قضايا وآراء

إيران والرد.. بين الانتقام والتعقل

1300x600

لا يرسم الساسة في إيران قراراتهم بناء على تمنيات خصومهم فضلا على أحلام مواطنيهم الذين وحدهم مقتل قاسم سليماني بشكل كبير، ولذا تجد الرد الذي تزامن مع دفن سليماني يبرد قليلا على قلوب طالبي الثأر والانتقام ولكن بنفس الوقت ظهر بشكل عقلاني بضربه أهدافًا غير مؤثرة ليحقق نتائج من الواضح أنها غير مؤلمة للخصم الأمريكي، وكما وصفها خامنئي : صفعة ولكن غير كافية.

 

فلا دليل على ما ذكرته وسائل الإعلام المقربة من إيران بوجود ضحايا بالعشرات في صفوف الأمريكيين وحلفائهم بل إن تصريحات خامنئي تصب خلاف تلك الرواية .


ولا شيء في المقابل ينفي وجود أضرار كما جاء خبر أهم القنوات الإعلامية المقربة من ترامب.


المؤسف في هذا كله أن صاحب الأرض يكتفي بالمشاهدة من المدرجات وبعضنا قد حُشر رغمًا عنه داخل شباك المرمى بلا حماية أو قفازات ليكون عرضة للضربات إن تمت. 


وفي المقابل يسجل للإيرانيين أنهم صفعوا الأمريكيين الذين لم يردوا على الصفعة على الفور رغم كل ما رافقها من تهديد واستفزاز لهم وبذلك تستطيع طهران أن تقول أنها قصفت قواعد أمريكية ولو بشكل محدود وأن الأخيرة لم ترد على هذا القصف - حتى كتابة المقال - خشية رد أكبر من طهران التي هددت بضرب تل أبيب فضلا عن مدن خليجية مقربة من واشنطن.


ترامب بعنجهيته ليس ذلك الرجل الذي يقبل أن تضرب إيران قواعد بلاده بترتيب مسرحي بينهما كما يدعي البعض، و هو الذي ثارت ثائرته لمجرد اقتحام شعبي رمزي لمقر سفارة بلاده.


طهران  تدرك أن معركتها مع واشنطن تتمركز حاليا في العراق، وبعد نجاحها عبر حلفائها من تمرير قرار برلماني بإنهاء الوجود الأجنبي في العراق تنجح بتحويل القوات الأمريكية من صديقة إلى محتلة تسمح القوانين الدولية بمهاجمتها.


ولذلك ستشتغل عبر المليشيات الموالية لها عراقيا لمهاجمة الأمريكين و إجبارهم على الخروج من البلاد وبهذا تنجح في تحقيق انتقامها الذي تلخص هدفه حسب بيان الحرس الثوري الإيراني بإنهاء الوجود الأمريكي في العراق، والخطة البديلة جاهزة حال وجود رد أمريكي باستهداف الدول التي تستضيف القواعد الأمريكية وضرب تل أبيب.


الخلاصة أن إيران لديها رؤية و تعرف ما تريد فماذا عن قومنا؟ و أين هي المبادرة العربية للتعاطي مع هذا الذي يلعب به غيرنا بكل بجاحة في ملعبنا؟! و يا ترى هل هذا الأمر يستدعي اجتماعا للجامعة العربية أم لا؟! الساعات القادمة كفيلة بالرد على ذلك مع علمنا مسبقا بالتفاعل السلبي للمسؤولين في بلادنا الذين يصرون على أن يكونوا عنصرًا مفعولا به لا فاعلا .