سياسة عربية

3 صناديق تبتلع أموال المصريين بالخارج.. تحايل أم استثمار

خبراء: الصناديق الحكومية فشلت في علاج مشاكل المصريين العاملين بالخارج- فيسبوك

وصف برلمانيون واقتصاديون موافقة لجنة المشروعات الصغيرة بالبرلمان المصري على مشروع قانون لإنشاء صندوق رعاية المصريين بالخارج، بأنها خطوة حكومية للتحايل على تمرير القانون الآخر الخاص بإنشاء الصندوق الذي اقترحته وزارة الهجرة تحت مسمى صندوق استثمار المصريين بالخارج، برأس مال 10 مليارات دولار.


ويري المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي 21" أن الحكومة المصرية تريد السيطرة على أموال المصريين بالخارج، بإدخالها في مشروعات داخلية تشرف عليها الحكومة، بعيدا عن التحويلات البنكية التي لا تخضع لسيطرة الحكومة بشكل كامل، باعتبارها أموالا موجودة في حسابات أصحابها وليس للحكومة حق الاستثمار فيها.


وكانت لجنة المشروعات الصغيرة بالبرلمان المصري وافقت على مشروعي قانون، الأول قدمته وزارة الهجرة وهو خاص بإنشاء صندوق استثمار المصريين بالخارج، والثاني متعلق برعاية المصريين في الخارج، على أن يكون لكل صندوق موارده واشتراكاته الخاصة.


وتعتمد موارد صندوق رعاية المصريين بالخارج على فرض اشتراكات إلزامية للمصريين العاملين بالخارج أو الراغبين في السفر، وفرض زيادة لصالح الصندوق تقدر بـ 50 جنيها (3 دولارات) على الرسوم المقررة لاستخراج تصاريح السفر التي تصدرها وزارة الداخلية، وكل المعاملات التي يقوم بها المصريون بالخارج من خلال السفارات والقنصليات، مثل تجديد واستخراج جوازات السفر وشهادات الميلاد، وتوثيق الشهادات والأوراق التي يحتاجها المصريون والأجانب.


أما الصندوق الآخر الخاص بالاستثمار للمصريين بالخارج، فإنه يخضع لإشراف البنك المركزي المصري، ويبلغ رأس ماله المقترح 10 مليارات دولار، من أجل استثمار فوائض أموال المصريين العاملين بالخارج في مشروعات بالسوق المصرية، بدلا من وجودها في سحاباتهم البنكية دون استغلال، بالإضافة لطرح أسهم للراغبين في الاشتراك بقيمة 1000 دولار للسهم الواحد.

 

أوضاع مأساوية


وفي تعليقه على هذه الصناديق يؤكد عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري السابق طارق مرسي لـ "عربي21" أن أوضاع المصريين العاملين في الخارج مأساوية، ولا يجدون الرعاية أو الاهتمام من السفارات والقنصليات، وهي حالة عامة لكل المصريين سواء في الدول العربية أو غير العربية، وسواء كان هذا المصري مؤيدا للنظام الحاكم أو معارضا له.


ويضيف مرسي أن هناك عدة قوانين موجودة بالفعل تنظم علاقة المصريين العاملين بالخارج بوطنهم الأم، وهناك صناديق موجودة لدعمهم وجمعيات مُشهَرة وروابط معترف بها من الحكومة المصرية، ولكنها في النهاية لا يتم تفعيلها، لأنها في النهاية لا تنفصل عن المنظومة الإدارية للأنظمة المصرية التي تتعامل مع العاملين بالخارج بفكرة الأخذ منهم وليس رعايتهم.


وتساءل البرلماني السابق، عن الفارق بين صندوق الرعاية الجديد وصندوق تأمين المصريين في الخارج، الموجود منذ 40 عاما، موضحا أن الصندوق المقترح يريد القيام بمهام القنصليات والسفارات، على أن يتحمل المصريون هذه التكلفة، وهو ما يلغي المسؤولية الدستورية والقانونية الواجبة على الحكومة المصرية التي تفرض رسوما وضرائب من أجل القيام بهذه الرعاية.

 

"تحويشة العمر"


ويتوقع الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ "عربي21" فشل هذه الصناديق في علاج مشكلات المصريين بالخارج، مؤكدا أن هناك فجوة كبيرة في عدم الثقة بين المصريين بالخارج والحكومة المصرية، مشيرا إلى أن الحكومة بصندوقها الاستثماري الجديد تريد القيام بدور شركات توظيف الأموال التي انتشرت بمصر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وحققت في النهاية فشلا وأزمة اقتصادية ومجتمعية.


ويري أبو الخير أن تردي الأوضاع الاقتصادية وفشل حكومات الانقلاب العسكري في خلق بيئة اقتصادية حقيقية وجاذبة للاستثمار، لن يشجع المصريين بالخارج على لمساهمة في هذا الصندوق، والذي يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي يقوم بها رئيس النظام العسكري عبد الفتاح السيسي للحصول على ما أسماه "تحويشة المصريين الموجودة تحت البلاطة".


ويضيف أبو الخير أن الحكومة بتمرير الصندوقين معا، تتحايل على رغبتها الأساسية باستغلال أموال المصريين الموجودة في البنوك، فهي تري أنها أموال مجمدة يمكن الاستفادة منها، حيث قامت بنفس المحاولات للاستيلاء على أموال التأمينات والمعاشات والوقف لتعويض عجز الموازنة أو المشاركة في البنية الأساسية.


وحسب الخبير الاقتصادي فإن حالة الهروب الجماعي للمستثمرين سواء المصريين أو الأجانب من السوق المصري خلال السنوات الماضية، مؤشر واضح على فشل فكرة الصندوق الاستثماري، خاصة وأن تحديد مبلغ 10 مليارات دولار كرأس مال للصندوق ليس رقما بسيطا، وإنما رقما كبيرا، قدمت مصر الكثير من التنازلات من أجل الحصول على مبلغ قريب منه وهو قرض صندوق النقد الدولي.


ويضيف أبو الخير أن مجالات الاستثمار المتاحة بمصر الآن تنحصر في العقارات، والتي تشهد ارتفاعا غير طبيعي في أسعارها، ما أدى لوجود حالة ركود لم تعرفها مصر من قبل، وباعتبار أن معظم استثمارات المصريين بالخارج كانت في مجال العقارات، فهم على دراية كاملة بوضع السوق المصري وتطوراته، والجهات التي تسيطر عليه.