ملفات وتقارير

برلمان مصر يعترف بالفقر المائي وعدم جدوى إجرءات الترشيد

رئيس مجلس النواب: "لدينا نقص في المياه، ومصر دخلت في الفقر المائي- جيتي

أكد رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، أن مصر تعاني فقرا مائيا، وأن حصة البلاد من مياه النيل أصبحت غير كافية على الإطلاق، مشيرا إلى أن الإجراءات التي تنفذها الحكومة لسد الفجوة بين الموارد المائية والاستهلاك لن تجدي نفعا.

وخلال الجلسة العامة للبرلمان الاثنين الماضي، لمناقشة اتفاقيتين تتعلقان بالمياه، طالب عبد العال الحكومة بتقديم تصورها للبرلمان حول ترشيد المياه خلال 15 يوما.

جاءت تصريحات رئيس مجلس النواب على الرغم من إعلان إثيوبيا تأجيل بناء سد النهضة، والذي من المتوقع أن يقلل حصة مصر من المياه بشكل كبير.

الإجراءات الحالية غير كافية


وأوضح علي عبد العال أن حصة مصر من مياه النيل 55 ونصف مليار متر مكعب سنوياً، وهي ثابتة منذ كان عدد سكان البلاد 7 .6 مليون نسمة، وقت تحديد هذه الحصة، وأصبح التعداد الآن 104 ملايين نسمة يتقاسمون الحصة ذاتها.

وتابع رئيس مجلس النواب: "لدينا نقص في المياه، ومصر دخلت في الفقر المائي، وكل ما نقوم به حاليا من إجراءات هدفه تعظيم الموارد المائية، مثل التحول من الري بالغمر إلى التنقيط، وحتى لو استخدمنا المياه الجوفية كلها، فإن حصة مصر من نهر النيل أصبحت غير كافية، حتى مع تعظيم الموارد المائية، فلا يمكن أن تكفي هذه الحصة مصر، التي يتوقع أن يصل عدد سكانها عام 2030 إلى 150 مليون نسمة.

وحول مفاوضات مصر مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، قال عبد العال: "نثق في المفاوض المصري، ونثق أيضا في حسن نوايا إثيوبيا ودول المنبع، ونأمل في الوصول إلى حلول عادلة لا تحافظ فقط على حصة مصر الحالية، بل تزيدها بما يتناسب مع زيادة عدد السكان، وفقًا للاتفاقيات الدولية الخاصة باقتسام المياه".

خطة طوارئ

وكانت وزارات الري والمالية والتخطيط والزراعة والإدارة المحلية قد وضعت خطة تهدف إلى توفير 9.9 مليار متر مكعب سنويا من المياه، تم البدء في آب/ أغسطس الماضي؛ لمواجهة مخاطر نقص المياه في مصر، المتوقع تفاقمه عند بدء تخزين المياه بسد النهضة.

وتضمنت الخطة تنمية المصادر المائية للبلاد، خاصة معالجة مياه الصرف، وتحلية مياه البحر، وزيادة استخدام المياه الجوفية وحمايتها من الاستنزاف العشوائي غير المخطط، والتوسع في مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول، وتقليص المساحات المنزرعة بمحاصيل شرهة للمياه واستبدال أخرى بها أقل استهلاكا للمياه.

وقال وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، خلال افتتاح أسبوع القاهرة الأول للمياه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إن مصر تعاني من شح مواردها المائية، وتواجه تحديا كبيرا فيها، ما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات مشكلة خطيرة، لافتا إلى أن قطاع الزراعة يستحوذ على 80% من الموارد المائية للدولة، إن مصر تستورد 34 مليار متر مكعب من المياه سنويا في صورة سلع غذائية لسد العجز. 

مرحلة تقليل الخسائر

وتعليقا على هذا التصريحات، قال رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات، هاني رسلان، إن دخول مصر في مرحلة الفقر المائي لم يعد خافيا على أحد، مشيرا إلى أن هذا العجز بدأ منذ فترة ليست بالقصيرة.

وأضاف رسلان، في تصريحات لـ "عربي21"، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لم تعد تكفي لسد هذا العجز، موضحا أن تلك الإجراءات هدفها الأساسي تقليل حجم الخسائر.

وحذر من أن مصر تنتظرها سنوات عجاف عندما يبدأ ملء خزان سد النهضة، موضحا أن المدة التي ستستغرقها عملية الملء هي التي ستحدد حجم الضرر الذي سيقع على مصر، موضحا أن سعة الخزان هي 74 مليار متر مكعب من المياه، يضاف إليها 14 مليار متر مكعب من المتوقع تسربها إلى باطن الأرض مع الملء الأول للخزان، ما يعني أن الكمية اللازمة هي 90 مليار متر مكعب، فإذا قررت إثيوبيا ملئه خلال 6 سنوات، فهذا يعني أن مصر ستخسر 15 مليار متر مكعب من حصتها السنوية.

وأضاف أن مصر تستهلك بالفعل 80 مليار متر مكعب من المياه سنويا، في حين أن حصتها من مياه نهر النيل هي 55 مليار متر مكعب، لافتا إلى أنها تدبر 25 مليار متر مكعب سنويا من طرق أخرى مثل معالجة مياه الصرف والمياه الجوفية وغيرها من المصادر الأخرى.

فرصة لالتقاط الأنفاس

وحول إعلان إثيوبيا تأجيل إنشاء سد النهضة لمدة أربعة أعوام مقبلة، قال هاني رسلان إن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اعترف بفشل بلاده في تنفيذ المشروع في موعده؛ لوجود صعوبات فنية، ونقص في الكفاءة، بالإضافة إلى اكتشاف عمليات فساد كبيرة في إدارة المشروع، مشيرا إلى أن الشركة المكلفة بتركب التوربينات فشلت في إنجاز مهمتها، وأن الشركة الايطالية المشاركة في المشروع طالبت الحكومة الإثيوبية بتعويضات كبيرة بسبب الخسائر التي تكبدتها.

وأكد رسلان أن هذا التأجيل سيعطي فرصة للمفاوض المصري لالتقاط الأنفاس والتفاوض مع الجانب الأثيوبي، دون أن يكون سيف الوقت مسلطا على رقبته، كما أن هذا التأجيل ربما يلين موقف الجانب الأثيوبي، الذي أبدى تشددا كبيرا في الفترة الماضية؛ بسبب رغبته في الانتهاء من المشروع في أسرع وقت.

ولفت إلى أن سد النهضة هو مشروع سياسي بالأساس، كان الهدف منه حشد الشعب الإثيوبي حول النظام باعتباره مشروعا قوميا، وأن دولا معادية لا تريد الخير لإثيوبيا تحاول عرقلته، لكن إعلان الفشل والتأجيل من جانب رئيس الوزراء يقلل كثيرا من الحماس للمشروع، ويزيد من إمكانية قبول المطالب المصرية بملء خزان السد في فترة طويلة؛ لتقليل الضرر للجانب المصري.