صحافة دولية

NYT: مخاوف لدى واشنطن من وصول بنادق نقلتها للاحتلال إلى يد المستوطنين

الاحتلال أطلق يد المستوطنين بقوة في الضفة- أرشيفية
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا قالت فيه إن طلب حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحصول على 24 ألف بندقية هجومية من الولايات المتحدة أثار حفيظة المشرعين الأمريكيين وبعض مسؤولي وزارة الخارجية، خشية من وصول تلك الأسلحة لأيدي المستوطنين الإسرائيليين.

وقالت في تقرير ترجمته "عربي21" إن قيمة الدفعات الثلاث المقترحة من البنادق بلغت نصف الآلية والآلية 34 مليون دولار، ويتم طلبها مباشرة من صانعي الأسلحة الأمريكيين، لكنها تتطلب موافقة وزارة الخارجية وإخطار الكونغرس.

وأشارت إلى أن إسرائيل قالت إن البنادق ستستخدم من قبل قوة الشرطة الإسرائيلية، لكنها أشارت أيضا إلى أنه يمكن إعطاؤها للمدنيين، حسبما قال أشخاص مطلعون على طلبات الأسلحة للصحيفة.

كيف سيستخدم الاحتلال الأسلحة ؟ 


قدمت وزارة الخارجية إخطارا غير رسمي بالبيع إلى لجان الكونغرس الأسبوع الماضي، مما أثار المخاوف ودفع الوزارة إلى طرح أسئلة أكثر صرامة على إسرائيل حول الكيفية التي تنوي بها استخدام الأسلحة.

أما  داخل الوزارة، فأعرب المسؤولون العاملون في قضايا حقوق الإنسان عن تحفظاتهم،  في حين يعتزم المشرفون على مبيعات الأسلحة الموافقة على الطلبات والإعلان عنها في الأيام المقبلة، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.

من جانب أخر، تسعى الشرطة الإسرائيلية إلى تعزيز ترسانة أسلحتها بعد أن تعهد المسؤولون بتزويد المدنيين الإسرائيليين بآلاف البنادق في ما لا يقل عن 1000 بلدة ومدينة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. 

وقد انتقل حوالي 500 ألف إسرائيلي إلى المستوطنات هناك على مدى سنوات عديدة، وهذا، إلى جانب نقاط التفتيش العسكرية والأسوار وغيرها من إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، يبقي 2.7 مليون فلسطيني في المنطقة يعيشون في جيوب صغيرة منفصلة.

على الرغم من أن الكثير من الانتقادات العالمية لتصرفات إسرائيل الأخيرة تركزت على غاراتها الجوية في قطاع غزة، والتي يقول مسؤولو وزارة الصحة إن هناك ما يقرب من 10000 شهيد، فإن الرئيس بايدن وكبار مساعديه يشعرون بقلق متزايد بشأن تصاعد العنف في الضفة الغربية.

تزايد عنف المستوطنين في الضفة الغربية 

وقالت إن العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية، والذين يهدفون إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة مساحات استراتيجية من الأراضي، كان قد ارتفع إلى مستوى أعلى كثيرا من مستواه في السنوات الأخيرة.

وأرجع المسؤولون الأمريكيون ذلك إلى تشجيع حكومة رئيس الوزراء اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو للمستوطنين، وتصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين الداعمة لضم الضفة الغربية. ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، استشهد أكثر من 150 فلسطينيا في الضفة الغربية – وهو ما يعادل تقريبا عدد الذين استشهدوا في عام 2022 بأكمله، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.

ووقعت معظم عمليات الاستشهاد خلال مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن بعضها وقع على أيدي مستوطنين مسلحين. قال بايدن في 25 تشرين الأول/ أكتوبر إن العنف الذي يمارسه "المستوطنون المتطرفون" كان بمثابة "صب البنزين على النار".

حل الدولتين 


وأثار وزير الخارجية أنتوني بلينكن المخاوف مع القادة الإسرائيليين خلال زيارته إلى تل أبيب يوم الجمعة، وتحدث عن المشكلة مع محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في اجتماع عقد في رام الله يوم الأحد.

وكانا قد ناقشا "الجهود المبذولة لاستعادة الهدوء والاستقرار في الضفة الغربية، بما في ذلك ضرورة وقف أعمال العنف المتطرفة ضد الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين عنها"، وفق بيان وزارة الخارجية الامريكية. 

واتفق كل من بايدن وبلينكن في الأيام الأخيرة على أن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل هو أفضل حل طويل الأمد للصراع المستمر منذ عقود. إن ترهيب المستوطنين للفلسطينيين، مما يؤدي إلى تهجيرهم من المناطق الاستراتيجية في الضفة الغربية، يجعل أي احتمال لتحقيق ذلك أكثر صعوبة بكثير.

وناقش مسؤولو وزارة الخارجية الذين يشرفون على مبيعات الأسلحة المخاوف المحتملة مع نظرائهم الإسرائيليين. وقالت جيسيكا لويس، السكرتيرة المساعدة في مكتب الشؤون السياسية العسكرية، في تصريح لـ نيويورك تايمز: "لقد تلقينا تأكيدات من الإسرائيليين بأن هذه الأسلحة لن تذهب إلا إلى الوحدات التي تسيطر عليها الشرطة الإسرائيلية".
 
ووعد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتامار بن غفير، وهو سياسي يميني متطرف يشرف على الشرطة، الشهر الماضي بتوفير الأسلحة للمستوطنات.

وقال المسؤولون الأمريكيون الذين يطلعون على الطلبات إن هذا الطلب المقدم من الاحتلال الإسرائيلي يختلف عن الطلبات السابقة من حيث أن المسؤولين الإسرائيليين أشاروا صراحة إلى فكرة منح البنادق لجماعات مدنية.

وقدمت إسرائيل طلبية كبيرة أخرى على الأقل من البنادق هذا الخريف، ونظرا للعنف الذي يمارسه المتطرفون المستوطنون، فقد أثار ذلك أيضا مخاوف بعض المشرعين الديمقراطيين، بما في ذلك عضو مجلس الشيوخ كريس فان هولين، الديمقراطي من ولاية ماريلاند. وهو من بين المشرعين الذين يضغطون على إدارة بايدن للحصول على ضمانات بشأن الطلبات الحالية.

فرق أمنية من المستوطنين المسلحين 


تبيع الولايات المتحدة بانتظام مجموعة واسعة من الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك الذخائر القوية التي يستخدمها جيش الاحتلال الآن لقصف غزة.

وكان قد طلب بايدن من الكونغرس مبلغا إضافيا قدره 14 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل، حتى مع تزايد الانتقادات لموقفه بين الديمقراطيين.

ومن المتوقع أن إسرائيل ستشتري أكثر من ثلاثة أرباع البنادق التي طلبتها من شركة كولت للتصنيع. تشمل الطلبيات M4s وMK18s، وبعضها جاهز للشحن بينما لا يزال البعض الآخر يحتاج إلى التصنيع.

وردا على سؤال حول نوايا البنادق، قالت السفارة الإسرائيلية في واشنطن: "هذه الأسئلة وغيرها طُرحت وتمت معالجتها على النحو الواجب في عملية الحصول على موافقة الحكومة الأمريكية على ترخيص وشراء الأسلحة النارية".

ويقول مسؤولون إسرائيليون ومستوطنون إن التوزيع الجماعي للأسلحة على المدنيين ضروري لمنع تكرار الهجمات التي قادتها حركة المقاومة حماس الشهر الماضي على بلدات جنوب إسرائيل. 

 وتقول وزارة الأمن الوطني، التي تشرف على الشرطة ويديرها بن غفير، إن المدنيين المسلحين الجدد سيتم تنظيمهم في ما وصفته بـ "فرق أمنية" في كل مدينة يتم تدريبها من قبل الشرطة ووضعها تحت السيطرة من قوة الشرطة المحلية الإسرائيلية.

وقال بن غفير، الذي لديه إدانات جنائية بتهمة التحريض ضد الفلسطينيين ودعم جماعة إرهابية: "البنادق في الأيدي الصحيحة تنقذ الأرواح! لقد رأينا ذلك في الأيام الأولى من الحرب".

وأضاف في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "في كل مكان كانت هناك أسلحة، كان نطاق الكارثة أصغر".

تسهيلات تراخيص حمل السلاح 


وبالتوازي مع ذلك، سهلت الحكومة الإسرائيلية على المستوطنين الحصول على تراخيص حمل السلاح، وهي خطوة قال بن غفير إنها ستسمح لـ 400 ألف مدني إضافي، أو ما يقرب من 4% من السكان، بالحصول على سلاح.

وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، نشر بن غفير صورا تظهره وهو يوزع بنادق هجومية على المدنيين في حدث سياسي. وأثارت الصور قلق المسؤولين في إدارة بايدن وفي الكونغرس.

ويقول المنتقدون إن الإجراءات الجديدة ستؤدي إلى إنشاء ميليشيات مدنية من المستوطنيين والتي يمكن أن تستهدف الفلسطينيين في الجانب المحتل والضفة الغربية .

وقالت رولا داود، المديرة القطرية المشاركة لحراك "نقف معا"، وهي حركة شعبية تعمل على تعزيز المساواة بين المواطنين اليهود والفلسطينيين في إسرائيل: "إنها خطوة خطيرة للغاية".

وقالت داود: "إنهم يستخدمون هذه الحرب لمنح المدنيين ما يسمونه الحماية من الخطر. ولكن عندما يقولون خطر، فإنهم يقصدون المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل. الأشخاص الذين يحصلون على هذه الأسلحة هم أشخاص يمينيون متطرفون يعتقدون أنه يجب أن يكون هناك مواطنون من الدرجة الأولى ومواطنين من الدرجة الثانية".

وقد تزايدت هذه المخاوف لأن العملية أشرف عليها بن غفير، الذي مُنع من الخدمة في الجيش الإسرائيلي عندما كان مراهقا في التسعينيات بسبب مخاوف في الأجهزة الأمنية بشأن آرائه المتطرفة.

ولم ترد وزارة بن غفير ومكتب نتنياهو على الاستفسارات حول عدد الأسلحة التي سيتم توفيرها للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية.

وفي بيان صدر في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، قال حزب القوة اليهودية الذي ينتمي إليه بن غفير، إن الوزير سيوزع 10 آلاف بندقية على المدنيين، بعضهم في مستوطنات الضفة الغربية.

وفي بيان لاحق يوم الأربعاء، قامت وزارة بن غفير بتسمية 57 بلدة ومدينة قالت إنها ستكون من بين 1000 مكان لتلقي الأسلحة، ولم يكن أيا منها في الضفة الغربية.

وفي مبادرة منفصلة، قال مجلس المستوطنين في شمال الضفة الغربية يوم 24 تشرين الأول/ أكتوبر إنه قام بشكل مستقل بتوزيع أكثر من 300 قطعة سلاح للمستوطنين.