صحافة دولية

موقع بريطاني يكشف تفاصيل عن تعقب آخر تحركات سليماني

مؤخرا بدأ سليماني بشكل متزايد بالهبوط بالطائرة في منطقة كردستان شمال العراق- جيتي

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن تفاصيل تعقب آخر تحركات، قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، والتي أدت إلى اغتياله بغارات أمريكية قرب المطار الدولي بالعاصمة العراقية بغداد.

ويعتقد القائد في حزب الله أن سليماني تعرض للخيانة قبل اغتياله، مضيفا: "يبدو أن سليماني كان يخضع للمراقبة عن كثب منذ اللحظة التي وصل فيها إلى دمشق قادما من طهران الخميس الماضي الثاني من كانون الثاني/يناير، وحتى لحظة اغتياله في بغداد، فجر الجمعة الماضي".

وأشار المصدر إلى أن سليماني وصل إلى مطار دمشق، صباح الخميس الماضي، وأنه لم يلتقِ أحدا في العاصمة السورية أبدا، بل انتقل مباشرة من الطائرة إلى سيارة أقلته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث التقى هناك بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتباحثا التطورات الأخيرة في العراق بعد الغارة الجوية الأمريكية على مواقع كتائب حزب الله العراقي.

وهدف سليماني من لقائه بنصر الله إلى "حل المشاكل القائمة بين الفصائل المسلحة التي تدعمها إيران بالمنطقة، والمساعدة في تنسيق عملها كي يتم تجهيزها لأي مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة"، مضيفا "لم يستغرق اللقاء أكثر من بعض ساعات ليعود سليماني أدراجه لدمشق تحت احتياطات أمنية مشددة".

 

اقرأ أيضا: كيف استقبلت إسرائيل اغتيال سليماني؟


وكشف المصدر بأن "سليماني وصل إلى مطار دمشق ركب على متن طائرة "أجنحة الشام" في رحلتها المتجهة إلى بغداد، وذلك من ضمن الركاب العاديين، مشيرا إلى أنه "كان من المفترض للرحلة أن تنطلق في تمام الساعة الثامنة والثلث مساء، لكنها تأخرت لسبب مجهول حتى الساعة العاشرة والنصف، وذلك بحسب البيانات العامة لشركة الطيران".

وأشار إلى أن أبو مهدي المهندس، نائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقية شبه العسكرية الموجود في بغداد، تلقى أنباء في الوقت ذاته تقريبا تفيد بأن سليماني قد يهبط في الأراضي العراقية قريبا، ولم تتضمن المعلومات سوى اسم شركة الطيران وموعد الوصول.


واستدعى المهندس، بشكل اضطراري، محمد رضا مساعده المقرب والمسؤول عن تشريفات الحشد الشعبي في المطار، وأمره بقيادة السيارة إلى بوابة المطار والاستعداد لوصول ضيف مهم.

الوصول لبغداد حتى الاغتيال


ويشير "ميدل إيست آي" إلى أن مطار بغداد الدولي يخضع لتدابير أمنية مشددة منذ عام 2003، وتدير الأمن داخله شركة “جي 4 أس” (G4S) البريطانية، تحت إشراف أجهزة المخابرات والأمن القومي العراقية، في حين أن قوات مكافحة الإرهاب العراقية هي المسؤولة عن تأمين محيط المطار ومجاله الجوي والطرق المؤدية إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة.

وأضاف أن "التدابير الأمنية تلزم الركاب العاديين بالمرور عبر حواجز أمنية عدة منتشرة على طريق بطول 10 كلم أثناء دخولهم وخروجهم، ويمتد من ميدان عباس بن فرناس وحتى آخر نقطة يمكن للسيارات الشخصية بلوغها، حيث تقع صالات المغادرة".

ونوه إلى أن "الشخصيات الدبلوماسية والخاصة التي ترافقها حاشية يسمح لها بالعبور من ممر كبار الزوار، والذي لا يتطلب سوى إعلام الحاجز الأمني بهوية المسافرين وتفاصيل السيارة، مضيفا بأن "أي معلومات تصل إلى ذلك الحاجز الأمني تجري مشاركتها على الفور مع أمن المطار والأمن القومي والمخابرات وشركة "جي 4 أس" البريطانية".

وبحسب الموقع فإن "أبو مهدي المهندس اتخذ احتياطات أمنية مشددة قبل لقاء سليماني، لكنه على الأغلب لم يكن على دراية تامة أن الأميركيين تتبعوه طوال سنوات، وأنه لم يكن يخفى على أحد أنه لم يكن برفقة رضا في السيارة سوى المهندس".

ونقل عن قادة مقربين للمهندس قولهم إنه "كان من المعروف جيدا أيضا أن قائد الحشد الشعبي لم يستقبل أحدا في المطار غير سليماني".

وأضاف التقرير أن مصدرا أمريكيا على اطلاع على آخر التطورات صرح بتلقي الأمريكيين معلومات تفيد بأن سليماني كان في طريقه إلى بغداد، وأن المهندس كان سيستقبله في المطار، وأنه سيصطحبه إلى منزله في المنطقة الخضراء المحصنة جيدا.

وأضاف الموقع أن ثلاثة مسؤولين أمنيين عراقيين والعديد من قادة الحشد الشعبي أكدوا هذه الخطة.

هبطت الطائرة الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت بغداد، وفقا للمعلومات العامة التي توفرها شركة أجنحة الشام للطيران، كما ذكر الموقع البريطاني.


وبحسب التقرير، فإن "المهندس حرص على عدم ترك سليماني ومرافقيه الاثنين، وأحدهما صهره، في الانتظار، بل حرص والوفد المرافق له على الانطلاق سريعا وعدم تعرضه للانكشاف، في حين تعامل مسؤولو الأمن الوطني مع وثائق السفر الخاصة بسليماني ومرافقيه وتولوا أمر الحقائب".

 

اقرأ أيضا: كاتبة بريطانية: فيلق القدس لن ينهار جراء مقتل سليماني

وأشار إلى أن "المهندس يعتبر صديق سليماني وأقدم حلفائه، وأنه رافقه بعد حفل استقبال صغير مع سيارتين كانتا مجهزتين لاصطحابه إلى منزل المهندس في المنطقة الخضراء ببغداد".

غير أن طائرة أميركية مسيرة كانت تحلق وتستعد لقصفهما، وما هي سوى دقائق معدودة حتى لقي الرجلان حتفهما في الغارة.

وأضاف أن الحافلة الصغيرة من طراز "هيونداي ستاركز" والسيارة من "تويوتا أفالون" لم تكونا قد ابتعدتا كثيرا قبل أن تهز الانفجارات الثلاثة الحدود الغربية للعاصمة العراقية بغداد.


وأفادت تحقيقات أمنية أولية بأن ثلاثة صواريخ موجهة كانت قد استهدفت السيارتين، وقد استهدف الصاروخ الأول حافلة "هيونداي ستاركز" الصغيرة التي كانت بعيدة نحو 100 أو 120 مترا عن العربة الأخرى، في حين أخطأ صاروخ ثان سيارة الـ"تويوتا"، التي حاولت الإسراع بعيدا عن الحدث، لكن صاروخا ثالثا قصفها.

واستغرقت السلطات العراقية ساعات عديدة لتحديد هوية الضحايا الذين تعرض بعضهم للحرق تماما، بيد أن الموقع ينسب إلى مسؤولين أمنيين القول إنه كان من السهل تحديد هوية سليماني، وذلك من الخاتم المميز الكبير ذي الحجر الأحمر الغامق الذي كان يضعه في يده اليسرى.

 

تدابير أمنية

ويشير التقرير إلى أن سليماني والمهندس كانا على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة منذ سنوات، وأنهما كانا يتجنبان استخدام التقنيات الحديثة، وأنهما التزما بتدابير أمنية مشددة.

وكان عدد الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى هذين القائدين محدودا جدا، وأنهما كانا يبذلان جهودا كبيرة للتخفي أثناء التنقل.

وقال قائد مقرب من المهندس لـ"ميدل إيست آي"، رافضا الكشف عن هويته، إن "هذه هي تدابيرهما الأمنية المثالية، فقد كانا يسافران دائما دون تحديد تاريخ مسبق وبدون الإعلان عن وجهتهما، وكانا يستخدمان خطوط طيران عادية، ولا يمران عبر القنوات الرسمية المعتادة من أجل ختم جوازات سفرهما في المطارات.

وأضاف أنهما كانا لا يستخدمان هواتف ذكية، وأنهما يتنقلان بسيارات عادية مع أقل عدد ممكن من الناس، وكان من الصعب تعقبهما إجمالا، لكن مطاري دمشق وبغداد يعجان بالمصادر الاستخباراتية الموالية لأمريكا، ولهذا وقعا في المصيدة.

ونسب التقرير إلى مسؤولين عراقيين مطلعين على تحركات سليماني القول إنه "كان يستخدم نقاط دخول عدة إلى العراق".

وأضاف أن "سليماني كان في بعض الأحيان يهبط في مطار بغداد الدولي، كما حدث الجمعة، وأنه كان في أحيان أخرى يصلي في النجف، أو يجتاز معبر المنذرية الحدودي إلى محافظة ديالى قادما من إيران على بعد 120 كلم شرق بغداد".

وأشار التقرير إلى أن سليماني بدأ مؤخرا بشكل متزايد بالهبوط بالطائرة في منطقة كردستان شمال العراق، وذلك قبل أن يرتحل بالسيارة جنوبا إلى بغداد