى عليها الشبان، الأمر الذي دفع وزير الأمن الإسرائيليّ إلى الإشادة بالتنسيق الأمنيّ، وتوجيه الشكر والامتنان للشرطة الفلسطينيّة على إنقاذها الجنديين.

 

اقرأ أيضا: "المركزي" يعلّق الاعتراف بإسرائيل ويوقف التنسيق الأمني

وفي شاهد آخر فككت الأجهزة الأمنية الفلسطينية 11 عبوة ناسفة شديدة الانفجار زرعت لاستهداف قوات الاحتلال على الطريق بين بلدتي علار وعتيل شمال طولكرم، حيث دأبت قوات الاحتلال على المرور من هذا الطريق خلال حملات المداهمة والتفتيش للمدينة.


ولم تكتف قوات الأمن بتفكيك العبوات، بل سارعت إلى تنفيذ حملة دهم وتفتيش في طولكرم والمناطق المحيطة واعتقلت العديد من المواطنين تحت ذريعة الاشتباه بالتورط في الحادثة.

أما ما ألمحت إليه كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، حول وجود رابط بين الأجهزة الأمنية واغتيال الشهيد أحمر جرار في جنين قبل نحو أسبوعين، فيمثل دليلا إضافيا على تعاظم التنسيق الأمني، حيث أشارت الكتائب في بيان لها إلى تورط السلطة في تقديم "طرف خيط" للاحتلال الإسرائيلي ساعد في التعرف على منفذي عملية قتل الحاخام قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، قبل شهر، وهو ما أفضى إلى ملاحقة الخلية وقتل المطارد جرار فيما بعد.


وإضافة إلى ذلك، فإن مواصلة الاعتقالات السياسية بحق أبناء حماس والجهاد الإسلامي وتنظيمات أخرى في الضفة، يعتبر دليلا واضحا على تقدم التنسيق الأمني بين الجانبين، إذ أن تبادل الأدوار أصبح واضحا، بين أجهزة السلطة والاحتلال، فكثير ممن تطلق سراحهم قوات الاحتلال؛ يجري اعتقالهم من قبل أجهزة السلطة وبالعكس، وأصبحت الأجهزة تنفذ عمليات دهم وتفتيش في مدن الضفة الغربية تحاكي تماما ما تقوم به قوات الاحتلال في المدن ذاتها.

ورأى أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم، أن التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية والاحتلال الإسرائيلي مستمر ولم ينقطع أبدا وهو الآن في ذروته.


وأشار قاسم في حديث لـ"عربي21" إلى أن السلطة لا تجد حرجا في التصريح عن التنسيق الأمني، بل باتت تتفاخر به وتعترف بأنها تتخابر وتتعاون مع الاحتلال دون خجل، مبديا استخفافه من تصريحات بعض قيادات السلطة بأنه تم وقف التنسيق الأمني في بعض المراحل، قائلا: "على الأرض لم يتوقف التنسيق لحظة واحدة".


وفيما يتعلق بقرار المجلس المركزي الشهر الماضي، بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، قال قاسم إن هذا المجلس هو ورقة بيد عباس الذي يتحكم بما يقوله من عدمه، وما يطبق وما لا يطبق، مؤكدا أنه لا يوجد استقلال لدى المجلس المركزي.

 

اقرأ أيضا: صحيفة: تنسيق أمني إسرائيلي مع السلطة لمنع تسلل إيران للضفة

ومعلقا على تصريحات وقرارات "المركزي، ومنظمة التحرير" حول التنسيق الأمني وتناقضها على ما يجري ميدانيا قال قاسم: "التصريحات أكبر من الأفواه، بهدف صناعة الأوهام لدى الشارع الفلسطيني الذي يعتقد أن الأمور كانت جدية هذه المرة في وقف التنسيق، لكنهم يفاجؤون على الأرض بأن الوضع يختلف، وهذه وسيلة لامتصاص غضب الناس، وتنفيس حالة الغضب والاحتقان لدى الفلسطينيين".

يذكر أن المجلس المركزي، هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية تمثيلية للشعب الفلسطيني)، التابع لمنظمة التحرير التي تضم الفصائل الفلسطينية، عدا حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".