ملفات وتقارير

هل يواجه السيسي معضلة أمنية بحماية اتفاق الغاز الإسرائيلي؟

ناقش الوزير الإسرائيلي مع نظيره المصري طارق الملا، الإسراع في تنفيذ الاتفاقية وتوسيعها بالمستقبل- جيتي

أشارت حفاوة استقبال القاهرة لوزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، خلال زيارته مصر الخميس 25 تموز/ يوليو الماضي، إلى أن الزيارة تمهد لتنفيذ وشيك لاتفاق تصدير الغاز بين تل أبيب والقاهرة.
 
وأعلن في شباط/ فبراير 2018، عن توقيع اتفاق بين شركة "ديليك" الإسرائيلية مالكة حقلي الغاز "ليفياتان" و"تامار" وشركة "دولفينوس" المصرية لتصدير الغاز الطبيعي لمصر بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات، عبر خط أنابيب شركة "غاز شرق المتوسط" المار في سيناء والمستخدم في عهد حسني مبارك لنقل الغاز المصري لإسرائيل.
 
وناقش الوزير الإسرائيلي مع نظيره المصري طارق الملا، الإسراع في تنفيذ الاتفاقية وتوسيعها بالمستقبل، وإنشاء مرفق تسييل للغاز بساحل البحر الأحمر بسيناء لتصدير الغاز للأسواق الآسيوية.
 
وقال شتاينتس، من أمام أهرامات مصر: "لأول مرة منذ توقيع معاهدة السلام بيننا قبل 40 عاما، ثمة تعاون ملموس بقيمة عشرات مليارات الدولارات مع مصر".
 
والسؤال هنا: هل مصر قادرة على تنفيذ وحماية هذا الاتفاق أمنيا؟ وهل تستطيع إدارة السيسي التي تتبنى المشروع حماية خطوطه ومحطة تسييله، خاصة وأن المشروع يشمل خطوطا لنقل الغاز لمسافات طويلة، وبناء محطة عملاقة تتكلف 10- 15 مليار دولار؟
 
كما أن التساؤل عن الجاهزية الأمنية لنظام السيسي لحماية المشروع؛ يأتي في ظل ما تعرضت له خطوط الغاز التي كانت تنقل الغاز المصري لإسرائيل من تفجيرات لعشرات المرات إبان ثورة يناير 2011، حتى تم وقف تصدير الغاز لإسرائيل التي حصلت من مصر على تعويضات مليارية بعد خسائر للاقتصاد الإسرائيلي بلغت 15 مليار شيكل.
 
وأشار الكاتب الإسرائيلي داني زاكين، إلى ثقة تل أبيب في قدرة السيسي على حماية الاتفاق.
 
وقال في مقال على موقع المونيتور، ترجمته "عربي21"، إن "الفترة السابقة لمجيء السيسي، أثارت مخاوف إسرائيلية من المس بمشاريع مستقبلية مشتركة مع مصر، لكن تجديد الاتفاق بمجالات الطاقة بعهد السيسي يشير لجاهزية أمنية مصرية لتوفير المزيد من الحماية لهذه المشاريع المشتركة المصرية الإسرائيلية".

 

اقرأ أيضا: هكذا نشأ تحالف الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل

 

"السيسي حسم الأمر"
وفي إجابته على التساؤلات السابقة قال الناشط المصري، أشرف أيوب، إن  تأمين خطوط الغاز العابرة من سيناء ومحطات تسييله "يرجع إلي خيارات الدولة السياسية"، موضحا بحديثه لـ"عربي21"، أن "دولة نظام كامب ديفيد حسمت هذا الخيار، عندما قال السيسي: لن نسمح أن تكون سيناء منطقة خلفية للهجمات ضد إسرائيل".
 
وأشار عضو الحركة الثورية الاشتراكية، إلى أن السيسي، "أبدى حرصه على تطوير كامب ديفيد، عندما قال: نسعى لسلام دافئ مع إسرائيل، أي فتح مسام كل المجتمع المصري للتطبيع مع إسرائيل".
 
وأكد أيوب، أنه "بالتالي فالدولة قادرة على حماية ما اتفقت عليه، لأن الجماعات التي تواجه الجيش المصري هي أدوات لأجهزة استخبارات أجنبية منها (الموساد)، و(المخابرات الإماراتية)، وقوات (الاحتلال) المسماة متعددة الجنسيات (M.F.O)، ولهذا نطلق عليها الجماعة الصهيو-وهابية الداعشية".
 
وحول احتمال استعانة الدولة بالقبائل لحماية خطوط الغاز، أشار إلى ما يتم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي ومنسوب لجهات أمنية من أن "الجيش طلب من مشايخ بئر العبد ضم الشباب لمليشيا يجري تشكيلها بسرية في بئر العبد، تتولى المخابرات الحربية تسليحها وإمدادها بمركبات رباعية الدفع، مقابل رواتب مجزية، وصلاحيات كبيرة تتعلق بحرية الحركة، وإقامة كمائن، وتوقيف أي مشتبه به، واعتقاله والتحقيق معه".
 
وأضاف أن هناك "إحجاما كبيرا من شباب القبائل عن الانضمام للمليشيات، كونها قد تسفر عن احتراب أهلي، والدخول في صراع قبلي، إذا دخلت من هذا الباب من خلال معترك سياسي".
 
"السؤال: تريد أم لا تريد"
من جانبه، أكد منسق عام الجبهة الشعبية للدفاع عن سيناء، أشرف الحفني، في تصريح لـ "عربي21" أن "المقارنة بين وقت تفجير خطوط الغاز السابقة والآن ليست بمحلها؛ فالمرحلة مختلفة أساسا من حيث المد الثوري الذي كان موجودا وقتها عنها الآن وسط حالة التجذر الثوري".
 
وقال: "لا أعتقد أن المسألة تتعلق فقط بأن مصر (كدولة) تستطيع أو لا تستطيع"، موضحا أن "هناك جزءا لعله الأكبر وهو أن مصر (الدولة أيضا) تريد أم لا تريد"، مضيفا "وأنا أعتقد أنهم يريدون حماية اتفاق الغاز مع إسرائيل".
 
وفي رده على التساؤل "إذا كانت مصر تريد وفي إمكانها حماية خطوط الغاز؛ فهذا يعني قدرتها على القضاء على العناصر الإرهابية والإجرامية بسيناء لحماية الاتفاق؟"، قال الناشط السيناوي: "القضاء على الإرهاب ممكن جدا؛ ولكن الدولة هي التي لا تريد اتباع وسائل ذلك".
 
وأوضح أن "أولى تلك الوسائل هي: أدوات وطريقة اتصال الدولة بالمدنيين في سيناء وبالحياة المدنية التي تحاصرها وتضعفها ولا تبعدها عن أى شيء ما يضعف أي جبهة تقاوم أي شيء".
 
الحفني، أشار إلى ما أسماه بـ"تماهي الدولة مع الترتيبات الأمنية لاتفاقية (كامب ديفيد)، وأولها مسألة (القوات متعددة الجنسيات) التي لا تقترب منها الدولة ولا يضربها الإرهابيون في الوقت الذي يضربون فيه كل مخالف لوجهة نظرهم وعقيدتهم وأي مشاريع اقتصادية"، متسائلا: "ما السبب؟".
 
ويعتقد الناشط السيناوي، أن "التعامل مع الكيان الإسرائيلي بتلك المسائل كمن يعطي القط مفتاح الكرار"، مبينا أن "المسألة هي اختيارات سياسية لا تريدها الدولة، بل تتبع عكسها".
 
وأضاف أن "المسألة سياسية أولا، واقتصادية اجتماعية ثانيا، وأمنية عسكرية ثالثا؛ ولو أهملت الأولى فلا فائدة من الثانية، ولو أهملت كليهما فلا فائدة من الثالثة".
 
وختم بالقول: "المسألة خيارات لا تريدها الدولة؛ وتفريع الأماكن لمخططاتهم واضح أنه المطلوب".

 

اقرأ أيضا: كيف فضح خط تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر ما يحدث في سيناء؟