صحافة دولية

FP: هكذا ضر اعتراف واشنطن بالمستوطنات تل أبيب أكثر

فورين بوليسي: اعتراف أمريكا بالمستوطنات يؤذي إسرائيل أكثر مما ينفعها- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لمدير منتدى السياسة الإسرائيلية، مايكل كوبلو، يقول فيه إن إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، يوم الاثنين، أن أمريكا تراجعت عن رأي قانوني لوزارة الخارجية عمره 4 عقود كان يعد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية خرقا للقانون الدولي لم يكن مفاجئا. 

 

ويشير كوبلو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هناك أمرين تميزت بهما السياسة الأمريكية تجاه القضايا المتعلقة بالإسرائيليين والفلسطينيين، وهما دعم الادعاءات الإسرائيلية بخصوص الأراضي، والإصرار على أن أي إجماع دولي بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يهم.  

 

ويلفت الكاتب إلى أن "الحكومة الإسرائيلية رحبت بهذه التطورات، ورأتها مفيدة على المدى الطويل، لكن إن نجحت حملة إدارة ترامب في إقناع العالم بأن الإجماع لا يعني شيئا، فإن هذا سيكون ضارا بإسرائيل من عدة نواح، ما يفوق الفوائد التي تجنيها إسرائيل من مباركة واشنطن لبناء المستوطنات". 

 

وينوه كوبلو إلى أن "إسرائيل بقيت مصممة على أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن حله فقط من خلال مفاوضات بين الطرفين، وأنه لا يمكن فرض حل على الطرفين من الخارج، وقبل المجتمع الدولي هذه المعادلة، وفي الوقت الذي ألمحت فيه قرارات الأمم المتحدة إلى قانونية المستوطنات، عندما تحدثت عن السيطرة النهائية على الأراضي المحتلة، فإنه لم يكن هناك أي جهد جاد لصناعة حل أو فرضه من خلال الدبلوماسية أو الإكراه".

 

ويستدرك الكاتب قائلا: "لكن إن نجحت إسرائيل وأمريكا في الاحتجاج بأن الإجماع الدولي حول هذه المسائل غير مهم، فلن يبقى هناك شيء ليقنع الدول بعدم القيام بالاعتراف بسيادة الدولة الفلسطينية من طرف واحد على أراضي الضفة الغربية لحد خط الهدنة لعام 1949، وهو ما حاولت الحكومات الإسرائيلية جاهدة ألا يحدث".

 

ويفيد كوبلو بأن "الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني صممت لمنع الاعتراف من جانب واحد بالدولة الفلسطينية، وتضمن ذلك حملات ضغط ضد المؤسسات الدولية التي تقبل فلسطين عضوة، معتمدة على فيتو أمريكا في مجلس الأمن لمنع الأمم المتحدة من قبول دولة فلسطين عضوا كاملا فيها، وحتى المناداة بتقليص المساعدات الدولية للفلسطينيين إن هم سعوا لاستخدام القانون الدولي للحصول على دولتهم".

 

ويبين الكاتب أن "أحد أسباب قبول المجتمع الدولي ضمنيا لهذا النهج هو الفهم السائد بأن سيطرة إسرائيل بصفتها أمرا واقعا في كثير من أنحاء الضفة الغربية أمر مؤقت، وكلما رفضت إسرائيل هذا المفهوم وسعت لتعزيز وجودها فعليا من خلال شكل من أشكال الضم، يصبح من الأصعب على إسرائيل الاستمرار في الاحتجاج بأن على المجتمع الدولي الاستمرار في رفضه للمقاربة الفلسطينية في إعلان الدولة من جانب واحد".

 

ويقول كابلو إن "هذا سيشكل كابوسا دبلوماسيا ذا أبعاد غير مسبوقة لإسرائيل تم تجنبه حتى الآن؛ لأن إسرائيل نجحت إلى الآن في الاحتجاج بأنه لأجل تحقيق الإجماع الدولي فإن الطريق الوحيد لحل دائم هو عن طريق المفاوضات المباشرة بين الطرفين، فإن كان الموقف الإسرائيلي الجديد هو الإعلان بأن ما يهم هو السياسات التي تدعمها هي أو تدعمها إدارة ترامب، بغض النظر عما يراه أي طرف آخر، وأن الحقائق الأساسية التي يقبلها بقية العالم يمكن أن يتم التراجع عنها أو إهمالها، فسيكون من الصعب القول بأن الدول التي تريد الاعتراف بفلسطين يجب عليها الانتظار".

 

ويشير الكاتب إلى أن "إسرائيل نجحت في عزل حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS) إلى هامش النشاطات السياسية لليسار المتطرف، لكن التحركات التي يهدف منها تحطيم الإجماع على بعض القضايا، أو لإثبات بأنه يجب عدم وجود تلك القضايا أصلا ستكون لها تداعيات غير مقصودة تتعلق بمسائل أخرى، و(BDS) واحدة منها، وكانت إسرائيل قد حاججت محقة بأن سياسة استهداف إسرائيل بالمقاطعة وغيرها من الإجراءات تفرض على إسرائيل معايير ظالمة ومن طرف واحد، وقد وافقت الدول خارج العالم العربي على ذلك بشكل عام، وكلما طالبت إسرائيل أن يتبنى الجميع مواقفها المتطرفة فإنها فتحت الباب أمام تبني المواقف المتطرفة التي لا تفيد إسرائيل، بما في ذلك BDS".

 

ويقول كابلو إنه "حتى بالنسبة للإسرائيليين الذين يعتقدون بأن من المهم الأخذ في عين الاعتبار الإجماع الدولي، ويفضلون أن يكون هذا الإجماع لصالح إسرائيل، فإن الموقف الأمريكي الجديد بخصوص المستوطنات لن يجعل المجتمع الدولي أقرب للموقف الإسرائيلي، فمع أن أمريكا لاعب دولي مهم إلا أنها ليست الوحيدة، وإدارة ترامب بالذات أثبتت براعة في تحقيق إجماع معارض لسياساتها بدلا من دعمها".

 

ويبين الكاتب أن "موقف أمريكا بخصوص القدس مثلا لم ينتج عنه سيل من الاعترافات الدولية بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو نقل على نطاق واسع للسفارات من تل أبيب إلى القدس، لكن انتهى بها الأمر بتشجيع الدول الأخرى على تأكيد مواقفهم القائمة حول كون تل أبيب هي الموقع الصحيح للسفارات في إسرائيل".

 

ويجد كابلو أنه "في حالة إعلان واشنطن بشأن المستوطنات، فكانت هناك ردة فعل، ليس فقط من الجهات المتوقعة في الأمم المتحدة، لكن أيضا من روسيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وبدلا من البدء بتحويل الإجماع الدولي حول المستوطنات الإسرائيلية ووضع الضفة الغربية، فإن سياسة إدارة ترامب الجديدة بدأت فعلا بتقوية إجماع دولي يرفض الموقف الإسرائيلي". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الإجماع الدولي شيء غريب، فيمكن أن يكون مزعجا جدا عندما تكون في الجانب الخطأ منه، لكن نادرا أن تكون على الجانب الخطأ في كل قضية، وإسرائيل ليست في ذلك التصنيف بعد، لكن إن نجحت إسرائيل في التغلب على فكرة أن ما يراه بقية العالم يجب أن يكون مهما، فقد تندم قريبا بأنها فتحت بوابات الطوفان التي حمتها حتى الآن في مسائل مثل المقاطعة والدولة الفلسطينية، لكن ذلك قد يؤدي في المستقبل إلى إغراقها في العار الدولي".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)