ملفات وتقارير

ماذا وراء الحملة الجديدة برمضان ضد البخاري وابن تيمية؟

حملة التحريض والتشويه طالت أيضا شيخ الأزهر- جيتي

شنت صحف مقربة من النظام الحاكم في مصر، حملة جديدة وموسعة مع بداية شهر رمضان ضد الإمام "البخاري" وشيخ الإسلام "ابن تيمية"، بجانب شيخ الأزهر "أحمد الطيب"، ويشارك فيها شخصيات عامة وإعلاميون وكتاب علمانيون.

 

تلك الحملة التي تقوم على تشويه تاريخ الرمزين الإسلاميين الكبيرين والتشكيك في آراء كل منهما إلى جانب الهجوم على الطيب؛ يقابلها على الجانب الآخر حملة دفاع عن الشخصيات الثلاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وقدمت صحيفة "اليوم السابع"، تحقيقين بعنوان "31 عالما من أهل السنة والجماعة ينتقدون البخاري"، أشار كاتبهما إلى أن صاحب الصحيح تحول في زمن المماليك إلى "قديس"، وقال إن "الإمام مسلم يخالفه في منهجه"، وإن "الترمذي يصف سند أحد الأحاديث بأنه مضطرب"، وإن "أبا الفضل بن عمار أول من ألف كتابا في نقد الصحيحين".

 

اقرأ أيضا: #أدعم_شيخ_الأزهر.. وسم يتصدر تويتر في مصر

وفي تبريرها لهذا الهجوم قالت "اليوم السابع": "لا يمكن إنكار أن التراث الإسلامي مهم، لكن مع الزمن صار الأمر يحتاج إلى إعادة نظر، ويحتاج أن نخرجه من عباءة التقديس إلى رحابة العلم، وأن نقبل الرأي والرأي الآخر، وأن نجدد خطابنا الديني، وذلك لا يكون إلا بإعمال العقل".

 

وبرغم ما أثاره مسلسل "الاختيار"، الذي تنتجه جهات سادية مصرية من جدل سياسي؛ إلا أنه أثار جدلا من نوع آخر؛ حيث اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية على غير الحقيقة، بأنه أفتى بقتل المدنيين وأن الإرهابيين في سيناء يعتمدون على فتواه تلك.

 

وأعرب الباحث المثير للجدل بآرائه حول البخاري وابن تيمية والتراث الإسلامي، إسلام بحيري، عن سعادته لذكر اسم ابن تيمية صراحة كدليل في مناقشات الإرهابيين في "الاختيار"، معتبرا أن هذا "ليس شيئا بسيطا"، بل إنه "ليلة تاريخية ونصر عظيم"، خاصة أن "المسلسل يتابعه مئات الملايين، وأنتج تحت رعاية الدولة المصرية".

وانضم المذيع المقرب من جهات أمنية أحمد موسى، للحملة بقوله عبر فضائية "صدى البلد" المحلية، إن الإرهابيين الحاليين والسابقين والقادمين يحصلون على فكرهم من ابن تيمية، وأبي الأعلى المودودي، وسيد قطب، الذين أصلوا لفكر الجماعات الإرهابية المتطرفة.

 

وشن المذيع نشأت الديهي، عبر فضائية "تن" الممولة إماراتيا هجوما ضد ابن تيمية ووصف فتاواه بأنها كارثية ومحرضة على القتل والإرهاب.

 

ذلك الهجوم قابله رواد مواقع التواصل وبينهم علماء ودعاة مصريون وعرب بالدفاع عن ابن تيمية والبخاري وأئمة المسلمين والتراث الإسلامي عبر هاشتاغي "#ابن تيمية"، و"#ابن تيمية مش ارهابي" اللذين تصدرا "تويتر" مصر.

 

 

 

 

وفي الوقت الذي نشر فيه نشطاء مقطعا مصورا منذ العام 2015، للإعلامي عمرو أديب، ينتقد فيه شيخ الأزهر ويطالبه بالتنحي، دشن فيه نشطاء هاشتاغ "#أدعم شيخ الأزهر"، للدفاع عن الشيخ الطيب.

 

 

سب الرموز ليس تجديدا

 

‏وفي تعليقه قال عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر في أسيوط‏ الدكتور مختار مرزوق، إن "الحملة القائمة بوسائل الإعلام على صحيح البخاري وفقهاء المسلمين القدامى والمحدثين ظالمة وجائرة أولا لأن الذين يقومون بها قوم من الجهلة ولا يعرفون شيئا عن صحيح البخاري".

 

وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن "أحد المهاجمين للبخاري كشف عن جهله عبر مقطع فيديو مصور ولم يتمكن من قراءة اسم البخاري، بل وقال إنه ليس هناك شخص بهذا الاسم".

 

أستاذ الفقه، أكد أن "دفاعه عن البخاري لا يعني أنه معصوم من الخطأ؛ ولكن الخطأ هنا طعن إنسان جاهل في البخاري"، مشيرا إلى أن "الصحيح عندما ألفه البخاري عرضه على 4 من كبار علماء عصره الذين أقروا بصحته إلا 4 أحاديث فقط".

 

وألمح إلى "إجماع الأقدمين والمحدثين على صحيح البخاري"، مذكرا بقول الحافظ بن حجر: "والقول فيها ما قال البخاري"، وموضحا أن هذا "يعني الإجماع على صحة أحاديث البخاري الذي قبلته الأمة جيلا بعد جيل".

 

اقرأ أيضا: علي جمعة: النبي إدريس بدأ بناء الأهرامات وأبو الهول تجسيد له

وعن الإمام بن تيمية، قال الأكاديمي الأزهري: "هو من أئمة المسلمين وله ما له وعليه ما عليه، ولم يقل أحد إن كل ما جاء في فكر ابن تيمية صحيح، لأنه بشر يؤخذ منه ويرد؛ ولكن ذلك لا يكون سببا للطعن في شخصية الإمام".

 

وأضاف: "يكفي ما تزخر به مجموعة فتاوى ابن تيمية الموجودة في 37 مجلدا"، مشيرا إلى أن "كل أئمة المسلمين يؤخذ منهم ويرد وأحيانا يأخذ الأزهر برأي مالك وأخرى بقول الشافعي، فيما تأخذ دار الإفتاء برأي ابن تيمية في الطلاق".

 

وختم الأستاذ في جامعة الأزهر بالقول: "أرفض طعن إعلاميين وصحفيين بهذه الصورة غير المقبولة والهجوم على علماء الدين القدامي والمحدثين، فهو ليس من تجديد الخطاب الديني في شيء فتجديد الخطاب له قواعده وأصوله وله أهله ومكانه بعيدا عن ترهات الإعلام".

 

تشويه رموز الإسلام

 

وانتقد الشيخ إبراهيم عبدالراضي، أحد علماء الأزهر الشريف، تلك الحملة، معتبرا أنها "ليست من تجديد الخطاب الديني في شيء؛ بل إن القائمين عليها ليس لهم غرض إلا تشويه رموز الإسلام وعلمائه الأفذاذ وأصحاب الفضل على الأمة لما قدموه من علم موثق وفقه مبني على القرآن والسنة".

 

وأضاف بحديثه لـ"عربي21"، أنه "وعلى سبيل المثال فإن ابن تيمية، له فضل كبير على المصريين بشكل خاص حيث إن القوانين المصرية الخاصة بالطلاق اتخذت من فتواه بعدم وقوع الطلاق مع تكرار لفظه إلا مرة واحدة"، مشيرا إلى "أن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة وكان على أولئك المتصيدين ألا يصطادوا من تلك الهفوة".

 

وحول الإمام البخاري قال عبدالراضي، إنها "حرب لا تنتهي من هؤلاء الرويبضة الذين لا هم له إلا التشويه للإمام الذي قدم لنا أحاديث رسول الله بعد توثيق وتدقيق بأسلوب علمي رصين، وإن كان البعض يتخذ من بعض متون شرح البخاري منطلقا لهذا الهجوم، فأقول لهم إنهم يتصيدون لأفضل علماء الأمة ولن ينجحوا في هدم تلك القامة".

 

اقرأ أيضا: مالك بن أنس: إمام دار الهجرة وعالم الحجاز

ويعتقد الداعية الأزهري، أن "ما يطال شيخ الأزهر أحمد الطيب، أيضا يأتي استمرارا لما نال علماء الأزهر بوسطيتهم وفهمهم"، مشيرا إلى "ما طال شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي من تشويه وتجريح ونقد".

 

وختم بالقول: "وكذلك القدح بالشيخ الطيب وحملات التجريح والإساءة بحجة تجديد الخطاب الديني ما هي إلا حملة كاذبة مسعورة من هواة بالإعلام وأقزام بالصحافة وحاقدين على الدين من العلمانيين".

 

"طبخة فاسدة"

 

وفي تعليقه على تلك الحملة أكد الكاتب خالد الأصور، أنه "بوضع كلام اليوم السابع، مع تخاريف خالد متنصر، وخزعبلات يوسف زيدان، وتخرصات إبراهيم عيسى، وخالد الجندي وسعد هلالي، يتأكد أن هناك طبخة فاسدة يجري طبخها بالمطبخ الديني، وفي شهر رمضان".