ملفات وتقارير

إدانة أمريكية للسيسي بـ"القتل غير القانوني".. ما دلالاتها؟

السيسي تعرض لانتقادات أمريكية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في مصر- جيتي

أدانت واشنطن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، بسبب أوضاع حقوق الإنسان في مصر، بتقرير رسمي انتقد ارتكاب الأخير "أعمال قتل غير قانونية".


وأكد تقرير حقوق الإنسان لعام 2018، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، واستعرضه وزيرها مايك بومبيو خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، أن "الحكومة المصرية ارتكبت أعمال قتل غير قانونية، أو ذات دوافع سياسية‎".

وذكر التقرير أن الانتهاكات في مصر تتضمن "القتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسري، والتعذيب، وتهديد الحياة، وظروف سجن قاسية، والتضييق على حرية الصحافة والإنترنت".

ولم تكن هذه الإدانة الأولى للخارجية الأمريكية، حيث أعربت في 20 أيلول/ سبتمبر 2018، عن قلقها لتدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وانتقد التقرير السنوي للوزارة لعام 2017، استمرار الانتهاكات والقيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، فيما قالت المتحدثة باسم الخارجية هيذر نويرت: "قلقون بشأن حقوق الإنسان في مصر".

 

اقرأ أيضا: مصر.. سجن مفتوح للمنتقدين حملة تضامنية تطلقها منظمة العفو الدولية..

ولطالما انتقدت منظمات حقوقية دولية أوضاع حقوق الإنسان في مصر، واتهمت النظام العسكري الحاكم بشن حملة على حرية التعبير، وحولت مصر لـ"سجن مفتوح" لكل من ينتقد السيسي، فيما قالت منظمة العفو الدولية أيلول/ سبتمبر 2018، إن "المصريين تحت حكم السيسي يُعاملون كمجرمين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بشكل سلمي".

"فرصة" لعرضه بمؤتمر (يُوَف)

وفي تعليقها على أهمية التقرير الأمريكي ودلالاته، قالت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة سارة عطيفي: "علينا أن نعي توجه الإدارة الأمريكية الحالية بهذة المرحلة"، مؤكدة أنها "تثبيت حكم السيسي، والوقوف بجانبه"، مشيرة إلى قول غاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والموكل بالملف بأن "مصر اللاعب الأساسي بالصفقة"، في حديثه عن "صفقة القرن، وفق قولها.

وأضافت الأكاديمية المصرية المعارضة المقيمة من الولايات المتحدة، في حديثها لـ"عربي21"، أن "ما صدر عن الخارجية الأمريكية إن صح فما هو إلا تجميل لصورة للإدارة الحالية"، موضحة أن "لديهم أكبر مركز استخبارات في العالم، وترسل جميع التقارير والملفات الحقوقية، ويعلمون جيدا ما يفعله السيسي".

ولكنها رأت في الأمر "فرصة"، لاستخدام هذا التقرير من المعارضين، موضحة أن تقرير الخارجية الأمريكية "نقطة سوداء ضد الانقلابيين، ونقطة بيضاء لنا كمعارضين".

 

وأوضحت أن الفرصة تتمثل بأن المعارضين "يستطيعون بذلك الضغط على لجنة حقوق الإنسان، وعلى المساعدات التي تقدم للنظام، ومخاطبة الجهات المعنية باتخاذ القرار".

 

وأشارت المعارضة والناشطة المصرية، إلى انعقاد مؤتمر (يُوَف) يوم 25 آذار/ مارس الجاري، في الكونغرس الأمريكي، لسماع المنظمات الحقوقية التي تهتم بالشأن المصري.

وأكدت عطيفي، أن "الناشط محمد سلطان، المعتقل السابق في سجون الانقلاب، ونجل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين والمعتقل أيضا الدكتور صلاح سلطان، سيقدم هذا التقرير للجنة الاستماع في الكونغرس".

"لا يعكس رغبة حقيقية"

من جانبه، أكد الناشط المصري المعارض في الولايات المتحدة، مصطفى الحسيني، أن "أهمية هذا التقرير تأتي في كونه يصدر عن الداعم الأكبر للسيسي، وهو الحليف والداعم الذي يعول النظام المصري عليه كثيرا في تجاوزه للخطوط الحمراء، في ملف الحريات داخل مصر".

وأضاف الحسيني لـ"عربي21": "لكن للأسف، فالتقرير لا يعكس رغبة حقيقية من الإدارة الأمريكية للضغط على السيسي؛ خاصة إذا وضعنا في الاعتبار اختلاف ترامب الدائم مع إداراته في التعاطي مع ملفات الخارجية".

وأوضح الإعلامي المصري، أن "ترامب يرى دعم السيسي بلا حدود، وبغض النظر عن أي انتهاكات يقوم بها النظام المصري بخصوص حرية الرأي والتعبير؛ بينما يرى بعض أفراد إدارته أن دعم السيسي يجب أن يكون بشروط، وفق مطالب أمريكية معينة، بتحسين ظروف الحياة السياسية في مصر".

 

اقرأ أيضا: "الموندو": السيسي حول مصر إلى سجن مفتوح للمعارضين

وحول كيف يمكن للمعارضين استثمار تقرير الخارجية الأمريكية، قال إنه "يجب التواصل مع الأطراف الفاعلة المناهضة للدعم المفتوح للسيسي داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس، بهدف حشد وتجييش المواقف التي تضغط باستمرار على نظام السيسي؛ لإتاحة أي مساحات حركة للمعارضة المصرية في الداخل".

 

"حبر على ورق"


بدوره، اعتقد المعارض المصري في الولايات المتحدة، مصطفى الدسوقي، أنه "للأسف اللوبي المناهض من المصريين في الخارج سواء من جماعة الإخوان، بصفة خاصة أو من المعارضة المصرية بالخارج بشكل عام، ليس متواجدا بشكل فعال وقوي، كالذي نراه من اللوبيات الأخرى الداعمة بقوة للسيسي".

وأشار الدسوقي، لـ"عربي21" إلى دور "لقاءات اللوبي الداعم للسيسي بأعضاء الكونغرس بجانب قدرتهم على التأثير بقرارت الإدارة الأمريكية"، مبينا أن "دعم ترامب للنظام في مصر أيضا؛ يجعل من انتقادات الخارجية الأمريكية، ومن قبلها منظمة العفو الدولية، وغيرها من المنظمات والجهات حبرا على ورق كما حدث مع التقارير الأممية والحقوقية السابقة".

وأكد الناشط المصري، أن "المعارضة بالخارج تعاني إنقساما مريبا، وحالة تخبط وافتقاد للإدارة الحكيمة الموحدة والتنظيم الجيد، وعدم التنسيق بين الفصائل، وكأن هناك كيان قوى (معارض) مستفيد من بقاء الوضع على ماهو عليه، ولذلك وصفت هذا الانقسام بالمريب".

ورأى أنه "وعلى الرغم مما تقدم؛ فإن هناك حركات ثورية مستمرة بالضغط على الإدارة الأمريكية، وتم تنسيق مقابلات هامة مع بعض أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، ومنها (حركة غربة)، و(وطن للجميع) و(حركة المصريين بالخارج من أجل الديمقراطية)".

وأشار الدسوقي إلى أن "الحركات الثورية هذه، أدت ضغوطات على الإدارة الأمريكية لتجميد مايقرب من 300 مليون دولار من المعونة العسكرية الأمريكية نهاية العام 2017، التي ضغطت لوبيات أخرى في المقابل، حتى تم الإفراج عنها".