سياسة تركية

أردوغان يطرح الاستفتاء بشأن "الحجاب والأسرة".. ما الهدف؟

أردوغان قال إن حزبه سيقدم مقترح تعديل دستوري بشأن الحجاب والأسرة- جيتي

اقترح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إجراء استفتاء لوضع ضمانة دستورية للحق في ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات، وضمان هيكل الأسرة في المجتمع التركي، ويأتي هذا المقترح بعد إعلان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو تقديم حزبه مشروع قانون إلى البرلمان يضمن قانونية وضع الحجاب في البلاد.

 

وأعاد كليتشدار أوغلو تصدير مسألة الحجاب إلى المشهد السياسي الداخلي، قبل أشهر من الانتخابات التي ستجرى في 18 حزيران/ يونيو المقبل.

 

ويرى مراقبون أن طرح كليتشدار أوغلو لمسألة الحجاب أحرجته وأنه أخطأ التقدير في إعادتها للواجهة، مشيرين إلى أن أردوغان استغل هذه القضية وحقق أهدافا بالتمريرة التي قام بها زعيم حزب الشعب الجمهوري.

 

كليتشدار أوغلو يرفض الاستفتاء والتعديل الدستوري.. أكشنار تنتقد حليفها

 

وفي تصريحات سابقة قال أردوغان: "كليتشدار أوغلو مرر الكرة دون أن يدري، وكان علي أن أسجل الهدف، لا يدرك أني قضيت حياتي كمهاجم".

 

والسبت قال أردوغان، إن حزبه بدأ في إعداد مقترح لتعديل دستوري بالإضافة إلى بند لحماية الأسرة، وإنها مسألة حيوية، "دعونا نرى من سيتخذ موقفا بشأنها عندما يصل إلى البرلمان، وإذا تم قبول المقترح بأغلبية كافية في البرلمان فسيكون انتصارا مهما لتركيا".

 

اقرأ أيضا: أردوغان يقترح استفتاء على تضمين حق ارتداء الحجاب بالدستور
 

وتابع الرئيس التركي موجها حديثه إلى كليتشدار أوغلو: "إذا كانت لديك الشجاعة، تعال، فلنخضع ذلك للاستفتاء إذا لم يتم حل المشكلة في البرلمان، فلندع الأمة تقرر".

 

ورفض كليتشدار أوغلو فكرة الاستفتاء، داعيا أردوغان إلى دعم مقترح حزب الشعب الجمهوري في البرلمان.

 

ورأت زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، أن إعادة طرح كليتشدار أوغلو لقضية الحجاب لم تكن ضرورية، مشيرة إلى أنها مشكلة محلولة "وبدلا من إعادة فتح الجروح المغلقة، علينا أن ننظر إلى الجروح النازفة".

 

وتابعت أكشنار: "أحترم موقف كليتشدار أوغلو ولكن ما الذي سنناقشه اليوم؟.. لا أعتقد أنه من الصواب إعادة طرح مسألة الحجاب".

 

واعترضت أكشنار في الوقت ذاته على دعوة أردوغان للاستفتاء من أجل إجراء تعديل دستوري إذا لم يتم حل المسألة في البرلمان، مطالبة إياه بالتوجه إلى صندوق الاقتراع أولا.

 

"العدالة والتنمية" يسعى للاستفتاء في يوم الانتخابات

 

الكاتبة التركية كوبرا بار في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، كشفت أن حزب العدالة والتنمية يسعى لإجراء استفتاء في ذات يوم الانتخابات (18 حزيران/ يونيو 2023).

 

وأشارت إلى أن أردوغان إلى جانب مسألة الحجاب، أضاف مسألة أخرى "تتعلق بحماية الأسرة في المجتمع التركي من المثلية".

 

وتابعت بأن كليتشدار أوغلو غير موقفه، ففي البداية تحدث بلغة "دعونا نرى المقترح"، وبعدها أكد أن حزبه لن يقبل التعديل الدستوري، مضيفة أنه كان عليه الثبات على موقفه، ومع دعوة أردوغان للاستفتاء أصبحت المسألة أكثر تعقيدا بالنسبة له.

 

لماذا دعا أردوغان إلى الاستفتاء؟

 

ورأت الكاتبة أن هناك سببين بشأن طرح أردوغان الاستفتاء، أولهما أنه يرى أن الطاولة السداسية لن تكون قادرة على اتخاذ قرار مشترك، وثانيا، خلق دفع سياسي لصالح تحالف الجمهور وتحويل المسألة كحملة انتخابية تتعلق باختيار أنماط الحياة بالبلاد.

 

ما الإجراءات اللازمة لتمير تعديل الدستور بالبرلمان؟

 

وتتطلب الموافقة على إجراء تعديل في الدستور بالبرلمان التركي الحصول على 400 صوت، وإذا تراوحت الأصوات ما بين (360 و400 صوت) فإنه يمكن نقل طرحه إلى الاستفتاء الشعبي.

 

وبعد انتقال محمد علي شلبي إلى حزب العدالة والتنمية، وتقديم أشرف فاكيبابا استقالته فإن عدد مقاعد الحزب أصبحت 286، أما "الشعب الجمهوري" فلديه 134 مقعدا، و"الشعوب الديمقراطي" 56، و"الحركة القومية" 48، والحزب الجيد 37.

 

ويشكل مجموع "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" والاتحاد الكبير" 335 صوتا فقط، وإذا صوتت كافة أحزاب الطاولة السداسية بـ"لا" فلا يمكن تمرير تعديل الدستور.

 

ومن المحتمل أن يصوت حزبا "الجيد" و"السعادة" بـ"نعم" على تعديل الدستور، بخلاف "الشعب الجمهوري"، وهذا يعني أن مجموع المصوتين لصالح التعديل 373 نائبا، بما يتجاوز عتبة الـ360 صوتا المطلوبة للاستفتاء.

 

اقرأ أيضا: "قضية الحجاب في تركيا" تحرج كليتشدار أوغلو.. لماذا أثارها؟
 

واللافت أن نائب رئيس كتلة حزب الشعوب الديمقراطي المعارض في البرلمان التركي، ساروهان أولوتش، قال إن حزبه يؤيد إجراء تعديلات قانونية ودستورية بشأن الحجاب، وهذا يعني أنه إذا رفضت أحزاب الطاولة السداسية المقترح، فإنه قد يحصل على أصوات 391 برلمانيا مع موافقة الحزب الكردي.

 

الكاتبة بار، قالت إن التعديل الدستوري حتى لو حصل على موافقة الأغلبية البرلمانية، فإن أردوغان لديه رغبة بإحالة قضية الحجاب إلى الرأي العام وحماية الأسرة إلى الاستفتاء.

 

وتساءلت الصحفية: "أليس من الخطأ إجراء استفتاء على قضية لا تشكل بالفعل مشكلة، وتخصيص ميزانية كبيرة لها من وزارة الخزانة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد؟".

 

وردا على التساؤل، نقلت الكاتبة عن قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية، قوله: "ليس هناك حاجة لإجراء موعد منفصل للاستفتاء، من الممكن إجراؤه في يوم الانتخابات".

 

أردوغان يضرب عصفورين بحجر

 

وقالت بار، إن "العدالة والتنمية"، يريد وضع ورقة الاستفتاء إلى جانب ورقة اقتراع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في صناديق الاقتراع في عام 2023.

 

وأضافت أن كليتشدار أوغلو قال: "لقد وصلنا إلى مفترق طرق، إما أن نكون إلى جانب النظام الاستبدادي أو الديمقراطي".

 

وتذكر المعارضة، أن انتخابات 2023، ستجرى بين "أولئك الذين يريدون نظاما برلمانيا وديمقراطيا، والذين يريدون نظاما رئاسيا"، معتقدة أن الفوز في جيبها بسبب الأوضاع الاقتصادية.

 

وأشارت الكاتبة إلى أن حزب العدالة والتنمية بعد إثارة قضية الحجاب من كليتشدار أوغلو، ضرب عصفورين بحجر واحد، وأعاد الانتخابات إلى محور الهوية، مؤسسا حملته لعام 2023 على الفصل بين أولئك الذين يقولون "نعم"، وأولئك الذين يقولون "لا" لرفع حظر الحجاب وحماية الأسرة.

 

وانتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر أتشليك موقف المعارضة بشأن مقترح التعديل الدستوري قائلا: "هم يرفضونه قبل أن يروه، أزعم أننا سنحصل على أكبر دعم في التاريخ السياسي التركي إذا قدمنا مشروع التعديل الذي يعزز قيم الأسرة لمواطنينا".

 

ولفتت بار، إلى أنه بالنظر إلى ردة الشعب التركي بشأن القضية، فإن أتشليك على حق، وسواء سمي ذلك بـ"رهاب المثلية أو مناهضتها"، فإن هذه القضية حساسة لدى الجميع في تركيا، ولذلك فقد يلقى المقترح قبولا بأكثر من 90 بالمئة في الاستفتاء المحتمل.

 

كليتشدار أوغلو يشعر بالندم.. أردوغان وضع قنبلة موقوتة أمامه

 

الكاتب كمال أوزتورك، في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، رأى أن كليتشدار أوغلو يشعر بالندم بسبب طرحه قضية الحجاب، واستخدم أردوغان هذه التمريرة منه لتحويلها إلى هدف لصالحه، ناهيك عن أنه ينوي تحقيق هدف آخر بشأنها.

 

وأوضح أن أردوغان، رفع يده ضد مقترح القانون، وتقدم خطوة لاقتراحه تعديل الدستور، وذهب إلى أبعد من ذلك بطرح الاستفتاء ووضعه كالقنبلة الموقوتة أمام حزب الشعب الجمهوري.

 

اقرأ أيضا: كليتشدار أوغلو يعتزم تقديم مقترح قانون "حماية الحجاب".. وجدل
 

وأشار الكاتب إلى أنه لو لم يطرح كليتشدار أوغلو مقترح القانون، لما خرجت بطاقة التعديل الدستوري، ولو قبل زعيم حزب الشعب الجمهوري مقترح التعديل الدستوري لما جاء مقترح الاستفتاء من أردوغان.. لقد فوت كليتشدار أوغلو الفرصة مرتين.

 

وأضاف أن أردوغان يسعى لتقديم مقترح يحمي هيكل الأسرة في تركيا، مع لائحة تمنع تماما حظر الحجاب، وإذا كان مثل هذا الترتيب "فهل يمكن لحزب الشعب الجمهوري الاستمرار في عاداته المتمثلة في الرفض القاطع لكل مقترح؟.. لا أعتقد".

 

ورأى أنه لا يمكن لأحزاب المعارضة الأخرى رفض مثل هذا المقترح من أردوغان، معتقدا أنه سيتم قبوله بأغلبية كبيرة بالبرلمان، ولن يكون استفتاء.

 

وشدد على أن المعارضة ستقع في خطأ كبير إذا وضعت ورقة الاستفتاء إلى جانب ورقة الانتخابات أمام الناخبين.