حقوق وحريات

أسر معتقلين مصريين يشتكون لـ"عربي21" أوضاعا "مأساوية"

أسر المعتقلين حمّلوا نظام الانقلاب العسكري سبب أزمتهم وحرمانهم من عائلهم- جيتي

اشتكى أسر معتقلين مصريين من أن انتهاكات النظام العسكري بحق ذويهم أوصلتهم لحالة صعبة من ضيق العيش وعرضتهم لأزمات مالية ومشاكل حياتية واجتماعية، خاصة في ظل إصرار النظام على احتجاز ذويهم واعتقالهم وسجنهم على مدار ست سنوات ونصف.

وتحدثت بعض الأسر من محافظة الشرقية، لـ"عربي21"، عن معاناتهم اليومية، مُحمّلين نظام الانقلاب العسكري سبب أزمتهم وحرمانهم من عائلهم، ومطالبين بالإفراج الفوري عن ذويهم، ووقف الانتهاكات بحقهم، والكف عن التضييق على أسرهم، موضحين أنه "لم يعد لديهم أية مصادر دخل للعيش الكريم".

وأكدوا أنهم "يعانون معاناة كبيرة مع نفقات البيت اليومية من طعام وشراب وملابس ومتطلبات الأولاد، وعلاج ودفع فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات، ومصاريف المدراس والدروس الخصوصية، وأن الأمر يزداد سوءا مع غلاء الأسعار، خاصة وأن بعض الأسر لديها أكثر من معتقل وأصبح تدبير تكاليف زيارتهم أمرا شاقا".

وحول تلك الأزمة، قالت الناشطة المهتمة بشؤون المعتقلات إيمان الجارحي: "في ظل الاعتقالات المستمرة لأعضاء الإخوان المسلمين ومصادرة أموالهم والتضييق عليهم بأرزاقهم من نقل وفصل من العمل، تزداد معاناة أسر المعتقلين ليس فقط بغياب رب الأسرة، ولكن للمعاناة المادية التي تزداد كل يوم".

الجارحي، تروي بحديثها لـ"عربي21"، عن زوجة أحد المعتقلين أنها وأخريات "اضطررن للنزول للعمل مع زيادة الأعباء عليهن بظل الارتفاع الجنوني للأسعار وقلة مصادر الدخل وزيادة متطلبات الأبناء".

وأشارت إلى أزمة "ما تتطلبه زيارة المعتقلين من مبالغ شهرية وما يوضع بأمانات السجن من نقود"، معربة عن أسفها من أن "أسعار المتطلبات الأساسية للمعتقلين بالسجن أضعاف سعرها بالخارج".

وتابعت الناشطة المصرية: "وإذا كان يعاني المعتقل من مرض وتسبب الاعتقال في إصابته بأمراض نتيجة الاحتجاز غير الآدمي والتعذيب؛ فالأدوية والعلاج باهظة الثمن تكلفهم الكثير، خاصة وأنهم يضطرون لشرائها مرارا لتعمد أمن السجون عدم إيصالها بكثير من الأحيان".

 

اقرأ أيضا: منظمة توضح عدد المصريين المعتقلين باحتجاجات سبتمبر الماضي

وقالت إن "تفاقم الأزمة اضطر بعض المعتقلين لأن يطلق زوجته لتحصل على معاش والدها تلبي به بعض متطلبات الحياة الأساسية لأولادها"، مشيرة لاعتقال الزوج والأبناء بكثير من الحالات، وتعمد سلطات الانقلاب زيادة معاناة أسر المعتقلين بوضع الأب في سجن وكل ابن بسجن آخر، متسائلة: "كيف لزوجة أن تزورهم؟ ومن أين؟".

ونقلت الجارحي، عن زوجة معاناتها ليس فقط باعتقال زوجها وأربعة من أبنائها، بل ومرض الزوج، الذي أصيب بفيرس "سي" في المعتقل، وكيف أنها تعاني وابنته كي يطمئنوا عليه بعد الحجز والتفتيش والانتظار أمام المعتقل وفرحتهم عندما علموا أن إدارة السجن سمحت له بعمل تحليل.

وحكت الزوجة أن هناك معتقلون لم يأت أحد لزيارتهم منذ أن اعتقلوا، وأنهم يقتسمون مع المعتقلين الطعام، وأن أبناءها أحدهم كان معتقلا بقسم بورفؤاد، والآخر بقسم العرب، والثالث بالأمن المركزي، والرابع بسجن جمصة، وأن أحد المعتقلين مع ابنها بقسم بورفؤاد طلب منها عدم إحضار طعام له وتكفل هو به لمدة سنة.

وأوضح أحد القائمين على ملف أسر المعتقلين بمحافظة الشرقية، لـ"عربي21"، أن ما قد يقدمه البعض من دعم لبعض أسر المعتقلين قد لا يغطي تكاليف الزيارة الواحدة.

ومن تجربته مع أسر المعتقلين يعتقد أن "أكثر ما يعانونه هو عند زواج ابن أو ابنة، أو إصابة أحدهم بمرض يحتاج لجراحة عاجلة"، مشيرا لوجود "تقصير من الحاضنة الشعبية لهؤلاء الأسر".

وأوضح المصدر - الذي رفض الإفصاح عن نفسه- أن "الانقلاب لم يترك لنا مصادر دخل حيث تم فصل عدد كبير من الموظفين أو اضطرتهم الظروف الأمنية لتسوية المعاش مبكرا، فنقص دخلهم بنسب تزيد عن 60 بالمئة".

وختم بالقول إن "النظام عبر قضائه ولجانه الأمنية صادر أموال القادرين من الإخوان، وأغلق شركاتهم، ويواصل حملات التضييق، وقطع الأرزاق، وحصار الجماعة ماليا واقتصاديا وأمنيا".

وحقوقيا، أكد الحقوقي المصري خلف بيومي، أن "أسر المعتقليين جميعا تأثرت سلبا بالانتهاكات التي تعرض لها ذويهم؛ ونالهم أذى شديدا لم يتوقف عند الأذى المعنوي المتمثل بحرمانهم من العائل والقريب والسند".

مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، أوضح بحديثه لـ"عربي21"، أن أذى النظام لأسر المعتقلين "امتد للجانب المادي، والذي تمثل بصور عديدة منها الحرمان من الراتب والدخل ومصدر الإنفاق على الأسر".

وأضاف أن "الزيارات ومتابعة الجلسات مثلت عبئا إضافيا على بيوت المعتقلين بمصروفهم العادي"، مشيرا إلى أن "ذلك العبئ تضاعف بظل الارتفاع غير الطبيعي للأسعار".

ويعتقد بيومي، أنه "مهما حاول البعض المساهمة مع الأسر فإن ذلك لن يمنع أو يحول دون تضررها"، موضحا أنه "زاد على ذلك التحفظ من قبل النظام على الممتلكات ومنع التصرف فيها وكف يد الأسر عن تحصيل أي دخل منها".

وأعلن مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، كامل تضامنه مع كل مطالب أسر المعتقلين بـ"الافراج عنهم وكف الأذى عن ذويهم".