سياسة عربية

بعد عامين من اقتطاعهما.. هل نسي المصريون تيران وصنافير؟

انشغل المصريون عن "تيران وصنافير" بقضايا أخرى مثل مكافحة الغلاء وما نتج عن تعويم الجنيه- جيتي
مرت ثلاث سنوات على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي نتج عنها تنازل رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عن جزيرتي "تيران وصنافير"، بالبحر الأحمر إلى المملكة، في اتفاقية أثارت غضب المصريين يوم 8 نيسان/ أبريل2016.

الاتفاقية التي اقتطعت جزءا من أرض مصر كانت سببا في خروج أول تظاهرات غاضبة ضد نظام السيسي من مؤيديه السابقين وخسارته لجزء من شعبيته، ليتنامى بعدها الحراك الثوري، والتدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والدعاوى القضائية المطالبة بإبطال الاتفاقية التي أقرها البرلمان، وصدق عليها السيسي.


وتعرض عدد من النشطاء والسياسيين المعارضين للنظام إلى الاعتقال والسجن والمحاكمة بسبب انتقادهم للاتفاقية، وبينهم السفير معصوم مرزوق، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.

وفي المقابل حشد النظام أذرعه السياسية والإعلامية والقضائية والبرلمانية للدفاع عن الاتفاقية والإدعاء بأن الجزيرتين سعوديتان، فيما أقرها البرلمان بالأغلبية في 14 حزيران/ يونيو 2017، وبعدها بثلاثة أيام نشرت الجريدة الرسمية قرار السيسي بالتصديق على الاتفاقية، والتي بمقتضاها تم تسليم الجزيرتين الاستراتيجيتين إلى السعودية.

 


وبمرور السنوات الثلاث انشغل المصريون بقضايا أخرى مثل مكافحة الغلاء وما نتج عن تعويم الجنيه بعد التنازل عن "تيران وصنافير" بسبعة أشهر، وما نتج عن تنفيذ النظام لسياسات صندوق النقد الدولي، إلى جانب ملف الحريات وقمع المعارضة وسجن أكثر من 60 ألفا منذ انقلاب 2013، ومؤخرا "التعديلات الدستورية" التي تمنح السيسي حكم البلاد حتى 2034.


والسؤال: بعد مرور ثلاث سنوات من تنازل السيسي، عن "تيران وصنافير"، هل نسيهما المصريون؟

"خطفها عجائز السياسة"

وفي تعليقه أكد الكاتب الصحفي، وائل قنديل، أنه "منذ البداية بُحت أصواتنا تقول إن (تيران وصنافير) هي قضية المواطن في الفضاء العام الفسيح، ومن ثم كان الخطأ القاتل باستدراجها إلى مقابر الأحزاب المهجورة، لتتحول من قضية شارع يغلي إلى مسرحية أحزاب مجمدة، ومعبأة في أكياس النظام".

و"كانت قضية شابة، مجالها الحيوي نضال في الشارع، على رأسه سياسي شاب، هو خالد علي، لكن عجائز السياسة هبطوا عليها وسحبوها إلى مقار الأحزاب، المعتمة، ثم سلموها للنظام". حسب وصف قنديل، في حديثه لـ"عربي21".

وأشار إلى أن نقطة التحول الكبرى، أو إعلان وفاة الحضور الجماهيري في الموضوع، كان يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2016، لما توجهوا (بعض الأحزاب) إلى النظام، باستئذانه، واستسماحه، في(تظاهرة برخصة) في محيط مجلس الوزراء.

 

وأوضح الكاتب المصري، أن "قضاء النظام رفض، وقال إنه يسمح بالتظاهر، فقط، في المسافة بين مشرحة الموتى بمنطقة زينهم، وبين سجن القلعة من ناحية، وسجن العقرب المخيف، من ناحية ثالثة، في حديقة الفسطاط".

وتابع: "وبالطبع لم يذهب أحد، أو بالأحرى، لم يستشعر أحد جدية النخب السياسية في استدعائه لمعركة وطنية محترمة".

وقال قنديل: "لقد كان المواطن حاضرا بقوة حين نادته قضية (تيران وصنافير)، لكن الذين مارسوا كل أشكال التضليل لكي يخرج في حزيران/ يونيو 2013، عادوا ومارسوا نوعا من التدجين والتسكين عليه بعد خروجه في 2016، من أجل الجزيرتين".

وأضاف: "لقد امتص الزعماء المزيفون الجماهير من الشوارع والميادين، واقتادوهم إلى أضابير المحكمة، ثم سلموهم إلى اليأس والإحباط والإحساس باللاجدوى من أي شيء".

قنديل، أشار إلى أن هذه الواقعة كانت فارقة مؤكدا أنه "ومنذ ذلك الوقت، لم يعد السيسي يرى أي شكل من أشكال المعارضة الجادة المسؤولة".

وختم الصحفي المعارض، بالقول: "ولا أريد أن أكون متشائما لو قلت إنه لو لم تكن قضية التخلص من سلطة الانقلاب بمصر في صدارة الأولويات فإن كل القضايا المتفرعة منها سيكون مصيرها التجمد والموات كما جرى في موضوع (تيران وصنافير)".

 

اقرأ أيضا: تيران وصنافير تودعان مصريتهما (انفوجرافيك)

"درس التاريخ اقترب"

"لم تمت القضية ولا يمكن أن تموت"، هكذا جاء الرد حاسما على لسان الكاتب اليساري المعارض حسن حسين، مؤكدا لـ"عربي21"، أنه "سيتم استرداد الجزيرتين، كما سيتم تحرير فلسطين".

حسين، أرجع أسباب تراجع الحراك لاسترداد "تيران وصنافير"، إلى "الظرف الذاتي للقوى السياسية المصرية التي تمر بظروف سيئة للغاية، في ظل قمع متزايد، يحصد أرواح شباب الثورة ويسجن من تسول له نفسه بالكلام".

وقال إن النظام "يظن أنه يعصم نفسه من غضبة الشعب، ولأن النظم المستبدة لا علاقة لها بالسياسة، فهي لا تدرك درس التاريخ القاضي بهزيمة الاستبداد وانتصار الأمم المدافعة عن حقوقها وحرياتها"، مؤكدا أن "هذا ما سيحدث في مصر أقرب مما يظنون، وسيحيق المكر السيء بأهله".

"جمهورية الخوف"

 

من جانبه أوضح الناشط السياسي سمير عليش، أن الحراك لم ينته ولكنه أخذ جانبا قانونيا مشيرا إلى وجود "قضية مستمرة في المحكمة الدستورية العليا لإبطال القرار".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد المتحدث السابق باسم الجبهة الوطنية للتغيير، أن "(تيران وصنافير)، قضية لن تُنسى"، مبينا أن "لها دلالات خطيرة على توجهات النظام الحاكم".

وعن توقف الحراك الشعبي وانشغال المعارضة بقضايا أخرى مثل التعديلات الدستورية مع أنهما قضية واحدة، يعتقد عليش، أن "الحراك الشعبي مستمر ويتصاعد بالقلب واللسان وباليد في إطار جمهورية الخوف".

ونشر الناشط هاني إبراهيم، عبر "تويتر"، وثائق تؤكد مصرية "تيران وصنافير".