صحافة دولية

بوليتيكو: انتخابات تركيا محطة أمنية حاسمة في أوروبا والشرق الأوسط

الانتخابات ستجري في 14 أيار/ مايو المقبل- الأناضول
قالت الكاتبة نكتاريا ستامولي، إن الانتخابات المقبلة في تركيا، تعد حاسمة للأمن في أوروبا والشرق الأوسط، للكثير من الأسباب.

وأوضحت الكاتبة، في مقالها بموقع "بوليتيكو" الذي ترجمته "عربي21"، أن الانتخابات المقبلة تكتسي أهمية تاريخية كبيرة لتزامنها مع الذكرى المائة لتأسيس "الجمهورية العلمانية" على يد مصطفى كمال أتاتورك. وإذا فاز أردوغان هذه المرة، فإنه سيضع بصمته بشكل أكبر على المسار الجيواستراتيجي لبلد يضم 85 مليون نسمة.

وستؤثر هذه الانتخابات بشدة على الأمن في أوروبا والشرق الأوسط لأنها ستكون عاملا حاسما في تحديد دور تركيا في تحالف الناتو، وعلاقتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، وسياسة الهجرة، ودور أنقرة في الحرب المستعرة في أوكرانيا، وطرق التعامل مع التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وتتوقع الكاتبة أن تكون انتخابات 14 أيار/مايو المنافسة الأكثر إثارة للجدل خلال حكم أردوغان الذي دام 20 سنة، حيث تكافح البلاد مع سنوات من اضطراب الاقتصاد وتداعيات زلزال مدمر، وسيواجه أردوغان معارضة تتوحد خلف كمال كيليتشدار أوغلو، الذي تعهد بإحداث تغييرات جذرية في النظام التركي. فإن ما يعزز موقف أردوغان أنه سياسي محنك في خوض الحملات الانتخابية، ناهيك عن أنه يحظى بدعم كامل الدولة ومؤسساتها.

الانضمام للاتحاد الأوروبي

وذكرت الكاتبة أن المعارضة التركية تثق بأنه يمكنها إعادة تفعيل محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي توقفت منذ سنة 2018 من خلال إدخال إصلاحات ليبرالية في مجال سيادة القانون وحرية الإعلام ونزع الطابع السياسي عن السلطة القضائية. كما تعهد معسكر المعارضة بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تطالب بإطلاق سراح اثنين وهما صلاح الدين ديميرطاش وعثمان كافالا.

وأوضحت أن استئناف المفاوضات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تظل صعبة حتى تحت إدارة جديدة. وحيال هذا الشأن، قال ولفانجو بيكولي الرئيس المشارك لاستشارات المخاطر السياسية في شركة "تينيو" إن "المشاعر المعادية للغرب في تركيا منتشرة في صفوف كل الأطياف السياسية" مشيرا إلى أن "طبيعة السياسة الخارجية ستتوقف على مدى توافق تحالف الأحزاب التي يتمثل القاسم المشترك الوحيد بينها في معارضة أردوغان بينما لكل واحد منها جدول أعمال مختلف وهو الأمر الذي سيؤثر بدوره على السياسة الخارجية".


في الأثناء، لا تبدو أوروبا مستعدة للتعامل مع تركيا الجديدة إذ تعارض مجموعة من الدول على رأسها فرنسا والنمسا فكرة إعادة مراجعة العلاقات. وفي هذا الصدد، قالت الزميلة الزائرة في معهد بروكينجز أصلي أيدن تاش باش: "لقد اعتادوا على فكرة تركيا التي تغرد خارج السرب والتي ابتعدت عن المعايير والقيم الأوروبية واتخذت مسارا خاصا بها". وأضافت قائلة: "إذا شكلت المعارضة حكومة، ستسعى إلى إضفاء طابع أوروبي على الهوية التركية لكن يظل رد أوروبا على ذلك غير واضح، سواء كان سينطوي على انضمام تركيا للكتلة الأوروبية أم إنشاء إطار أمني جديد يشمل تركيا".

الناتو والولايات المتحدة

قدمت تركيا موافقتها أخيرًا لانضمام فنلندا إلى حلف الناتو يوم 30 آذار/مارس بعد إعراض عن ذلك. ومن جهتها، المعارضة تتعهد بالمضي قدمًا وإنهاء الفيتو التركي على السويد، قائلة إن ذلك سيكون ممكنًا بحلول اجتماع التحالف السنوي في الحادي عشر من تموز/ يوليو. لكن حسب العديد من المطلعين، فإن إعادة انتخاب أردوغان مرة أخرى تتيح فرصة لإعادة التفكير في انضمام السويد.

وأشارت الكاتبة إلى تدهور العلاقة العسكرية بين تركيا والولايات المتحدة بشكل حاد في سنة 2019 عندما اشترت أنقرة نظام الصواريخ الروسي إس-400، في خطوة اعتبرتها الولايات المتحدة خطرًا على طائرات حلف الناتو. وردا على ذلك، ألغت الولايات المتحدة عضوية أنقرة في برنامج مقاتلة الجيل الخامس إف-35 وفرضت عقوبات على صناعة الدفاع التركية. في المقابل، تشير المعارضة بوضوح في أجندتها السياسية إلى رغبتها في العودة إلى برنامج إف-35.

روسيا والحرب في أوكرانيا

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لعبت تركيا دور الوسيط وهي لا تزال تزود أوكرانيا بالأسلحة - وأبرزها طائرات بيرقدار دون طيار - بينما رفضت مساندة العقوبات المفروضة على روسيا. كما توسطت تركيا في صفقة للأمم المتحدة تسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.

وفي إطار موازنة الرئيس التركي أردوغان استراتيجيته المعقدة مع روسيا، بعد إعطاء الضوء الأخضر لانضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي والتلميح إلى أن السويد قد تسير على خطاها، يلمح أردوغان الآن - حسب أونال تشيفيكوز، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري للشؤون الخارجية - إلى أن تركيا قد تكون أول دولة عضو في حلف الناتو تستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد الغزو في 27 نيسان/ أبريل لافتتاح أول مفاعل طاقة نووية في البلاد بناءً على مشروع شركة "روزاتوم" الروسية للطاقة النووية.

سوريا والهجرة

أضافت الكاتبة أن دور تركيا في سوريا بالنسبة للمعارضين يعتمد بشكل كبير على مدى قدرتها على معالجة قضية السوريين المقيمين في تركيا. تستضيف تركيا حوالي 4 ملايين سوري، ويزداد عدد الأتراك الذين يواجهون أزمة كبيرة في تكلفة المعيشة.

وفي هذا السياق، أوضح تشيفيكوز: "سيكون موقفنا تأهيل الاقتصاد السوري وتوفير الظروف الملائمة للعودة الطوعية"، مضيفًا أن ذلك لن يتطلب توزيع الأعباء الاقتصادية على المستوى الدولي فحسب، بل إقامة حوار مع دمشق أيضًا. يرغب أردوغان في إقامة مصالحة مع سوريا، لكن رئيس النظام السوري بشار الأسد يقول إنه سيجتمع مع الرئيس التركي فقط عندما تكون أنقرة مستعدة لسحب قواتها العسكرية بشكل كامل من شمال سوريا.

اليونان وشرق المتوسط

وقالت الكاتبة إن رد الفعل السريع من الحكومة اليونانية والمجتمع اليوناني إزاء الزلازل المدمرة الأخيرة في تركيا وزيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس أنشأ سياقًا جديدًا للعلاقات الثنائية. أعلن ديندياس، بالإضافة إلى نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، الذي قال إن تركيا ستصوت لصالح اليونان في حملتها للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لسنتي 2025-26 وأن اليونان ستدعم ترشيح تركيا لرئاسة الأمانة العامة للمنظمة البحرية الدولية.

وفي إشارة أخرى للتقارب، زار وزير الدفاع اليوناني نيكوس باناجيوتوبولوس ووزير الهجرة نوتيس ميتاراكيس تركيا هذا الشهر، حيث قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنه يأمل أن يكون البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة "بحرا للصداقة" بين البلدين. وتوقع أكار وقف تنفيذ التمارين العسكرية والجوية بين تركيا واليونان في بحر إيجة بين 15 حزيران/ يونيو و15 أيلول/سبتمبر.