سياسة دولية

ليبراسيون: قمع غير مسبوق بكشمير ونيودلهي تمارس التعتيم

عنف واعتقالات طالت الآلاف من كافة الفئات بكشمير- جيتي

نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على الانتهاكات التي تمارسها الحكومة الهندية في منطقة كشمير، وموقف المجتمع الدولي من هذه التطورات.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حكومة ناريندرا مودي القومية الهندوسية ألغت في أوائل شهر آب/ أغسطس وضع الحكم الذاتي في جامو وكشمير. بعد ثلاثة أسابيع، تبدو المعلومات الواردة عن المنطقة شحيحة في الوقت الذي يحاول فيه النشطاء التحذير من تفاقم الوضع.

"في الخامس من الشهر الجاري، قُتلت الحكومة الديمقراطية في كشمير"، كانت هذه كلمات السياسية الكشميرية شهلا رشيدة. في ذلك اليوم، ألغت نيودلهي بموجب مرسوم رئاسي الاستقلال الدستوري لجامو وكشمير وحولت جزأها المسلم، وادي كشمير، إلى "سجن مفتوح". ومنذ ثلاثة أسابيع، تم قطع الاتصالات التليفونية والإنترنت وتعليق الخدمات البريدية، ويفرض عشرات الآلاف من الجنود قيودا على عمليات التنقل من خلال حواجز عسكرية مستمرة.

وأوردت الصحيفة أنه وفقا لشهلا رشيدة، الأمينة العامة لحركة جامو وكشمير الشعبية، التي تقيم هذه الأيام في نيودلهي هربا من القمع، تعتبر هذه الحملة "غير مسبوقة. وحين تجدّ أعمال عنف، تنقطع خدمة الإنترنت عبر الهاتف لمدة يوم أو يومين في أجزاء من كشمير. لكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها قطع جميع أشكال الاتصال لفترة طويلة. حتى في ذروة الانتفاضة في سنة 1989، كان بالإمكان استخدام الهواتف".


تجمع هذه الناشطة، البالغة من العمر 31 سنة، شهادات من الأشخاص الذين عادوا من هناك، وحين ترى أن هذه الشهادات ذات مصداقية، تنشرها على حسابها على تويتر، للتحذير من الوضعية.

 

وروت شهلا رشيدة أن "الجيش يدخل إلى منازل الناس ليلا ويختطف الشباب، وينهب المنازل والإمدادات الغذائية. في شوبيان (في غرب كشمير)، أخبرني أحد الأصدقاء أن أربعة رجال اعتُقلوا وعُذّبوا في معسكر للجيش. ووُضع ميكروفون في الغرفة ومكبر صوت في الخارج حتى يسمع الجميع الصراخ ويشعروا بالخوف".

 

إقرأ أيضا: صحفيو باكستان ينددون بالأوضاع بكشمير والأخيرة تمنع المعارضة

وذكرت الصحيفة أن الجيش نفى هذه الاتهامات. ومنذ البداية، نفذّت الحكومة عملية دعاية، مؤكدة أن كل الأوضاع "هادئة"، في حين أن مقاطع الفيديو التي تبثها وسائل الإعلام الأجنبية لم تتوقف عن نقل احتجاجات عنيفة. كما أنه لا يُسمح للصحفيين الأجانب بالتنقل إلى كشمير ويتعرض زملاؤهم الهنود لضغوط شديدة للالتزام بما تورده الأطراف الرسمية.

,ناقش الرئيس الفرنسي هذا الموقف خلال لقائه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مساء الخميس، في إطار قمة مجموعة السبع. علنًا، قال ماكرون ببساطة إن "فرنسا ما زالت حريصة على أن يتم أخذ حقوق السكان المدنيين بعين الاعتبار في كشمير".

 

وبشكل أكثر شجاعة، صرحت الإدارة الأمريكية بأن دونالد ترامب سيسأل الزعيم الهندي في نهاية هذا الأسبوع عن "طريقة تخطيطه لضمان احترام حقوق الإنسان في كشمير".

 

كما أدانت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة هذه "التضييقات المفرطة" التي وصفتها بأنها "عقوبة جماعية" مسلطة ضد سكان كشمير بأكملهم.

وأضافت الصحيفة أنه منذ الخامس من آب/ أغسطس، اعتُقل جميع السياسيين في كشمير، باستثناء أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا، وهو الحزب القومي الهندوسي الحاكم في نيودلهي، بما في ذلك ثلاثة رؤساء حكومات إقليمية سابقين، وهم معتدلون متحالفون بانتظام مع الأحزاب الوطنية في السلطة.

 

وقد شملت حملة الاعتقالات المجتمع المدني من محامين وأساتذة جامعيين ونشطاء حقوق الإنسان. لا تقدم الحكومة أرقامًا رسمية، ولأن الهاتف مغلق، لا يمكن لأحد أن يعرف هوية المعتقلين. ووفقًا لوكالة "فرانس برس"، أُبلغ عن سجن أكثر من أربعة آلاف شخص أو أجبروا على الإقامة الجبرية.


تؤكد شهلا رشيدة: "أعرف أئمة ومحامين وقادة النقابات اختفوا". يوم 14 آب/ أغسطس، أُلقي القبض على رئيس حزبها، ما جعل هذه الناشطة الشابة أحد آخر سياسيي كشمير الذين ما زالوا طليقين. وقد يتم إقرار عمليات الاحتجاز الوقائية هذه بواسطة قاض محلي عينته الحكومة الإقليمية، ولا يمكن الطعن فيها في كشمير لأن محكمة الاستئناف مغلقة.

 

وأشارت رشيدة إلى أن "الدولة تتصرف مثل عصابة خاطفين. لا يوجد أي آثار لعمليات الاعتقال ومستقبلا، إذا لم يظهر الشخص المعتقل مرة أخرى، فيمكنهم القول إنهم لم يعتقلوه مطلقًا".

أوضحت الصحيفة أنه بالنسبة للحكومة، يهدف قطع الاتصالات إلى منع تنظيم المظاهرات العنيفة في أعقاب الإلغاء المفاجئ للحكم الذاتي. أما اعتقال السياسيين المحليين فيعمل على تجنب اندلاع أي نزاع وقطع مسالك التمويل الباكستاني للحركة الانفصالية. لكن بالنسبة لشهلا رشيدة، يبدو هذا القمع غير المسبوق للمدنيين كما لو أنه شكل من أشكال الاستعمار.

وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن شهلا رشيدة قد شبّهت القمع بما تفعله الحكومة الإسرائيلية بالفلسطينيين: "مثل الإسرائيليين، تعتبر هذه الحكومة كشمير أرضًا مقدسة يجب افتكاكها من المسلمين. ولهذا السبب، ليس لديهم أي اعتبار لأهالي كشمير أو هويتهم".

 

ووفقا لها، لا يمكن لهذا النهج الاستبدادي إلا أن يؤدي إلى تصاعد العنف في صراع مستمر منذ أكثر من 70 سنة.