مقالات مختارة

القدم تغلب القلم!

1300x600

لا تزال الدنيا تتحدث عن لاعب البرتغال كريستيانو رونالدو، الذي أزاح زجاجات كوكاكولا من أمامه في مؤتمره الصحفي، ودعا إلى شرب الماء بدلا منها، فقامت دنيا العالم من وقتها ولا تريد أن تقعد إلى هذه اللحظة، رغم أنه ربما لا يقصدها ولا يتعمدها!

وكانت الخسائر الهائلة التي أصابت شركة كوكاكولا من وراء ما قام به هي السبب في الضجة التي لا تريد أن تهدأ من يومها.. والغريب أن آخرين راحوا يقلدونه فيما فعل، مع اختلاف محتوى الزجاجات التي أزاحها كل واحد منهم من أمامه، فكان ذلك مما أطال أمد الضجة بين الناس!

ولم أجد فيما جرى ما يدعو إلى الدهشة لأنه من الطبيعي أن يحدث ما تابعناه، ولأن ما حدث هو من نوع تحصيل الحاصل، ومن نوع القول بأن حاصل جمع اثنين زائد اثنين يساوي أربعة!

الذي أثار دهشتي أن الخطوة التي أقدم عليها رونالدو تزامنت من حيث توقيتها مع ذكرى مرور ١١ سنة بالضبط على رحيل جوزيه ساراماجو، أديب البرتغال الأعظم، الذي رحل في مثل هذا الشهر من عام ٢٠١٠، والذي حصل على جائزة نوبل في الأدب، فكان أول أديب برتغالي يحصل عليها في ١٩٩٨، بعد أن حصل عليها نجيب محفوظ بعشر سنوات كاملة!

كان ساراماجو واحدا من أمراء الكلمة في العالم، وحين غادر الدنيا فإن بلاده أعلنت الحداد الرسمي على رحيله، وكان ذلك من علامات مكانته في البرتغال وفي غيرها طبعا!

كل منهما.. رونالدو وساراماجو.. يحمل الجنسية البرتغالية، وينتمي إلى البلد الذي يجاور إسبانيا على المحيط الأطلنطي، والذي كان مسرحا لاغتيال القيادي الفلسطيني عصام سرطاوي.. ولكن ما أبعد المسافة بين صاحب قدم ملأ الدنيا وشغل الناس لمجرد حركة تلقائية من جانبه، وبين صاحب قلم حاز أرفع جوائز الأدب في العالم، فلم يتذكره أحد في يوم رحيله ١٨ من هذا الشهر، اللهم إلا زميلنا الأستاذ ماهر حسن في زاويته «زي النهارده»، التي يحررها يوميا على الصفحة الثانية من هذه الجريدة!

كان توفيق الحكيم قد لاحظ هذا المعنى منذ وقت مبكر، فكتب يرحمه الله مبشرا بعصر القدم الذي يحل في محل عصر القلم!.. ولكن القلم إذا كان قد خسر جولة، فإنه أبدا لن يخسر المعركة الطويلة لأن الله تعالى قد أقسم به في القرآن!

(عن صحيفة المصري اليوم)

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع