سياسة عربية

السيسي يختار نائبا عاما جديدا.. ما هي ملامح ولايته؟

بعد تعديل الدستور الأخير يستطيع السيسي تعيين النائب العام وهو ما لم يكن متاحا من قبل- جيتي

في أول تنفيذ للبند الخاص في التعديلات الدستورية التي تم إقرارها بمصر قبل ستة أشهر بحق منصب النائب العام المصري، عيّن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي القاضي حمادة الصاوي نائبا عاما جديدا لمدة 4 سنوات.

ومنحت التعديلات الدستورية، التي أُقرت باستفتاء شعبي في نيسان/ أبريل الماضي، السيسي حق تعيين النائب العام، من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض، والرؤساء بمحاكم الاستئناف، والنواب العامين المساعدين.
 
وألغت التعديلات حق مجلس القضاء الأعلى في اختيار النائب العام، ليقوم فقط بترشيح القضاة الثلاثة، كما قلصت التعديلات ولاية النائب العام، لفترة واحدة بدلا من مدتين كل منهما 4 سنوات في السابق.

وفي تموز/ يوليو الماضي، عيّن السيسي رئيسا جديدا للمحكمة الدستورية العليا، وآخر لمحكمة النقض المصرية؛ في أول تغيير لرؤساء الهيئات القضائية طبقا للتعديلات الدستورية.
 
ليس الأقدم

ورغم أن الصاوي ليس الأقدم، إلا أن السيسي أقدم على اختياره، ما دفع النائب العام المساعد، مصطفى سليمان، للتقدم بطلب لمجلس القضاء الأعلى، اعتراضا على ذلك الاختيار، طالبا إنهاء عمله بالنيابة العامة، حسب موقع "مدى مصر".

وبرغم أن النائب العام السابق، نبيل صادق، كان طوع السلطات العسكرية الحاكمة، حسب حقوقيين، إلا أن السيسي أطاح به من منصبه، حيث كان صادق يطمح في عدم تطبيق التعديلات الدستورية بحقه، واستمراره بمنصبه لولاية ثانية، وفق تقارير صحفية.
 
والنائب العام الجديد، قاد فريق معاينة ميدان "رابعة العدوية" بعد مذبحة فض الاعتصام في 14 آب/ أغسطس 2013، بصفته رئيسا بمحكمة استئناف القاهرة، وعضو اليسار بدائرة المحكمة التي تحقق في "أحداث فض رابعة".

كما عمل المستشار الصاوي رئيسا لمحكمة جنايات القاهرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، بإحدى دوائر جرائم الإرهاب، وحتى 2015، وهي الفترة التي شهدت فيها المحكمة إحالة جميع قيادات الإخوان المسلمين إلى دوائرها، وأصدرت بحقهم أحكاما قاسية.
 
كما أن الصاوي هو من قام باستدعاء رئيس الجهاز المركزي الأسبق هشام جنينة، وتولى التحقيق معه عام 2016، بعد تهديد جنينة بفضح قضايا فساد كبيرة.

والصاوي، الذي يعد النائب العام الثالث بعد الانقلاب العسكري منتصف 2013، بعد المستشار هشام بركات الذي قتل عام 2015، والمستشار نبيل صادق الذي تنتهي ولايته الشهر الجاري؛ تم ندبه أيضا للعمل بالأمانة العامة باللجنة العليا للانتخابات.
 
حملت الصحف والمواقع المصرية عناوين إشادة بالنائب العام الجديد، ووصفته بـ"رجل المهام الصعبة"، و"محامي الشعب الجديد"، لكن قضاة وحقوقيين مصريين تحدثوا لـ"عربي21" عن ملامح ولاية النائب العام الجديد، مؤكدين أنه لن يكون محاميا عن الشعب كسابقيه.

فقد دوره والانتهاكات شاهدة

وقال الحقوقي المصري أحمد العطار: "بداية يطلق على المنصب نائب ومحامي الشعب؛ لأن وظيفته بالأساس تحقيق العدالة، والحفاظ على كرامة الشعب، وتجنب تغول السلطة التنفيذية متمثلة بوزارة الداخلية. ولكن وضح منذ عهد حسني مبارك أن المنصب فقد ثقة قطاع عريض من الشعب؛ نظرا لما شاب قراراته من عيوب وقصور".
 
الباحث بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات أكد لـ"عربي21"، أنه "منذ الانتخابات الرئاسية الأولى وضحت معالم اختيار السيسي لمن يتولون المناصب الحساسة بالدولة، وحدث ذلك باختياره رئيس جهاز أمن الدولة سابقا، اللواء مجدى عبدالغفار، وزيرا للداخلية".

وأشار أيضا إلى اختيار السيسي "رئيس نيابة أمن الدولة العليا، المستشار هشام بدوي، رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات، عقب المستشار هشام جنينة، وكذلك باختياره رئيس الهيئة الهندسية، اللواء كامل الوزير، لوزارة النقل".

وقال العطار، إن "اختيار السيسي للصاوي، أحد أهم رجالات النيابة العامة والقضاء، يؤكد ذلك"، مذكرا بدوره كرئيس بمحكمة جنايات القاهرة في إحالة العديد من قيادات الإخوان المسلمين لدوائر الإرهاب، والحكم عليهم بأحكام مشددة وصلت للإعدام".

ويرى الحقوقي المصري أن "المستشار الصاوي لن يحدث أي تغيير بالحياة النيابية، وسيكون امتدادا لسياسة من سبقوه"، متوقعا "مزيدا من القصور والتقصير بهذه الفترة الحساسة بتاريخ مصر".

وأكد العطار "الدور الهش للنيابة العامة التي تنفذ سياسات النائب العام إزاء الانتهاكات بحق المعتقلين، والمختفين قسريا، وحالات التعذيب والانتهاكات بالسجون"، معتقدا أنه "إن لم يحدث الصاوي تغييرا لإعادة هيبة النائب العام ويكون محامي الشعب، ستتزايد الانتهاكات والتقصير، وتقزيم دور النيابة".

تسيس المنصب

وفي رؤيته لما قد تبدو عليه ملامح ولاية النائب العام الجديد، أعلن أحد قضاة مصر السابقين أسفه لأن "منصب النائب العام تم تسيسه، وأصبح أداة بيد السلطة التنفيذية -في قلبها الأمن الوطني والمخابرات- لتمرير كافة قراراتها بمرحلة التحقيق على يد النيابة العامة".

وبشأن توقعاته لمدى استمرار النيابة العامة بعهد الصاوي، في نفس النهج السابق بعهد نبيل صادق، منذ 2014، حتى اليوم بحق المعتقلين والمختفين قسريا، أكد القاضي الذي رفض ذكر اسمه بحديثه لـ"عربي21"، أن "هذا واقع منذ أيام النائب العام الأسبق هشام بركات".

وأضاف أن "التعديلات الدستورية بشأن السلطة القضائية ما أتت إلا تدعيما لهذا المفهوم"، موضحا أن ما تطلقه الصحف المصرية عن النائب العام من أنه محامي الشعب الجديد مغاير للواقع.

عدو الشعب

وأشار قاضي آخر، رفض ذكر اسمه أيضا خوفا من البطش الأمني، إلى أن الصاوي كان عضو يسار القاضي الشهير بقضايا الإعدامات، شرين فهمي، قبل أن ينتدب كمحام عام أول بمحكمة استئناف القاهرة، مؤكدا أنه "من رجال السيسي داخل القضاء، وولايته ستكون كسابقيه".
 
وقال لـ"عربي21"، إن "صفة محامي الشعب لا تنطبق على النواب العموم بعهد الانقلاب؛ لدورهم بتجديد حبس المعتقلين، وغض الطرف عن جرائم الإخفاء القسري، وعدم التحقيق بانتهاكات السجون".

وأكد أنهم "محامو النظام وأعداء الشعب".