ملفات وتقارير

ماذا وراء تسليم عشماوي لمصر واحتفاء النظام بالحدث؟

عشماوي هو ضابط صاعقة سابق فصل من الجيش المصري- أرشيفية

أثار استلام السلطات المصرية الضابط المصري السابق، هشام عشماوي، الذي اعتقلته مليشيات اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، في مدينة درنة شرقي ليبيا، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تساؤلات حول توقيت وطريقة استلام الرجل المطلوب أمنيا رقم واحد في مصر.


وأعلنت مصر استلام عشماوي في أعقاب الإعلان عن زيارة مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، إلى مدينة بنغازي الليبية، الثلاثاء، حيث التقى اللواء المتقاعد، خليفه حفتر، وخلال اللقاء تم مناقشة عمليات مكافحة الإرهاب بالمنطقة، وفق بيان القوات المسلحة المصرية.


وعشماوي هو ضابط صاعقة سابق فصل من الجيش المصري قبل أكثر من سبع سنوات ويكنى بـ"أبي عمر المهاجر"، وهو أحد قيادات تنظيم جند الإسلام المرتبط بالقاعدة، وأسس قبل ذلك تنظيم "مرابطون" الذي نشط في شمال سيناء.


واحتفى الإعلام المصري بما سماه الإنجاز الكبير باستلام عشماوي المتهم بارتكاب العديد من العمليات المسلحة النوعية ضد أفراد وقوات الجيش والشرطة المصريين من شمال سيناء إلى الصحراء الغربية، وراح ضحيتها العشرات من الضباط والجنود.


وتتهم السلطات المصرية عشماوي بمحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق، محمد إبراهيم، عام 2013، والعديد من العمليات المسلحة، آخرها استهداف كمين قوات الشرطة في منطقة صحراوية على طريق الواحات بالجيزة، في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017، مما أسفر عن مقتل 16 من ضباط وجنود الشرطة.


وحكم القضاء المصري على عشماوي غيابياً بالإعدام؛ إثر إدانته بالهجوم على كمين الفرافرة بصحراء مصر الغربية، الذي أسفر عن قتل نحو 30 جنديا مصريا.

 

اقرأ أيضا: تسليم ضابط مصري سابق إلى القاهرة من شرق ليبيا (شاهد)

وفي 9 أيار/ مايو الجاري، زار خليفة حفتر القاهرة، واجتمع مع زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في ثاني لقاء منذ إطلاقه هجوما على طرابلس مطلع نيسان/ أبريل الماضي.


اعتبارات نظام السيسي

 
وفي تعليقه على استلام نظام السيسي لعشماوي في هذا التوقيت، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، إنه: "لم يكن هناك ما يمنع من تسليمه لمصر فسبعة شهور كانت فترة كافية لحصول قوات حفتر على أية معلومات من عشماوي، كما أنه لا يتصور أن تكون مصر طلبت تسلمه ورفض حفتر ذلك، أو ساوم عليه نظرا لطبيعة العلاقات بين الطرفين".


وأضاف لـ"عربي21": "السؤال هنا لماذا لم يكن نظام السيسي بحاجة إليه طوال الشهور الماضية؟"، وأجاب: "أحسب أنه كانت توجد عدة سيناريوهات، من بينها التخلص من عشماوي خارج مصر، الثاني رغبة النظام في الحصول على معلومات من عشماوي تحت التعذيب خارج مصر حتى لا يكون له تأثير أو صدى داخل الجيش المصري باعتباره ضابطا سابقا، الثالث ربما يعود لرغبة النظام في رسم عشماوي لمسرح الأحداث التي كانت على الأراضي الليبية المصرية".


ولم يستبعد سليمان أن "تكون هناك عملية استخباراتية أخرى وراء استلام عشماوي بهذه البهرجة الإعلامية، وإلا لماذا لم تتسلمه العام الماضي بعد اعتقاله، فالعلاقات بين نظام حفتر وليبيا تسمح بتسليمه خصوصا أن مصر متورطة في دعم قوات حفتر بشكل علني".


وحذر من أن "نموذج هشام عشماوي قابل للتكرار في كل مؤسسة سيادية من مؤسسات البلد، طالما أنها تعيش حالة من حالات الديكتاتورية، وانتهاك حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن "تحول عشماوي إلى هذا الشكل يتحمل النظام مسؤوليته كاملة".


إخماد أي تمرد

 
وأرجع رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، حفاوة نظام السيسي باستلام عشماوي إلى أمرين: "الأول، هو تكوين إحساس بالانتصار عند المنظومة الأمنية والعسكرية".

 

اقرأ أيضا: فيديو جديد يظهر أولى لحظات اعتقال ضابط مصري سابق بليبيا

وأضاف لـ"عربي21": "الأمر الثاني، هو أن عشماوي كان ضابطا، وتمرد على المؤسسة الحاكمة وكان أحد أفرادها، وهذا يسبب حساسية شديدة للنظام؛ ولذلك يرغب في ترويج صورة القضاء عليه حتى لا يتحول التمرد لظاهرة، وهذا التمرد الكبير إن حدث سيكون نهاية لدولة الاحتلال بالوكالة في مصر، لذلك يرغبون في تدمير صورة عشماوي حتى يحاصروا احتمالات تلك الظاهرة، إلا أنه في الغالب تأتي هذه الإجراءات بنتائج عكسية".


استغلال عشماوي

 
بدوره؛ قال الكاتب الصحفي، سيد أمين، لـ"عربي21": إن "طريقة استلام عشماوي هي محاولة من السلطة للدعاية لنفسها بأنها تحقق نجاحا في الحرب على الإرهاب بعد طول فشل في صناعة حبكة درامية ناجحة عن وجود إرهاب حقيقي في مصر".


مضيفا أن "عشماوي هو الرجل المسلح الحقيقي الوحيد المعلوم للناس الذي هاجم السلطة، وحينما يقع في يدها ستتخذه دليلا على نجاحها في الحرب على الإرهاب".


وحذر من إمكانية استغلال عشماوي في توجيه اتهامات لأطراف محلية وإقليمية أخرى، قائلا: "أرجح أنه سيتم إكراه عمشاوي على الإدلاء باعترافات معينة تخدم أهداف السلطة خارجيا وداخليا؛ مثل تورط قيادات في الإخوان أو دعم قطر وتركيا".