سياسة عربية

قانون الأحوال الشخصية يفجر أزمة بين الأزهر والبرلمان المصري

شيخ الأزهر أحمد الطيب قال إن إعداد مشروع القانون جاء "انطلاقا من واجبه الشرعي"- أرشيفية

أثار مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تقدم به الأزهر الشريف جدلا في مصر بين مؤيد لقيامه بواجبه الشرعي نحو الدين والعامة، وبين معارض لارتكابه مخالفة دستورية، كونه ليس جهة تشريع وإصدار مشروعات قوانين.

وانتقد نواب وكتاب وإعلاميون مصريون مشروع القانون، وتساءل الإعلامي إبراهيم عيسى، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" :"من كلّف الأزهر بوضع قانون الأحوال الشخصية الذي جاء قانونا راكبا جملا من العصر الأموي".

فيما دافع علماء دينيون، وشيوخ بالأزهر، وخبراء قانونيون، في تصريحات لـ"عربي21"، عن حق الأزهر في إعداد مشروع القانون الذي يمس حقوق الأسرة المصرية؛ لأنها تتعلق بقوانين مصدرها القرآن والسُّنَّة والشريعة الإسلامية.

"الأزهر يرد"

وفي رده على الانتقادات الموجهة له، قال شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في مقال له، الأربعاء، بمجلة صوت الأزهر، إن إعداد مشروع القانون  جاء "انطلاقا من واجبه الشرعي"، واصفا دعوات البعض بعدم مشاركة الأزهر في صياغة القانون بأنها "عبث لا يليق لمن يحترم نفسه ويحترم غيره".

وأكد الطيب: "لسنا جهة تشريع ولا إقرار قوانين، ولا دخل لنا بالتشريعات العامة، لكن حين يكون الوضع متعلقا بقوانين مصدرها القرآن والسُّنَّة والشريعة الإسلامية، والشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد الذى يمكن أن تنطلق منه هذه الأحكام، وأعني بها الأحوال الشخصية للأسرة لا يصح أبدا، ولا يُقبل أن يترك الحديث فيها لمن هبَّ ودَبَّ".

وقال الأزهر، في بيان قبل أيام، إنه استقبل مجموعة من مشروعات قوانين للأحوال الشخصية من بعض أعضاء مجلس النواب والمجلس القومي للمرأة وجهات أخرى، وقد راجعها جميعها ونظر إليها بعين الاعتبار والتقدير وبناء عليه، عمل الأزهر على صياغة مشروع متكامل لقانون الأحوال الشخصية، عكفت هيئة كبار العلماء على إعداده ومراجعته مراجعة دقيقة لأكثر من عام".

في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، أصدر شيخ الأزهر قرارا بتشكيل "لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، لتقديمه للبرلمان".

"مبررات البرلمان"

من جهته، قال النائب بالبرلمان المصري الحالي، خالد عبدالعزيز، إن "الأزهر ليس جهة اختصاص في اقتراح مشروعات القوانين بالنسبة للنواب، والمفترض أن تتسلم الحكومة مشروع القانون من الأزهر ثم تدرسه بشكل مستفيض، ثم ترسله للبرلمان".

 

اقرأ أيضا: قانون "الأزهر" للأحوال الشخصية يثير جدلا حادا بمصر


وأوضح لـ"عربي21": أن الدستور يخول جهات معينة بالتقدم بمشروع قانون للبرلمان، هم الرئيس والحكومة، ونواب البرلمان، من خلال آليات معروفة بالمجلس، وعلى الأزهر التقدم بمشروع القانون من خلال الحكومة أو النواب".

وأضاف "أن المجلس سيناقش كل مشروعات القوانين المقدمة سواء من الحكومة أو من الأزهر أو من النواب، وله أن يأخذ بهم جميعا بانتقاء المواد الأفضل من كل مشروع للخروج بقانون متكامل للأحوال الشخصية".

وأكد عبدالعزيز أن "البرلمان سيدعو لحوار مجتمعي بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية"، مشيرا إلى أنه "حتى الآن لم تتم مناقشة مشروع قانون الأزهر، ولم يصل مشروع قانون الحكومة للمجلس".

"حق أصيل للأزهر"

بدوره، أكد الخبير القانوني، السيد أبو الخير، أن "الهجمة على الأزهر غير مبررة؛ لأنه من حق المشيخة التقدم بمقترح قانون الأحوال الشخصية التي تعتمد على الفقه الإسلامي الشامل".

مضيفا لـ"عربي21": "عندما تريد الدولة إقرار قانون في الأحوال الشخصية فالجهة المختصة بمراجعته هو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر".

وتابع: "وبالتالي فالأزهر هو الجهة الوحيدة صاحبة القرار النهائي في أن هذا القانون يوافق الشريعة الإسلامية أو يخالفها، فأي قانون لابد أن تكون مرجعيته الأزهر الشريف".

"محاولات تهميش الأزهر"

واستنكر عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، الشيخ هاشم إسلام، المحاولات المستمرة لتهميش دور الأزهر الشريف وعلمائه، قائلا: "ما يحدث اليوم من محاولات لإبعاد الأزهر الشريف عن الحياة العامة في مصر، قديم وليس بجديد، بهدف تهميش دوره".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "الأزهر معروف بدوره التنويري في مصر والمنطقة منذ قرون، ودوره في مواجهة الكثير من الأزمات التي مرت بالبلاد، رغم ما اعترى مسيرته من لحظات وهن وضعف نتيجة سياسات الحكام الخاطئة".

وأكد أن "من حق الأزهر وضع قانون الأحوال الشخصية؛ فهو وحده من يختص بوضع القانون وفقا للشريعة الإسلامية، وليس سواه، وهو المرجعية الأساسية التي يجب الرجوع إليها في مثل هذه التشريعات المتعلقة بتنظيم حياة الإنسان".