سياسة دولية

تخفيض ميزانية الشرطة ببريطانيا ينعكس ارتفاعا بنسبة الجرائم

تواجه الشرطة حالة غير مسبوقة من التقشف- جيتي

في ظل تعهدات من حكومات حزب المحافظين في السنوات العشر الأخيرة بتخفيض العجز وكبح جماح المديونية العامة، شهدت مؤسسات حكومية حساسة، مثل الشرطة وقطاع الصحة والتعليم، اقتطاعات في الميزانية، وباتت آثار هذه الاقتطاعات تظهر على حياة المواطنين.

وبينما لجأت مستشفيات لإغلاق أقسام الطوارئ فيها بسبب الضغوط المالية، تكرر الشرطة بأن على المواطنين ألا يتوقعوا أن تتم الاستجابة لجميع الاتصالات، مثل سرقات المنازل العادية التي لا ينجم عنها إصابات بشرية، بحجة أنه ليس لديها أعداد كافية من العناصر والضباط؛ بسبب تقليصات الميزانية. كما تم إغلاق عدد من مراكز الشرطة، وتقليص ساعات الدوام في مراكز أخرى، لأسباب مالية.

لكن الجانب الأبرز لتأثير التقشف على قطاع الشرطة يتمثل في تزايد أعداد جرائم السكاكين، لا سيما أن غالبية الضحايا ومرتكبي هذه الجرائم هم من المراهقين وطلاب المدارس، حيث تربط الشرطة هذه الظاهرة بنقص انتشار عناصرها في الشوارع، خصوصا في العاصمة، علما بأن غالبية هذه الجرائم تقع في الأماكن العامة.

وتشير إحصائيات الشرطة إلى أن نحو 49 في المئة من المتهمين في جرائم الطعن بالسكاكين والأدوات الحادة في لندن هم من الفئة العمرية بين 10 و19 سنة، إضافة إلى 17 في المئة بين 20 و24، حيث تعتبر الشرطة أن هذه الظاهرة باتت "ثقافة" بين هذه الفئات الشابة التي تميل للانخراط في عصابات.

كما تشير إحصائيات شرطة لندن إلى أن نحو 73 في المئة من المعتدين و53 في المئة من الضحايا في جرائم السكاكين هم من السود والأقليات العرقية الأخرى.

وحذر رئيس قوة مكافحة الجرائم العنيفة في شرطة لندن، أدي أدليكان، من أن هذه الجرائم تزداد "وحشية" في طريقة تنفيذها، حيث "تعمد أعداد متزايدة من الشبان للقتل أو الإصابة عبر الاقتراب أكثر (من الضحية) وتوجيه عدة طعنات".

وبالمجمل، فقد سجل جهاز الإحصاءات في بريطانيا العام الماضي نحو 15 ألف حالة اعتداء بآلات حادة في لندن وحدها، نجم عنها 83 قتيلا. وتشير الإدارة الصحية في إنجلترا (هناك إدارات منفصلة في اسكتلندا وويلز وشمال أيرلندا) إلى أنه تمت معالجة نحو خمسة آلاف شخص العام الماضي، بينهم أكثر من ألف مراهق، بسبب إصابات بالسكاكين والأدوات الحادة. وقد خلفت هذه الحوادث 285 قتيلا على الأقل، بارتفاع بنسبة 54 في المئة عن الفترة ذاتها قبل خمس سنوات، بحسب ما تابعته "عربي21".

 

وتطلق منظمات المجتمع المدني ووسائل إعلام، مثل صحيفة "إيفننتج ستاندارد"، حملات للتخفيف من حدة الظاهرة، التي تتركز في مجتمعات ومناطق تسكنها فئات معينة، حيث تتم الاستعانة في الغالب بأعضاء سابقين في العصابات، فيما تضج الصحف بقصص وصور شبان صغار وأطفال يقضون في مثل هذه الجرائم.


وفي استطلاع أجري أواخر العام الماضي، عبّر 80 في المئة من البريطانيين عن اعتقادهم بأنهم باتوا أقل أمنا؛ بسبب التقشف الذي طال ميزانية الشرطة في السنوات الأخيرة، وهو ما يشكل محورا للجدل السياسي بين الحكومة والمعارضة، في حين تعهد وزير الداخلية ساجد جافيد بالسعي لزيادة الميزانية.

وكانت هذه المسألة أحد الوعود الانتخابية لرئيس البلدية الحالي (العمالي) صادق خان، حيث تعهد بإعادة الأعداد السابقة من الشرطة، لكنه لم يحصل على التمويل اللازم من الحكومة، علما بأن تنظيم عمل الشرطة يعود للبلديات، لكن الأمر مرهون بالميزانية التي توفرها الحكومة المركزية.