ملفات وتقارير

تحديات جمة للفلسطينيين.. ما دور "القيادة الموحدة" بمواجهتها؟

طبعت الإمارات والبحرين تباعا مع الاحتلال الإسرائيلي- جيتي

من المرتقب أن يشارك الفلسطينيون غدا الثلاثاء في "يوم رفض شعبي" ضد اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين والاحتلال الإسرائيلي، استجابة لدعوة أطلقتها "القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية"، في بيانها الأول الصادر مساء السبت الماضي.

وهذه اللجنة القيادية هي إحدى إفرازات مؤتمر الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، خلال اجتماع برام الله وبيروت في 4 أيلول/سبتمبر الجاري، حيث اتفقوا على تفعيل "المقاومة الشعبية الشاملة" ضد الاحتلال، وتطويرها، مع تشكيل لجنة لقيادتها، وأخرى لتقديم رؤية لإنهاء الانقسام.

ووصفت القيادة الفلسطينية التطبيع الإماراتي والبحريني، الذي تم برعاية ودعم أمريكي، بأنه "خيانة" للقضية الفلسطينية.

ومنذ تولي دونالد ترامب رئاسة الإدارة الأمريكية أظهر انحيازا واضحا للاحتلال الإسرائيلي، بدءا بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها، وإيقاف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، ثم الإعلان عن "صفقة القرن" المخالفة لقرارات الشرعية الدولية بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

اقرأ أيضا: القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية تصدر بيانها الأول

وإلى جانب هذه التحديات، شكل الانقسام بين حركتي فتح وحماس المستمر منذ عام 2007  والفشل المتكرر بعقد المصالحة الفلسطينية عقبة أمام تفعيل آلية وطنية موحدة تواجه اعتداءات الاحتلال المستمرة على الأقصى والقدس ومواصلة الاستيطان ومخطط ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة وحصار قطاع غزة، فكان ذلك أحد أسباب تراجع حالة التضامن العربي والدولي مع القضية الفلسطينية، وفق محللين سياسيين فلسطينيين.

وتحت تأثير هذا التراجع، تشكلت "القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية"، وباركتها حركتا فتح وحماس إلى جانب بقية فصائل العمل الوطني، لكن الخطوة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن اتفق الطرفان على مدار السنوات الماضية على فعاليات وخطوات مشتركة لمواجهة عدوان الاحتلال وإتمام المصالحة، لكنها غالبا ما مرت بعراقيل حالت دون ذلك.

وأمام هذا النزيف المستمر بالحالة الوطنية الفلسطينية، تبرز تساؤلات حول إمكانية تطبيق ما تمخض عن لقاء الأمناء العامين من "قيادة موحدة للمقاومة الشعبية" و"لجنة لإنهاء الانقسام" واقعا على الأرض، وما هي انعكاساته على التحديات الجمة التي تمر بها القضية في الوقت الراهن.

خطوات بدون تهيئة

ويرى مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة أن التوافق الفلسطيني موجود من ناحية نظرية أو بمفهومه الرسمي، لكن التحدي سيكون في "تنفيذ الخطوات التي أعلن عنها على الأرض، خاصة أن التهيئة المطلوبة للبيئة الفلسطينية لم تحدث، ولم تأخذ مدى زمني ولا أدوات حقيقية تمهد الظرف الميداني لهذه الفعاليات، إذ لا زالت آثار الانقسام الفلسطيني حاضرة وعميقة".

لكن هذه البداية حتى وإن بدت ضعيفة فسوف تتطور في المستقبل إن صدقت النوايا وكانت الفصائل جادة، وفق حديث العطاونة لـ"عربي21".

ويستبعد العطاونة أن يتطور الفعل الشعبي في المرحلة الحالية إلى "انتفاضة شاملة"، ويقول "لا أظن أن السلطة وحركة فتح ستسمح بذلك، فرغم أنها في مأزق شديد ومسار أوسلو وصل لنهاياته، لكن منهجية العمل بهذا المسار قائمة على الاستقرار وضبط الأمن والبحث عن فرص للمفاوضات".


ومن المتوقع أن تنحصر  فعاليات المقاومة الشعبية في شكل "مسيرات واحتجاجات"، ويستدرك المحلل السياسي العطاونة بالقول "يمكن للمقاومة الشعبية أن تتطور في أي لحظة إلى اشتباك مع الاحتلال، والاحتلال إذا ما أراد أن يصعد في هجمته على الشعب الفلسطيني يمكن أن تصل إلى انتفاضة".

ويؤكد على أن "المسار الذي تسير فيه فتح والسلطة يتسم بالضبط والابتعاد عن العمليات المسلحة التي يمكن أن تصمها بالإرهاب، فهي تخشى زيادة التضييق عليها دوليا خاصة من الاتحاد الأوروبي" الذي يرفد السلطة بالمساعدات المالية.

 

اقرأ أيضا: صحيفة عبرية: هذا ما عُرض على عباس مقابل مباركة التطبيع

ويتوقع أن يكون التفاعل الشعبي الفلسطيني مع فعاليات القيادة الموحدة "محدودا" في البدايات، لكن اذا ما شعرت الجماهير الفلسطينية بصدق الفصائل فإن هذه المشاركة ستتطور، وهي مرتبطة أيضا بردة فعل الاحتلال الإسرائيلي عليها، فكلما تغول الاحتلال في سياساته تزداد بسالة الشعب الفلسطيني.

وعن تأثير هذا العمل المشترك على ملف المصالحة الوطنية الشائك، يعتقد عطاونة أن "القيادة الموحدة" ستترك "أثرا كبيرا وإيجابيا" على المصالحة، وهي إحدى خطواتها العملية على الأرض، متمنيا أن " يستمر العمل المشترك واللجان المشتركة ويتكلل بالنجاح".

أما عن تأثير الفعاليات الفلسطينية على ملف التطبيع، فيقول عطاونة "الموضوع أكثر تعقيدا لأن حسابات الدول العربية ليست مرتبطة بالقضية الفلسطينية أصلا، هي حسابات أحادية لكل دولة على حدى، لها علاقة بالدور الإيراني والتركي، وشعور هذه السلطات أنها تحكم تحت الحماية الأمريكية، ولا تستطيع أن تبقى في موقعها بدون هذه الحماية".

لكن الموقف الفلسطيني سيكون له "تأثير بالغ" في عدم تجاوز الدول المطبعة في الحديث عن القضية الفلسطينية، وأن تطبيعها يصب في صالح الفلسطينيين كما تدعي الإمارات، هذه الفعاليات ستقطع الطريق أمام دول التطبيع من هذه الناحية، وفقا لتعبيره.

معضلة "أزمة الثقة"

ومن جانبه، يركز المحلل السياسي أكرم عطا الله على ما أسماه "أزمة الثقة بين الفصائل والشعب الفلسطيني"، وأن الجماهير لم تعد يشارك في الفعاليات الوطنية "نظرا للانقسام ونظام الحكم والأداء الإداري الفلسطيني، وإدارة الفصائل الفلسطينية للحالة الوطنية بما شابها من أخطاء كثيرة".

ويدلل عطا الله في حديثه لـ"عربي21" على "أزمة الثقة" بحجم المشاركة الضعيفة في الفعاليات الشعبية في الضفة المحتلة مع القضايا الوطنية خلال الفترة الأخيرة.

 

اقرأ أيضا: السلطة تناقش اتخاذ موقف تجاه الجامعة العربية "الصامتة"

ويعتقد أن سقف الفعاليات التي تدعو لها "القيادة الموحدة" سيكون على نمط تجمعات ليست بالكبيرة، وستكون المشاركة الجماهيرية "محكومة بأزمة الثقة بين الفصائل والمواطن الفلسطيني المشغول والمطحون بحالة الفقر والبحث عن إمكانية الحياة".

ولذات الأسباب يستبعد المحلل السياسي أن "تنفلت الفعاليات باتجاه تصعيد شامل مع الاحتلال".

أما عن تأثيرات فعاليات القيادة الموحدة على الحالة الفلسطينية، فيرى عطا الله أنها "يمكن أن تنتج شيئا ميدانيا، ولن تؤثر كثيرا في ملف المصالحة، لأنها أكثر تعقيدا من أن تُحل كردة فعل على التطبيع العربي أو بفعاليات شعبية لن يكون لها هذا القدر من التفاعل".

وحول تأثير الفعاليات على التطبيع العربي، يقول عطا الله: "الموقف العربي خجول وهو يذهب باتجاه التطبيع، لو أن القيادة الفلسطينية والفصائل موافقة عليه لكان الموقف العربي أكثر جرأة، لكننا نرى أن دول التطبيع تبحث عن ورقة توت تغطي بها نفسها لتبرر ذهابها باتجاه إسرائيل".