صحافة دولية

بازفيد: هذا هو الدور الغامض لمرتزقة "واغنر" الروسية بسوريا

بازفيد: شركة "واغنر" تقوم بمهام نيابة عن الكرملين- جيتي

نشر موقع "بازفيد" تقريرا أعده مايك غيغليو، تحت عنوان "في داخل حرب الظل التي يخوضها المرتزقة الروس"، يقول فيه إن مجموعة "واغنر" ترتبط بالدائرة المقربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
 

ويبدأ غيغليو تقريره من أوكرانيا، مشيرا إلى أن المخابرات الأوكرانية لم تكتشف وجود مقاتلي الشركة الغامضة "واغنر" مع المقاتلين الانفصاليين الموالين لموسكو إلا بعد فترة طويلة. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شركة "واغنر" تقدم نفسها على أنها شركة خدمات عسكرية خاصة، وعادة ما تتصرف كذلك، لكنها تقوم بمهام نيابة عن الكرملين، بشكل "يشوش بين ما هو عمل الدولة والخاص"، بحسب الخبير السابق في شؤون روسيا في مجلس الأمن القومي أندرو ويز، الذي يعمل حاليا بوقفية كارنيغي للسلام العالمي.  

 

ويذكر الموقع أنه يعتقد أن مالك الشركة هو رجل أعمال مرتبط بالرئيس فلاديمير بوتين، لافتا إلى أنه من الصعب تقدير عدد أفراد الشركة، إلا أن ويز يقدر عددهم بما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف فرد، بمن فيهم الاحتياط، ويملك عدد منهم خبرة في الحروب التي دعمتها روسيا. 

 

وينقل الكاتب عن السلطات الأوكرانية، قولها إن هناك مقاتلين تابعين للشركة قدموا الدعم للمتمردين، وعملوا نيابة عن موسكو، حيث كانوا يستفزون المتمردين الذين لم يتبعوا التعاليم، ويقتلونهم إن اقتضى الأمر. 

 

ويلفت التقرير إلى أن الشركة وسعت عملياتها من أوكرانيا إلى سوريا، حيث قام أفرادها بتدريب المليشيات التابعة لحكومة بشار الأسد، وحرسوا منشآت النفط، وماتوا في العمليات العسكرية. ففي العام الماضي هاجم مقاتلو الشركة وعدد من جنود الحكومة منشأة نفطية للسيطرة عليها من قوات تدعمها الولايات المتحدة، فردت القوات الأمريكية بالقصف، وقتلت 200 شخص بحسب أقل التقديرات. 

 

وينوه الموقع إلى أن الشركة ظهرت في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تحمي الرئيس ومناجم الذهب، وقيل إنها عملت على دعم نظام البشير السابق، وشوهدت في العاصمة الخرطوم، وفي ليبيا أيضا. 

 

وينقل غيغليو عن الجنرال ستيفن تاونسند، وهو مرشح الرئيس دونالد ترامب لتسلم القيادة المركزية لأفريقيا، قوله إن المرتزقة الروس أصبحوا تهديدا للقارة بعد تهديد الإرهاب، وقال في شهادة أمام الكونغرس: "أنا قلق بشكل كبير". 

 

ويفيد التقرير بأن هناك تقارير في الأشهر الأخيرة أشارت إلى وجود جنود للشركة في فنزويلا؛ دعما لنظام الرئيس نيكولاس مادورو، ولم يؤكد المسؤولون الأمريكيون هذه الأنباء، رغم شجبهم الروس لإرسالهم الدعم العسكري لفنزويلا. 

 

ويورد الموقع نقلا عن مصدر في الكونغرس يراقب نشاطات الشركة، قوله إن الشيء الواضح أنها تستهدف الأماكن التي "تفتقد الاستقرار الأمني، وهناك إمكانية لتحقيق المنافع الاقتصادية". 

 

ويقول الكاتب إن المسؤولين الأمريكيين لا يزالون يقيمون الشركة وما تقوم به، كما يتابعون عمليات روسيا وحروبها، وفيما إن كانت شركة التعهدات الأمنية تهديدا خطيرا للمصالح الأمريكية، أو أنها تجربة نجحت نجاحا محدودا وتمت المبالغة في قدراتها، مشيرا إلى أن البعض في أوكرانيا مثلا يتعاملون معها على أنها ذراع للأجهزة الامنية الهادفة لإضعاف بقية دول أوروبا الشرقية، فيما يراها آخرون شركة تعهدات أمنية أنشئت على شاكلة شركة إريك برنيس "بلاكووتر"، التي أصبح اسمها الآن "أكاديمي"، وتدار على يدر رجال أعمال يحاولون بناء علاقات مع الحكومات الأخرى. 

 

ويشير التقرير إلى أن آخرين يرون أنها شركة غير بارعة وفاشلة، ويشيرون إلى تجربتها في سوريا، لافتا إلى أن الحقيقة ربما كانت هي هذا كلها، أي أنها شركة مثل بقية الأمور المرتبطة بالكرملين، يسمح لها مرة بمتابعة عمل المرتزقة والمال، وعاجزة أحيانا، وقوية وخطيرة في أحيان أخرى. 

 

وينقل الموقع عن وزير الدفاع الكندي السابق بيتر ماكي، قوله إن هوية "واغنر" الغامضة ربما كانت جزءا من قوتها، وأضاف: "يمكنهم القيام بأعمال خارجية لروسيا، لكن عليهم ألا ينسبوها للكرملين"، مشيرا إلى أن دول أوروبا قلقة من توسع شركة "واغنر".

 

ويجد غيغليو أن الغموض الذي يحيط بالشركة هو ذاته الذي يحيط بالرجل المرتبط بها، فيفغيني برغوجين، الرجل الأصلع في الـ57 من عمره، هو مثال عن الرموز المقربة من بوتين، التي بنت ثروتها وتم استخدامها لاحقا بشكل، فكان صاحب مطعم مجهول، وبدأ بخدمة بوتين في أثناء زيارة الرموز الأجنبية، ثم أصبح رجل أعمال قويا، من خلال حصوله على عقود توفير وجبات الطعام للدولة، وصار يعرف بطاهي بوتين، ويعد الآن من أفراد الحلقة المقربة من بوتين. 

 

ويورد التقرير نقلا عن الخبير في شؤون روسيا ويبحث في "واغنر" لصالح كلية الحرب الأمريكية ستيفن بلانك، إن هذه المنافع جاءت بمطالب، فهو مثال عن الطريقة التي قام من خلالها بوتين بعسكرة النخبة الثرية، وأضاف: "هم تابعون للدولة، ويحافظون على مواقعهم وثرواتهم بشرط خدمة الدولة".

 

ويكشف الموقع عن أنه تم تمويل "واغنر" من خلال العقود التي حصل عليها برغوجين، وفي أحيان أخرى مولت الشركة نفسها عبر صفقات مع حكومات أجنبية، ففي جمهورية أفريقيا الوسطى حصلت على مقابل تدريبها الحرس الرئاسي، ونسبة من أرباح مناجم الذهب، مشيرا إلى أنها حصلت على الترتيبات ذاتها في سوريا، حيث تحصل على نسبة من عقود النفط والغاز الطبيعي. 

 

ويفيد الكاتب بأن بلانك يعتقد أن عقودا كهذه حصلت على موافقة من الكرملين، مشيرا إلى أن مقاتلي الشركة ينقلون إلى سوريا على متن المقاتلات الروسية، ويتلقون تدريباتهم في قاعدة عسكرية في جنوب روسيا، ووصف بلانك العملية بأنها "عملية مارقة.. فهم مدربون للقيام بمهام لا تريد الحكومة الروسية للجيش القيام بها". 

 

وبحسب الموقع، فإن الخزانة الأمريكية فرضت عقوبات على برغوجين عدة مرات؛ الأولى لدوره في أوكرانيا، والثانية عام 2016 بسبب الدور الروسي في انتخابات الرئاسة.   

 

ويقول غيغليو إن معظم ما كتب عن رجل الأعمال وشركته جاء من مصادر روسية، وتقارير أعدها صحافيون روس، لافتا إلى أن الصحافي الروسي دينس كوروتكوف، الذي كشف عن دور الشركة في أوكرانيا، تعرض لتهديدات، فيما مات صحافي آخر العام الماضي في ظروف غامضة، وقتل ثلاثة آخرون وهم يحققون في عمل الشركة في جمهورية أفريقيا الوسطى. 

 

ويفيد التقرير بأن جنديا سابقا ذكر أجواء الخوف في الشركة، متحدثا عن مقتل آخر زار سفارة غربية في موسكو، مشيرا إلى أنه بعد موافقته للحديث عن عمل الشركة، فإنه تردد ورفض لخوفه من القتل، وقال إن الشركة زادت من الجهود لمنع التسريبات. 

 

ويذكر الموقع أن برغوجين حاول تقديم أكثر من دعوى قضائية ضد محرك البحث في روسيا "يانديكس" الذي أدى إلى زيادة التسريبات عنه وشركته. 

 

ويرى ويز من وقفية كارنيغي أن تواصل التسريبات يشير إلى وجود أعداء كثر لرجل الأعمال داخل مؤسسة الأمن القومي، الذين يعارضون صعوده، وقد لاحقته الفضائح في الفترة الأخيرة، منها انتشار الإسهال بين طلاب مدرسة تقدم واحدة من شركاته وجبات الطعام لها. 

 

ويلفت الكاتب إلى أن الملايين شاهد فيديو لبرغوجين، الذي أوقفت سيارته "بي أم دبليو" قوات الأمن في ساحة بطرسبرغ، وهو ما يؤكد لويز أن البعض داخل المؤسسة يريد الإطاحة به.  

 

ويذهب التقرير إلى أن الحملة على برغوجين تكشف الأساليب ذاتها التي استخدمت لملاحقة الموالين للولايات المتحدة في روسيا، بخلاف أن شركة "واغنر" تؤدي أدوارا للدولة. 

 

وينقل الموقع عن المخابرات الأوكرانية، قولها إن أول جندي لـ"واغنر" ظهر في التمرد، وكان يشرف عليه مراقبون من وزارة الدفاع الروسية، وهذه هي النسخة التي قدمها مدير المخابرات الأوكراني الجنرال إيغور غوسكوف، الذي يتعامل مع مهمة ملاحقة الشركة شخصيا "سنلاحقهم حتى ننتقم"، فالحرب وإن اختفت من عناوين الأخبار إلا انها لا تزال قضية ملحة للأوكرانيين. 

 

ويبين غيغليو أن السلطات في كييف ترى أن روسيا استخدمت البلاد مخبرا لتجربة أساليبها، سواء في حرب المرتزقة، والتضليل الإعلامي عبر منابر التواصل قبل نقلها لساحات أخرى، لافتا إلى أنه يهم أوكرانيا تصوير شركة "واغنر" ودورها للغرب. 

 

وبحسب التقرير، فإن مدير المخابرات وضع المعلومات عنها أمام الرأي العام، وعقد مؤتمرات صحافية، وجمع معلومات عنها من خلال الجواسيس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي في أوكرانيا وسوريا، مشيرا إلى أن روسيا نفت أي دور لها في شرق أوكرانيا، إلا أن غوسكوف يعتقد أن "واغنر" سمحت لموسكو بنفي أي دور في الحرب هناك. 

 

ويقول الموقع إنه مع استمرار الحرب فإن أوكرانيا أصبحت ساحة تجنيد للشركة التي وسعت عملياتها في مناطق أخرى، مشيرا إلى أن الشركة لم تجند جنودا سابقين روسا وأوكرانيين فقط، بل حدد غوسكوف 30 صربيا ومن بيلاروسيا وأوزبكستان ومولدوفا، وحتى فرنسا، ويرى غوسكوف أن "واغنر" تساعد في نشر الفوضى في أوروبا الشرقية، قائلا: "أنظر لما حدث لنا".

 

ويفيد الكاتب بأن العملية الثانية لـ"واغنر" بعد أوكرانيا كانت هي سوريا، التي أرسل بوتين إليها طائراته عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد، وخشي بوتين من التداعيات السياسية للعملية، خاصة في حال سقوط جنود روس عملوا مع القوات السورية في الميدان، ومن هنا فإن نموذج "واغنر" مثل حلا له، وفي الوقت الذي قدمت فيه الشركة تدريبات للقوات السورية الخاصة والمليشيات الموالية للأسد، وشاركت في العمليات ضد تنظيم الدولة، فإن جنودها بدأوا يتساقطون. 

 

وينقل التقرير عن رجل أعمال سوري، أسهم في تقديم الشركة للحكومة السورية، قوله في تصريحات إنها كانت تدفع مستويين من الأجور، وتمنح أجرا لمن تصفهم بـ"الضباط"، وركزت على الأرباح، خاصة من حقول النفط والغاز الطبيعي. 

 

ويورد الموقع عن الخبير في الشؤون الروسية مايكل كوفمان، الذي قدم النصح للجيش الروسي، قوله إن "واغنر" تتشكل من "كتائب تكتيكية، ولديها ضباط، وجنود نظاميون"، ولاحظ أن الشركة تقوم على تعاون أمني مع المخابرات، وهو ما يجعلها شركة خاصة عامة. 

 

ويجد غيغليو أنه على خلاف المرتزقة الأمريكيين الذين عملوا في العراق في أثناء الحرب في مجال الحراسة، فإن روسيا استخدمت المرتزقة "لقيادة العمليات وبدعم من الجيش الروسي"، وهو ما سمح للقادة الروس بالحفاظ على عدد قليل من الجنود، ووضع الخسائر على المرتزقة، مشيرا إلى أنهم عندما ذهبوا لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية العام الماضي، فإنهم تعرضوا لخسائر فادحة، فيما رأى البعض أنها محاولة من روسيا الدفع ضد أمريكا في سوريا. 

 

وينقل التقرير عن مدير ملف روسيا سابقا في مجلس الأمن القومي مايكل كاربنتر، قوله: "اجتاز مرتزقة (واغنر) الروس الخطوط الحمراء عن قصد، في محاولة للسيطرة على حقل كونكو؛ لاعتقادهم أن قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمريكية الداعمة لها ستخاف من القوة الضاربة". 

 

وينوه الموقع إلى أن عددا كبيرا من المرتزقة قتلوا، أما الجرحى فتمت معالجتهم في المستشفيات العسكرية، وكانت ردة الفعل في روسيا سلبية، وظهر الضابط العسكري السابق يفغيني شاباييف مدافعا عن عناصر "واغنر" وبقية الجنود العاملين في الشركات الخاصة في البلد.  

 

ويورد الكاتب عن شاباييف، قوله إنه على اتصال مع المرتزقة، وساعد على تنظيم عريضة للجنائية الدولية نيابة عنهم، وأضاف أنهم مجرد طعم للمدافع، وعادة ما تستهدف الشركة الفقراء، وتعدهم بوعود وردية، مشيرا إلى أن سوريا كانت المحطة الأولى لمعظمهم، وعادة ما يجدون ظروفا أسوأ من التي يعيشون فيها، فالسكن صعب، والطعام سيئ، والمعارك قد تكون قاتلة.

 

ويختم "بازفيد" تقريره بالإشارة إلى أن البعض قرروا شراء بنادق أفضل من تلك التي وفرتها لهم الشركة، لافتا إلى أن شاباييف يطالب بتشريع الشركات الأمنية الخاصة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)