حقوق وحريات

لماذا دعمت منظمات حقوقية موالية تنكيل السيسي بمعارضيه؟

سياسيون وحقوقيون أكدوا أن الدور الذي لعبته المنظمات الموالية يعكس سيطرة النظام عليها- أرشيفية

أكد سياسيون وحقوقيون مصريون، أن الدور الذي لعبته المنظمات الحقوقية الموالية لنظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، لتبرير انتهاكاته الحقوقية، تعكس السيطرة الكاملة للنظام على عمل هذه المنظمات التي كان لها في السابق صوت مسموع على الصعيدين الحقوقي والدولي.

وقد عقدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، التي تتمتع بصفة المراقب بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي يتبنى مواقف الدولة المصرية، وعدد من المنظمات الأخرى، مؤتمرا صحفيا على هامش اجتماعات المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، قبل جلسة المراجعة الدورية لملف مصر الحقوقي، وقدمت تبريرات تدافع عن انتهاكات النظام المصري المستمرة لحقوق الإنسان.

وشاركت هذه المنظمات في إعداد وتجهيز الرد المصري الرسمي الذي قدمه وزير شؤون مجلس النواب عمر مروان في جنيف، حيث كانوا ضمن اللجنة المشكلة لإعداد الرد، والتي تكونت من وزارات الخارجية، والعدل، والداخلية، والتضامن الاجتماعي، والنيابة العامة، والمخابرات العامة، والأمن الوطني، والمجالس القومية للمرأة، والطفولة والأمومة.

"عربي21" تواصلت مع عدد من أعضاء المنظمات المصرية الداعمة لمواقف النظام المصري، لمعرفة الأسباب التي دفعتهم لاتخاذ هذا الموقف، الذي شهد انتقادات حقوقية دولية، إلا أنهم اعتذروا عن الإدلاء بأية تصريحات خاصة، وأحالونا للتقارير والبيانات الرسمية التي أصدروها عن الوضع الحقوقي بمصر.

من جانبه، برّر حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في لقاءات صحفية استبقت الجلسة الخاصة عن مصر، دعمه للموقف الرسمي المصري، بأنه يرجع للظروف التي تعيشها مصر في حربها ضد الإرهاب، مؤكدا أن المجتمع الدولي متجاوز في انتقاداته للحكومة المصرية، ولم يراع الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب يوميا في سيناء وغيرها.

 

اقر أيضا: منع صحفي "الجزيرة" محمود حسين من تلقي عزاء والده

واتهم أبو سعدة، الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والهيئات الأخرى التي وجهت انتقادات لمصر مؤخرا، مثل البرلمان الأوروبي، بأنها تتخذ مواقفها وفقا لأبعاد سياسية، وأنها تعتمد على البيانات التي تقدمها منظمات حقوقية تديرها كل من جماعة الإخوان المسلمين ودولة قطر، مؤكدا أن النظام لديه إرادة سياسية حقيقية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، بحسب قوله.

"دولة الخوف"

وفي تعليقه على موقف المنظمات المصرية الداعمة للسيسي، يؤكد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشوري المصري سابقا، عز الكومي، لـ "عربي21"، أن هذه المنظمات اتخذت مواقف سياسية منذ الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي في صيف 2013، وتحولت لهيئات حقوقية مهمتها تحسين وتجميل مواقف وانتهاكات النظام العسكري.

ويشير الكومي إلى أن الخوف الذي أصاب المجتمع المصري نتيجة بطش نظام السيسي، أصاب أيضا المنظمات الحقوقية التي كان لها مواقف جريئة خلال حكم مبارك، وخلال العام الذي حكم فيه الرئيس مرسي، إلا أن سيطرة الأجهزة الأمنية والمخابراتية على عمل هذه الجمعيات، دفعها لتحويل دفتها تجاه النظام، ولذلك احتلت صدارة المشهد الحقوقي بمصر، وأصبح أعضاؤها، هم أنفسهم أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان.

ووفق الكومي، فإن المنظمات والشخصيات التي لم تغير مواقفها، واستمرت في دعمها لحقوق الإنسان، مثل الشبكة العربية، ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، تعاني من أزمات سياسية وأمنية مع النظام المصري، أقلها الاعتداء على رئيس الشبكة العربية جمال عيد ومنعه من السفر، والتحفظ على أموال رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن، ووضعه ضمن قوائم الترقب والوصول.

ويري الكومي أن "المنظمات الموالية للنظام المصري لا تقوم فقط بدور فاضح للتستر على جرائم السيسي، وإنما تحولت لآلة إعلامية شرسة ضد المنظمات والشخصيات التي تنتقد النظام المصري، ما جعلها في النهاية شريكة في كل الجرائم التي تحدث ضد المصريين والمعتقلين في سجون السيسي، من خلال تقاريرهم المزيفة ودعايتهم الكاذبة بوجود حريات سياسية وحقوقية وإعلامية بمصر".

 

"منظمات سيئة السمعة"

ويشير القاضي السابق وليد شرابي، في حديثه لـ"عربي21" أن المنظمات الموالية للنظام المصري، "لعبت دورا أساسيا في تزييف الحقائق ومحاولة تغيير الصورة البغيضة للنظام المصري، ما جعلها شريكا أساسيا في كل الجرائم التي تم ارتكابها، سواء من خلال تقاريرها المزيفة، أو دفاعها عن النظام العسكري في المحافل الدولية".

ويؤكد شرابي أن هذه المنظمات "تحولت من الدفاع عن حقوق الإنسان إلى منظمات تابعة للنظام، ولذلك يجب علىالمجتمع الدولي أن يرفع عنها الغطاء، ويعلق عضويتها في المحافل الدولية المختلفة،نتيجة التدليس الذي تقوم به لصالح نظام الانقلاب العسكري بمصر".

وضربشرابي مثالا بتقارير هذه المنظمات عن حالة المعتقلين بالسجون المصرية، "ومشاركتهم
في فضيحة زيارة الكباب والكفتة التي جرت لسجن مزرعة طرة قبل مناقشة الملف المصريفي الاجتماع الدوري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف، وهو ما كان مثار سخريةواسعة من كل المنظمات الحقوقية الدولية المحترمة مثل منظمة العفو وغيرها".

وحسب شرابي فإن تبرير المنظمات الموالية، لانتهاكات النظام المصري لملف حقوق الإنسان،بحجة الحرب على الإرهاب، "أسقط عنها ورقة التوت التي كانت تتستر بها، ووضعها فيخانة المنظمات سيئة السمعة."