صحافة دولية

فورين بوليسي: هل باتت إيران تتحكم بمياه الخليج؟

فورين بوليسي: عدم رد دونالد ترامب على العدوان الإيراني أرسل رسالة واضحة- جيتي

نشر موقع "فورين بوليسي" مقالا للزميل الباحث في معهد الدراسات الخارجية ستيفن كوك، يشير فيه إلى أن عدم رد دونالد ترامب على العدوان الإيراني أرسل رسالة واضحة. 

ويقول كوك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "مجتمع السياسة الخارجية طالما أجمع على فكرة قيام أمريكا بالدفاع عن مضيق هرمز، واستخدام قوتها العسكرية المتفوقة لتأمين حرية الملاحة البحرية فيه، في حال قامت دولة معينة بالتدخل أو منعت حركة السفن، لكن، مثل كل شيء في هذه الفترة، فإن الحقائق الثابتة والقوانين القوية تحولت إلى خيال". 

ويشير الباحث إلى أن "الولايات المتحدة استثمرت كثيرا في الشرق الأوسط على مدى العقود الماضية، وللقيام بعدد من المهام، خاصة حماية ممرات الملاحة، ويبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي لا يؤمن بأن هذه المهمة أولوية للمصالح الأمريكية". 

ويلفت كوك إلى أنه بعد هذا كله فإن الرئيس دونالد ترامب كتب تغريدة في 24 حزيران/ يونيو، قال فيها: "تحصل الصين على نسبة 91% من نفطها عبر المضيق، واليابان 61% وعدد آخر من الدول، فلماذا نحمي ممرات الملاحة للدول الأخرى (ولسنوات طويلة) ودون عوائد، ويجب على هذه الدول كلها حماية سفنها في رحلة دائما كانت خطيرة". 

ويعلق الكاتب قائلا إن "أي شخص يؤمن أن أمريكا ستقوم بمواجهة إيران عليه قراءة تغريدة ترامب، وهي نذير لما سيأتي من السياسة الخارجية الأمريكية".

ويقول كوك إن "الولايات المتحدة ستغادر الخليج، ليس هذا العام أو الذي يليه، لكن لا شك بأنها في طريقها للخروج، وأهم دليل على هذا هو عدم فعل أمريكا أي شيء لوقف إيران، والكثير من المسؤولين والمحللين يعارضون هذا الموقف، ويشيرون إلى عدد الطائرات والجنود الأمريكيين والسفن في أبو ظبي والرياض والمنامة ومسقط ويفهمون ما يجري، وهم قلقون من استمرار التزام الولايات المتحدة الأمني ولوقت، ويدفعون باتجاه خروج أمريكي من المنطقة عبر عدة طرق، بما فيها القيام بمبادرات وتقارب مع الصين وروسيا وتركيا وإيران". 

وينوه الباحث إلى اللقاء الإماراتي الإيراني يوم الأربعاء، وهو الأول من نوعه منذ 6 أعوام، ويقول إنه إيجابي، مستدركا بأنه "رغم تأكيد الطرفين أنه لقاء روتيني لبحث أمور الأمن البحري في الخليج، إلا أن عدم التحرك الأمريكي لمواجهة طهران جعل الإمارات تعيد التفكير بطريقة التعامل مع إيران والتي قد تتصادم مع محاولات الولايات المتحدة لعزل إيران". 

ويفيد كوك بأن "الخليج ظل هادئا منذ قيام الحرس الثوري الإيراني باحتجاز تسعة بحارة أمريكيين وضابط بحري لمدة تقل عن 24 ساعة، بعد عبور قاربين صغيرين المياه الإقليمية الإيرانية عام 2016، لكن الأمور تغيرت منذ أيار/ مايو، عندما زعمت الولايات المتحدة وغيرها أن قوى إيرانية هاجمت ست ناقلات نفط، وحاول الحرس الثوري اعتراض بارجة بريطانية، وأسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة، وردت أمريكا بإسقاط طائرة إيرانية مسيرة، وقام الحرس الثوري باحتجاز ناقلة ستينا إمبيرو، التي كانت ترفع العلم البريطاني، وذلك ردا على احتجاز البحرية البريطانية ناقلة نفط إيرانية في مضيق طارق". 

ويقول الكاتب: "لو كانت السياسة الرسمية في الخليج صحيحة لكانت أمريكا ردت على التصرفات الإيرانية بقوة، لكن احتجاز الناقلة البريطانية لم تنتج عنه إلا محاولات للتحلل من المسؤولية، وعندما تم احتجاز الناقلة البريطانية هدد وزير الخارجية في حينه بتداعيات قوية، مؤكدا في الوقت ذاته أن بلاده لا تسعى للحرب مع إيران، فيما تجاهل وزير الخارجية مايك بومبيو سؤالا حول الناقلة، وأكد أن مهمة حمايتها تقع على بريطانيا، واقترحت الولايات المتحدة خطة إقامة قوة دولية لحماية الملاحة في الخليج، لكن يبدو أنها باب خلفي للخروج من الخليج". 

ويبين كوك أنه "بحسب الخطة، فإن الولايات المتحدة ستقدم القيادة والرقابة، فيما ستتولى بقية الدول مرافقة سفنها التي ترفع أعلامها، واقترحت بريطانيا خططا أخرى، مثل تحالف أوروبي (بدور أوروبي) يرافق السفن الأوروبية عبر المضيق، وعقدت البحرية البريطانية يوم الأربعاء لقاء في المنامة مع الفرنسيين والألمان لمناقشة الخطة، ولا أحد يريد الحرب، لكن هناك حالة يجب التعامل معها، وهي أن التصعيد في ضوء الاستفزازات التي يقوم بها الحرس الثوري غير حكيم، علاوة على أن أيا من هذه الخطط ليست ناجعة". 

ويرى الباحث أنه "من الصعب معرفة نوايا إيران الحقيقية وراء التصعيد، وفيما إن كان محاولة للتخفيف من حدة العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عليها، أو أنها تعكس العداء الإيراني للأعراف الدولية، وفي الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن بلاده تقف مع التعددية، إلا أن الحرس الثوري يستطيع عمل أي شيء في الخليج دون خوف من الانتقام، وهذا بسبب أفعال ترامب وأقواله بأن أمريكا في طريقها للخروج من المنطقة، ولو بقيت الولايات المتحدة وعملت ما يجب عليها عمله فلن يكون تصرفا عديم الجدوى".

ويذكر كوك أن "إدارة ترامب أرسلت 1500 جنديا إلى السعودية، ونقلت بوارج ومقاتلات إلى قواعدها في الخليج، وثبت أن هذا كله ليس رادعا، وترامب لا يميل لاستخدام القوة، خاصة أنه أوقف عملية ضرب أهداف إيرانية منتقاة ردا على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة في اللحظة الأخيرة، وبرر قراراه بأن الغارات ستقتل 150 إيرانيا، ومن الصعب التصديق أن هناك فرقا بين قتل الإيرانيين وعدم الرد، ورغم المديح الذي تلقاه على ضبط النفس، إلا أن ما جرى هو ذريعة لعدم عمل شيء، وما هو واضح أن أمريكا غير مستعدة لتحمل كلفة عالية لحماية الملاحة البحرية في الخليج، وأعداء أمريكا في إيران يعرفون هذا الأمر". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "ترامب بدأ يعمل مثل الرؤساء السابقين، باراك أوباما وجورج دبليو بوش، ومسؤولين آخرين، الذين قالوا خلال الـ15 عاما الماضية إن أمريكا لم تعد تعتمد كثيرا على نفط الخليج، ولديها اكتفاء ذاتي، وربما لم يكن هذا الكلام صحيحا، لكن ترامب لا يهتم، ويريد الخروج من الشرق الأوسط، وأمريكا لا تريد النفط، والخليج هو مشكلة لا تهم أمريكا، وهي رسالة تدعو الحرس الثوري لملاحقة ناقلات نفط أخرى".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)